رئيس التحرير
عصام كامل

شرفاء ولكن


من الألمعية الشعبية للعامية المصرية التي أدركت فجوة ومأزق مصطلح "الشرفاء" وجردته من قاموس اللغة المحترم الفخم إلى شارع الانحطاط والدناءة ليتحول إلى صيغة ساخرة. ووضعه الشارع المصري في فلك الأفيونة الجديدة التي غطت سماء البلد في احتكار صفة المواطنة الحقيقية في محبة الدولة. شرفاء ولكن وقد طفح على السطح كل من عَدَّى وغَنَّى وتَاجَرَ وقَايَضَ وقَبَضَ وخَرَّبَ!


التخريب نضج وبات ثماره في الشارع المصري على شكل هبوط حاد في النشاط الذهني والبدني عند الأغلبية الأفاقة من شرفاء التصيد والاستغلال والاستهبال، وذلك واضح في حالات التقليد والتكرار على نفس الوتيرة بمضغ اللبانة ذاتها مع كل حدث وكل صورة تريد أن تبثها الدولة لشعبها. والدولة بهذا المفهوم - دون أن تدري- تقدم الشرفاء إلى مذبح عدم الابتكار بالإضافة إلى تقزم الشرفاء ورخصهم وإسفافهم في تقديم البضاعة اليومية إلى الشعب.

التجبر والتكبر والتسلط كلها صفات تدور في إطار ما يطرحه إنتاج مهيمنات الشرفاء التي لا تجيد أصلا فن تعبئة وتغليف منتجها وتلبيسها للزبون، وفي كل الأحوال يهرب الزبون وتلبس الدولة ركاكة بضاعة "أونطة" الشرفاء.

والحق أقول هناك أسماء معروفة تبيع للمصريين الوهم وتلوّن الهواء باسم الدولة تحت لافتة الشرفاء، وتبرطع في أجران مصر المحروسة ليل نهار تحت سقف وسمع رجال الدولة. والنتيجة لا شيء تقدم ولا تحقق من خطة الشرفاء. والسبب لأنهم يعتمدون على منهج التدليس والترقيع والتلفيق الواضح على وجوههم وألسنتهم، وهذا ما يدركه أي طفل مصري "أراري"!

المواطن العادي الشريف بحق يتعثر كل يوم ولا يتذوق أي ثمار للدولة، فهل الدولة سمعت عنه، وهل شرفاؤها نقلوا صورته الحقيقية للدولة؟ فجوة كبيرة بين حلم الدولة وحلم المواطن، متى ندرك هذه الفجوة، ونعطي المواطن حقه في دولته، ومتى تخلع الدولة رداء الشرف المزيف عن بلهاء اللصوص المتسيدين والمتصدين تحت سقفها؟!

ويبقى القول الأخير والأمنية والحلم والعلم في تحرير بكارة العقل المصري، ويعود كما كان درة من يقوت فوق تاج الزمن آية مكنونة في النص القرآني، أي نعم فالعقل المصري هو من صنع لمصر حياة الأمان تلك الآية التي تغنى بها النص المقدس.

إذا تحقق العقل المصري، تحققت المواطنة والدولة. وسبل تحقيقه مجرد أمر مباشر لاستثمار الدولة في بناء الإنسان المصري وتسطير عقله بالحق والعلم والتنوير.

فلا تستهينوا بمكر (ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)..

الجريدة الرسمية