رئيس التحرير
عصام كامل

لم شمل تحالف ٣٠ يونيو


كان مشهد ٣٠ يونيو منذ ستة سنوات بهيا ومبشرا بعودة الوعي للأمة المصرية في حياة سياسية ناضجة، وكانت الفرصة التاريخية لتشكيل حزب مصري حقيقي يعبر عن الأغلبية على طريقة نشأة حزب الوفد، وبالفعل تشكلت ائتلافات واتحادات وأحزاب باسم ٣٠ يونيو، ولكن لم يكتب لها البقاء، وضاعت الفرصة كما ضاعت مثلها عشرات الفرص التي أتيحت لهذه الامة في رسم وهندسة حياة سياسية طبيعية في النمو من الشارع..


ذلك أن من خرجوا للشوارع والميادين في ذلك اليوم كانوا يشكلون بحق كل الأمة المصرية من النوبة لمطروح، من الشباب والنساء والشيوخ المسلمين والمسيحيين استشعروا الخطر على الدولة المصرية، وما بين 26 يونيو و3 يوليو 2013، هناك سبعة أيام سيتذكرها التاريخ، ساهمت في تغيير وجه مصر، وأسفرت عن الإطاحة بجماعة مرَّ على تأسيسها 87 عامًا..

كما شهدت أيامًا اشتعل فيها غضب الجماهير، وتهديد من الرئيس، ولكن في النهاية تحققت إرادة الملايين في سطر مستقبل جديد للبلاد. وفِي يوم ٢٧ خرج البرادعى يلقي بيان جبهة الإنقاذ ردًا على خطاب مرسي، قبلها بيوم جاء فيه "الرئيس عكس عجزًا واضحًا عن الإقرار بالواقع الصعب الذي تعيشه مصر بسبب فشله في إدارة شئون البلاد منذ أن تولى منصبه، وتمسكت الجبهة بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة".

وأكدت ثقتها في أن جماهير الشعب ستخرج بالملايين في مظاهرات سلمية تملأ جميع ميادين وشوارع مصر، في 30 يونيو لتأكيد إرادة الشعب وتشكيل حكومة قوية تهتم أساسًا بملفي الاقتصاد والأمن والعدالة الاجتماعية، ولجنة لإعادة صياغة الدستور، وإصدار قوانين للعدالة الانتقالية. وقبلها كانت حركة تمرد قد جمعت ٢٢ مليون توقيع لإزاحة الإخوان وهكذا كان يوم ٣٠ يونيو يوما لإرادة الأمة المصرية، شكل تحالفا عريضا من كل فئات مصر وفِي أول يوليو أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا يمهل القوى السياسية 48 ساعة لتحمل أعباء الظرف التاريخي.

وذكر البيان أنه في حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل، وإجراءات تشرف على تنفيذها. وهكذا استجابت القوات المسلحة لإرادة الشعب لتقف جماعة الإخوان وحدها معزولة..

والأمر المؤكد إنه لولا الملايين التي نزلت في الشوارع في مواجهة الإخوان، ولولا إجماع القوى المدنية على ضرورة إسقاط حكمهم لما استطاع وزير الدفاع، في ذلك الوقت، عبدالفتاح السيسي، تحريك قواته في الشوارع والسيطرة على المواقع الحيوية ثم إلقاء بيانه الشهير في 3 يوليو بحضور رموز من القوى المدنية والدينية بعد انتهاء المهلة التي منحتها القوات المسلحة للقوى السياسية، في التاسعة مساءً، وبعد لقاء مع قوى سياسية ودينية وشبابية، أعلن وقتها وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، في بيان أذاعه التليفزيون الرسمي إنهاء حكم الرئيس محمد مرسي، وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

في الثالث من يوليو عام 2013، كان الجميع ينتظر بيان القوات المسلحة، الملايين في الشوارع تطالب بإسقاط حكم الإخوان، رافعين شعار"يسقط يسقط حكم المرشد" لعلمهم أن القرارات التي كان يتخذها مرسي خلال حكمه كانت من مكتب الإرشاد، ووضع بيان ٣ يوليو الأسس لحياة سياسية منضبطة..

مثل وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام، ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطنية، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكون شريكا في القرار، كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة، وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.

وازداد تفاؤل المصريين بعد أن استمعوا إلى كلمات من ذهب وجهها الرئيس المنتهية ولايته، المستشار عدلي منصور، لقاطن الاتحادية الجديد، نصائح من ذهب قدمها عدلي منصور للرئيس عبدالفتاح السيسي وهو يسلمه مقاليد السلطة، طالبه بالعدل، والاستعانة بالمخلصين من أبناء الوطن، ومحاربة الفساد والحكم من خلال التوافق ومرت الأيام وبقيت الأحوال السياسية على أوضاعها القديمة وربما ازدادت تدهورا ولا تزال الفرصة سانحة للم شمل تحالف ٣٠ يونيو لبناء حياة سياسية تليق بالحدث وبالأمة المصرية بمزيد من التسامح لرفاق تلك الثورة الحقيقية.
الجريدة الرسمية