رئيس التحرير
عصام كامل

انقلاب إثيوبيا.. هل تورط أردوغان في اغتيال الفجر بإقليم أمهرة؟

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

تعيش إثيوبيا منذ فجر اليوم الأحد، ساعات عصيبة على خلفية محاولة انقلاب على رئيس الوزراء آبى أحمد علي، تورطت فيها أطراف مأجورة كما وصفها، شهدت المحاولة الانقلابية الثانية من نوعها على رأس السلطة الذي نجا من عملية اغتيال في مثل هذا التوقيت من العام الماضى إثر انفجار فاعلية تواجد بها.


وعادت هذه الأطراف إلى تكرار المحاولة بشكل أكثر دموية اليوم، بدأت الأنباء الواردة من بلاد الحبشة، عندما تحدث سكان في بحر دار عاصمة أمهرة عن سماع دوي إطلاق نار في بعض الأحياء، وأن بعض الطرق أُغلقت، بينما لم تتضح التفاصيل المتعلقة بالقتال.

ونقلت وكالة "رويترز" عن أحد سكان بحر دار قوله: إن "هناك إطلاق نار. الطرق المؤدية إلى المنطقة التي نسمع إطلاق النار فيها مغلقة".

ثم صرح متحدث باسم رئيس وزراء إثيوبيا، معلنا أن محاولة انقلاب تحدث ضد قيادة ولاية أمهرة.

وقال نيجوسو تيلاهون السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء الإثيوبي لمحطة "إي بي سي" التليفزيونية الرسمية: "وقعت محاولة انقلاب منظمة في بحر دار، لكنها فشلت".

وظهر أبي أحمد على التليفزيون الرسمي في زي عسكري، خلال وقت متأخر من السبت، وقال إن بعض المسؤولين في حكومة أمهرة كانوا في اجتماع، عندما وقعت محاولة انقلاب.

الجنرال الغامض
ذكر التليفزيون الرسمي الإثيوبي أن جنرالا بالجيش يقف وراء محاولة الانقلاب. وقالت وسائل الإعلام الرسمية أن الجنرال يدعى أسامنيو تسيجي، وكان يتولى منصب رئيس جهاز الأمن في ولاية أمهرة.

وقال العميد تفيرا مامو، قائد القوات الخاصة في أمهرة للتليفزيون الحكومي، الأحد، إن "معظم الأشخاص الذين قاموا بمحاولة الانقلاب تم اعتقالهم، رغم أن عددا قليلا منهم ما زالوا طلقاء".

وبينما اتهم الحزب الحاكم في أمهرة، في بيان مسئول أمني سابق أفرج عنه من السجن منذ تولي أبي الحكم، بإذكاء أعمال العنف في الولاية، تحدث صحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن رئيس المخابرات الحربية، الجنرال حسن إبراهيم، الذي يقال إنه قيد الحبس المنزلي، وهو الأمر الذي نفاه أنور إبراهيم.

وعاد بعد ساعات مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، للإعلان عن أن قائد الجيش لقي حتفه في إطلاق نار في أديس أبابا.
وتوفي الجنرال سياري ميكونين وضابط آخر لدى تدخلهم لمنع محاولة انقلاب ضد الإدارة في منطقة أمهرة شمال إثيوبيا، حسبما قال رئيس الوزراء.

ونقلت وسائل إعلام عن متحدث باسم رئيس الوزراء أن الحارس الشخصي لرئيس أركان الجيش هو من أطلق عليه الرصاص.

كما قتل رئيس ولاية أمهرة ومستشاره خلال ما وصفته وسائل إعلام رسمية إثيوبية بمحاولة انقلاب فاشلة في الولاية.

وقال آبي إن قائد أركان الجيش، الجنرال سياري ميكونين، كان ضحية هجوم نفذه "مرتزقة"، دون أن يذكر تفاصيل أخرى.

عين على أمهرة
أمهرة واحدة من 9 ولايات تتحكم بالحكم الذاتي في البلاد، وتقع شمالا حيث تتمتع بحدود متاخمة مع السودان، وإقليم تغراي الذي هيمن على الحكم في إثيوبيا لعقود.

وتعد قومية "الأمهرية" ثاني أكبر عرقية في إثيوبيا، بعد قومية الأورومو التي تحتج منذ عشرات السنين على ما تقول إنه انتهاك لحقوقها وتمييز اقتصادي واجتماعي من قبل الحكومة.

هذه الأفضلية جعلت من الإقليم وجهة لتركيا عقب ثورات الربيع العربى التي ساهمت في تمددها بالقرن الأفريقي، خصوصا لوقوع الإقليم على حدود السودان الأمر الذي سهل على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عملية اختيار دعم الإقليم مقارنة بباقى الإقاليم الـ 9 في إثيوبيا في ظل وجود حليفها الرئيس السودانى المعزول عمر البشير على سدة الحكم في الخرطوم وقتها.

الدور التركى
ورغم أنّ إثيوبيا تضم عشرات ملايين المسلمين، غالبيتهم من جماعة أورومو، فإن تركيا فضّلت دعم السلطة في أقلية أمهرة، وهو ما دفع متظاهرين في إقليم الأورمو لمهاجمة استثمارات تركية في إثيوبيا، بسبب مصادرة الدولة لأراضيهم التي أُنشِأت عليها تلك المشاريع، وحطّموا مصنع نسيج تديره شركة "ساينج ديما" التركية في أكتوبر 2016.

ونجحت أنقرة في التغلغل داخل المؤسسة العسكرية الإثيوبية من خلال توقيع اتفاقية دفاع مشترك في مايو 2013، وتصديق البرلمان الإثيوبي عليها في مارس 2015، وتنصّ على تدعيم التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وتقديم تركيا دعمًا فنيًا ولوجستيًا لزيادة قدرات إثيوبيا العسكرية، ونقل التكنولوجيا الدفاعية، وتحديث الموجودات العسكرية لإثيوبيا، وإقامة تعاون متبادل بين شركات الصناعات الدفاعية. وجاء في إعلان البيان الختامي لاتفاقية الدفاع المشترك: “تركيا تنقل خبرتها في بناء السدود وتساعد في الدفاع عن السد النهضة ضد أي تهديد.

ومثل العام 2015 ذروة تتويج العلاقات للأتراك في بلاد الحبشة، بزيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، في عهد رئيس الوزراء السابق هايلة ريم ديسليجنه.

خسارة الحليف

وبدأ النفوذ التركى في إثيوبيا بشكل خاص والقرن الأفريقى بشكل عام مع وصول انتخاب رئيس الوزراء الإثيوبى الحالي آبى أحمد، في مارس 2018، وقام الوجه الإصلاحى بتحسين العلاقات مع الدول العربية خصوصا مصر والإمارات والسعودية، ونجح خلال شهور قليلة في تحجيم النفوذ التركى والقطري داخل بلاده، وساهمت أبوظبى في ذلك بقوة من خلال وأجري الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى بزيارة دولة إلى أديس أبابا، عقب فوز آبى أحمد بمنصبه بـ 3 أشهر فقط ووقع هناك عدة اتفاقات رسخت الوجود العربى والإسلامى ومثلت الزيارة بناء سد ضد الوجود التركى والقطري.

تورط أردوغان
صحيح أن الأنباء الرسمية الواردة من إثيوبيا لم تشير حتى الآن إلى دور تركى أو قطري في محاولة الاغتيال السابقة والانقلاب الحالية، إلا أن مراقبين للمنطقة لا يستبعدون إمكانبة تورط أنقرة من خلال جنرالات يرون في إدارة آبى أحمد للدولة نهجا ضد مصالحهم علاوة على صراعات مسمومة تسهل الاختراق بهدف إرباك منطقة القرن الأفريقى والدفع بإثيوبيا في أتون صراع سياسي عسكري على غرار ما يحدث في السودان بطريقة كافية لتفجير القرن الأفريقى.
الجريدة الرسمية