رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

المركزي وقانون حماية البيانات الشخصية


رفضت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب طلب البنك المركزي استثناء القطاع المصرفي من الجهات الخاضعة لمشروع قانون حماية البيانات الشخصية المقدم من الحكومة، وأنا أؤيد تماما ذلك الرفض، وأظن أن هناك لبسا في الفهم لمشروع القانون من البنك المركزي..


فمشروع قانون حماية البيانات الشخصية لا يعني بأن يكون هناك من يطلع على هذه البيانات من أية جهة بزعم حماية البيانات، ولا أن تكون هذه البيانات متاحة لأية جهة خارج الجهة التي تحتوي عليها، وإنما يقوم القانون بتنظيم سرية هذه البيانات؛ بمعنى أنه يضع الآليات والمعايير التي تضمن هذه الحماية داخل الجهات الموجود فيها هذه البيانات، وبذلك يساعد القانون على رفع كفاءة حماية هذه البيانات دون أن تتدخل جهة فيها..

ولكن يبدو أن مسئولي البنك المركزي يظنون أن هذا القانون قد يكفل لجهة ما الاطلاع على بيانات العملاء السرية؛ ولذا كان طلب استثناء البنك والجهات التابعة له من هذا القانون، رغم أن القطاع المصرفي في العالم يخضع لحماية مضافة للبيانات لأنها بطبيعتها بيانات حساسة، ومشروع القانون فلسفته تنظيم حماية البيانات وليس وضع سرية على البيانات.

إذا القانون الذي يكفل وجود مركزا لحماية البيانات يؤكد أن مركز حماية البيانات لا دخل له بالبيانات التي بحوزة البنك أو أي جهة، بل مهمته التأكد من حماية تلك البيانات الشخصية وفقا لمشروع القانون للأفراد سواء في البنوك أو غيرها من الجهات المتعاملة مع البيانات، ولا يعني ذلك مصادرة حق البنك في الحصول على البيانات من العملاء والتعامل معها؛ لأن أي شخص يفتح حسابًا مصرفيًا يوافق على طلب إتاحة بياناته للبنك..

ومشروع القانون قائم على الموافقة الشخصية للأفراد لإتاحة بياناتهم. ويؤدي القانون إلى تشجيع وجذب الاستثمارات لتشجيع إقامة مراكز بيانات عملاقة في مصر في ظل توجه رئاسي أن تكون مصر ممرا رقميا عالميًا للبيانات حيث يمر من خلالها 18 كابلًا بحريًا وتعد الدولة الثانية التي يمر منها الكابلات، وتحتاج إلى إقامة مراكز لوجيستية ويكون لها قيمة مضافة.

والاستثناء الذي طالب به البنك المركزي يفرغ القانون من مضمونه، ويجعله بلا قيمة، ويمثل عدم استيعاب لفلسفة حماية البيانات الشخصية التي تعد حقًا أصيلًا للمواطن، وكان "طارق عامر" محافظ البنك المركزي أرسل خطابا لمجلس النواب، طالب فيه بعدم خضوع بيانات الجهات المصرفية لأحكام هذا القانون حرصا على عدم تداخل البيانات..

وذكر أن مفهوم البيانات الشخصية في تطبيق أحكام قانون حماية البيانات الشخصية المعروض أمام البرلمان يشمل أي بيانات متعلقة بشخص طبيعي محدد أو قابل للتحديد، بما في ذلك بيانات عملاء البنوك، والذي بموجبه تلتزم البنوك بالحصول على ترخيص من مركز حماية البيانات الشخصية المزمع إنشاؤه حتى تتمكن من الحصول على بيانات عملائها، وتخضع في مباشرة هذه المهمة لإشراف ورقابة هذا المركز، سواء من ناحية شروط مزاولة هذا النشاط، أو تحديد قيمة الرسوم الخاصة به، وتوقيع الجزاءات في حالة ارتكاب المخالفات.

وأكد الخطاب الرسمي، أنه حرصا على تفادي تداخل الاختصاصات بين مركز حماية البيانات الشخصية، والبنك المركزي المصري، واتساقًا مع أفضل الممارسات الدولية في هذا الشأن، يتعين إضافة بيانات عملاء الجهات الخاضعة لإشراف ورقابة البنك إلى البيانات التي لا تسري عليها أحكام قانون حماية البيانات الشخصية، وذلك أسوة بالبيانات التي يتم معالجتها للاستخدام الشخصي أو بغرض الحصول على البيانات الإحصائية الرسمية أو تطبيقًا لنص قانوني، أو للأغراض الإعلامية أو المتعلقة بمحاضر الضبط القضائي والتحقيقات والدعاوي القضائية، ولدي جهات الأمن القومي، مقترحًا أن يتم إضافة بند برقم (6) إلى المادة الثانية من مواد الإصدار والخاصة بعدم سريان أحكام القانون، لتشمل البيانات الشخصية لدى البنك المركزي المصري والجهات الخاضعة لإشرافه.

وأشار الخطاب إلى أن ذلك يأتي في ضوء أن حصول البنوك على البيانات الشخصية لعملائها هو شرط أساسي لتقديم الخدمات المصرفية طبقًا لأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، وقانون مكافحة غسل الأموال، كما أوجب المشرع أن يتبادل البنك المركزي مع البنوك وشركات الاستعلام والتصنيف الائتماني المعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية العملاء والتسهيلات الائتمائية، بهدف سلامة تقديم الائتمان، واضفي حماية خاصة إدارية ومدنية وجنائية على البيانات الشخصية لعملاء البنوك طبقًا لمبدأ السرية المصرفية، الذي يعد من أهم ركائز العمل المصرفي، وذلك تحت إشراف البنك المركزي المصري طبقا لاختصاصاته الدستورية بالمادة 220.

والغريب أن البنك المركزي الذي يطلب الاستثناء الآن لم يسجل أي اعتراض خلال السنة ونصف التي استغرقت إعداد القانون سواء في اجتماعات بوزارة العدل، أو مجلس الوزراء، أو حينما وصل للبرلمان وحضر ممثلون عنه للجلسات، وبالتالي كان موقف لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب صحيحا سليما برفض الاستثناء الذي طالب به محافظ البنك المركزي.
Advertisements
الجريدة الرسمية