رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فتحى غانم يكتب: طه حسين يبحث عن خاتم سليمان

فيتو

في مجلة صباح الخير عام 1957 كتب الكاتب الصحفى فتحى غانم مقالا عن الدكتور طه حسين قال فيه: سمع طه حسين عن الجامعة المصرية حيث يذهب إليها طلبة يلبسون الطربوش ويتحدثون بلغة مهذبة رقيقة، ويتعلمون لغات أجنبية منها الفرنسية، وسمع عن بعثات الطلبة إلى فرنسا فلم يعد يحتمل حياة الأزهر ولا الدراسة فيه.


إنه يريد العلم الذي ينجيه من الفقر ويرفع مستواه ويدفع به إلى صفوف ناس مهذبين فيهم رقة تحول بينهم وبين أن يصيح أحدهم فيه بكلمة قاسية مريرة ويقول «يا أعمى».

يقول طه حسين: تغيرت حياتى في ثلاثة أيام تغيرا كاملا حين انتسبت إلى الجامعة، فأصبح المساء للجامعة والنهار لدار الكتب وكنت آكل الطعام المطبوخ مرتين في الأسبوع.

هكذا عرف طه حسين اثنين من رجال السياسة والأدب والصحافة هما أحمد لطفى السيد وعبد العزيز جاويش.. الأول من رجال حزب الأمة والثانى من الحزب الوطنى، وهما نقيضان.. لطفى السيد معتدل يؤثر العقل على العاطفة والاتزان على التهور، والثانى متحمس عاطفى مندفع.

وكان هناك صراع بين الاثنين للتأثير على طه حسين انتهى بانتصار لطفى السيد، ففى دار الجريدة التي يحررها لطفى السيد تعرف طه على المفكرين الشبان أمثال محمود عزمى وهيكل ونبوية موسى وكامل البندارى.

حضر معه صالون الأديبة مى زيادة واستمع إلى آراء لطفى السيد في السياسة المصرية التي تمثل وجهة نظر الأعيان أعضاء حزب الأمة الذي تحول إلى حزب الأحرار الدستوريين وتتلخص أفكاره في مهادنة الإنجليز وانصراف المصريين إلى التعليم الذي يمنحهم العزة والكرامة حتى يقتنع الإنجليز أن المصريين متمدينون لا ينبغى استعمارهم.

أما جاويش فكان يرى محاربة الإنجليز وعدم مهادنتهم مطالبا بالجلاء قبل المفاوضة، كان جاويش يحث طه على مهاجمة سعد زغلول الإنجليز، وشيوخ الأزهر لتعاونهم مع الإنجليز، وكان لطفى لا يعجبه هذا الهجوم ويرى أن طه يجب أن يعد نفسه ليكون أديبا كبيرا حتى إنه كان يسميه فولتير مصر المستقبل.

لكن جاويش هو الذي أكد فكرة السفر في قلب وعقل طه وشجعه على دراسة الفرنسية وزكاه لطفى السيد عند المسئولين للسفر إلى فرنسا.

سافر طه عام 1914 على مركب حقير اسمها أصبهان إلى فرنسا للدراسة ثم عاد ليرى ثورة 1919 اجتاحت مصر وكان قد تزوج من فرنسية مثقفة وآمن بالعلم أساسا لكل شيء في الحياة، والعلم عنده هو علم أوروبا والمدنية مدنية أوروبا والعقل المصرى يجب أن يكون قطعة من عقل أوروبا.

إن العلم الذي حصل عليه طه هو خاتم سليمان الذي كان يبحث عنه وهو صبى صغير ليكتشف به العالم ويحصل على حياة أكرم، وقد استطاع تحقيق المعجزة.
Advertisements
الجريدة الرسمية