رئيس التحرير
عصام كامل

حدود مسئولية «الرئيس» عن أعمال مرؤوسيه


مناط المسئولية التأديبية هي إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجابا أو سلبًا أو إتيانه عملا من الأعمال المحرمة، صدور الفعل المكون للمخالفة عن إرادة آثمة إيجابًا أو سلبًا، والإرادة الآثمة في مجال التأديب لا تعني العمد بل يكفي لتوافرها الاتجاه إلى عدم مراعاة الدقة والحرص أي مجرد الخطأ ولو وقع بغير عمد.


والمستقر عليه أن المخالفة التأديبية ليست فقط إخلال العامل بواجبات وظيفته وما تقتضيه هذه الواجبات من احترام للرؤساء وطاعتهم، بل كذلك تنهض المخالفة التأديبية كلما سلك العامل سلوكًا معيبًا ينطوي على إخلال بكرامة الوظيفة أو لا يستقيم مع ما تفرضه عليه من استقامة.

واستقرت أحكام القضاء الباتة على أن يسأل الرئيس الإداري عن سوء ممارسة مسئولياته الرئاسية، خاصة الإشراف والمتابعة والتنسيق بين أعمال مرؤوسيه في حدود القوانين واللوائح والتعليمات بما يكفل حسن سير المرفق الذي يخدمه.

كما أن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن المحكمة التأديبية إنما تستمد الدليل الذي تقيم عليه قضاءها من الوقائع التي تطمئن إليها دون معقب عليها في هذا الشأن، ما دام هذا الاقتناع قائمًا على أصول موجودة وغير منتزعة من أصول لا تنتجه.

ووجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم من المتهم بشرط أن يقوم هذا الثبوت مستندًا على أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة يقينًا على ارتكاب المتهم للفعل المنسوب إليه، هو من المبادئ العامة الأساسية في المسئولية العقابية سواء كانت جنائية أو مدنية.

ولا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة تأسيسا على أدلة مشكوك في صحتها أو في دلالتها، وإلا كانت تلك الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون، مفرغة من ثبات اليقين– لأن الأصل في هذا الشأن طبقا لصريح نص الدستور البراءة ما لم يثبت إدانة المتهم، فإذا شاب الشك وقوع الفعل أو نسبته إلى متهم معين تعين تفسير الشك لصالحه، وظل أمره على الأصل الطبيعي وهو البراءة.

نعلم ويعلم كافة رجال القانون أن تحديد مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية ليس معناه تحميله بكل المخالفات التي تقع من مرؤوسيه، لأنه ليس مطلوبًا من الرئيس أن يحل محل كل مرؤوس في أداء واجباته الوظيفية، لتعارض ذلك مع طبيعة العمل الإداري واستحالة الحلول الكامل محل جميع الرؤساء.

وإذا كان من واجبات رئيس العمل أن يتابع أعمال معاونيه للتحقق من دوام سير العمل بانتظام، إلا أنه ليس مطلوبا منه أن يحيط بكل وقائع العمل الذي يقوم به كل منهم –أساس ذلك– أن المشرع السماوي لا يكلف نفسا إلا وسعها، فإن المشرع الوضعي لا يجوز أن يحمل العامل ما يخرج عن حدود طاقته فيسأله عن كل خطأ وقع من أحد مرؤوسيه.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية