رئيس التحرير
عصام كامل

نواب الرئيس السيسي


هناك تكهنات بإجراء تغييرات وزارية وربما يصاحبها تعيين نائب أو أكثر للرئيس بعد أن منحته التعديلات الدستورية الأخيرة هذا الحق حصريا في التعيين والإقالة، وقد بدأت ماكينة الشائعات في ترشيح الكثير من الأسماء، وإن كان ذلك مقبولا في التغييرات الوزارية فإنه ليس من الملائم في مسألة نائب الرئيس.


لأنه بمنزلة مساعد للرئيس، حتى أن مجلس النواب ليس له دور في ذلك، وأن الرئيس هو وحده من يُعين نائبًا له أو يقيله، خاصة وأنه يؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس، غير أن الخطوة المنطقية بعد اختيار النائب أو النواب هل سيستمر مساعدو رئيس الجمهورية، أصحاب المهام الاستشارية والشكلية فقط، مثل شريف إسماعيل، مساعد الرئيس لشؤون المشاريع القومية، واللواء أحمد جمال الدين، مساعد الرئيس للأمن القومي، ووزير الدفاع السابق صدقي صبحي، ووزيري الداخلية السابقين، مجدي عبد الغفار، ومحمد إبراهيم.

أم ستنتهي وظيفة ومهمة مساعد الرئيس، حتى لايحدث ازدواجا وتداخلا في الاختصاصات، خاصة وأن تجربة نائب الرئيس لم تترك أي تراكم يمكن البناء عليه، ويعتبر حسني مبارك هو آخر نائب حقيقي للرئيس.. إذا اعتبرنا أن عمر سليمان جاء في ظروف خاصة لمدة أيام معدودة. ولم تكن هناك فرصة ليباشر عمله كنائب للرئيس. وإذا اعتبرنا أن المستشار محمود مكي لم يعمل سوى عدة أسابيع نائبا للرئيس في عهد الإخوان، وسرعان ماقدم استقالته.

ولهذا فإن تجربة نائب الرئيس منذ تغيير نظام الحكم إلى النظام الجمهوري الرئاسي طبقًا للإعلان الدستوري الصادر عن في 18 يونيو 1953. شغل هذا المنصب تسعة عشر شخصية مختلفة، كان منهم أربعة سوريين، وذلك منذ ورد أول نص على هذا المنصب بالدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة الصادر في 13 مارس 1958.

خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر كانت تعيينات نواب رئيس الجمهورية تعلن في أغلب الأوقات مع إعلان التشكيلات الوزارية، إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي صدرت لها قرارات تعيين منفصلة، وأحيانًا كان قرار التشكيل المعلن يذكر منصب "نائب الرئيس" دون أن يحدد ما إذا كان نائبًا لرئيس الجمهورية أو نائبًا لرئيس الوزراء.

وخلال عهد الرئيس أنور السادات صدرت قرارات تعيين نواب رئيس الجمهورية في أغلب الحالات منفصلة عن قرارات التشكيلات الوزارية. أما في عهد الرئيس حسني مبارك فقد ظل منصب نائب رئيس الجمهورية شاغرًا حتى اندلاع أحداث ثورة 25 يناير التي طالبت بإصلاحات سياسية واقتصادية، فصدر القرار بتعيين اللواء عمر سليمان نائبًا لرئيس الجمهورية واستمر النص على وجود المنصب مع استمرار العمل بدستور 1971 حتى تم تعطيله بالإعلان الدستوري الصادر في 13 فبراير 2011.

وبعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 19 مارس 2011 وصدورها في 30 مارس 2011 استمر النص على منصب نائب رئيس الجمهورية، ولكن على أن يكون تعيينه وجوبيًا. وذلك حتى تم الاستفتاء على دستور 2012 الذي لم يرد به نص يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين نواب..

ومع الاستفتاء على دستور مصر في ٢٠١٤ استمر عدم ورود نص يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين نواب، ثم جاءت التعديلات الدستورية الأخيرة وأعطت رئيس الجمهورية أن يعين نائبًا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم في بعض اختصاصاته، وأن يعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالتهم.

وإذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، حل محله نائب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر حلوله محله. وإذا حل محل رئيس الجمهورية لأي سبب لايجوز له الترشح للرئاسة وفقا التعديلات في المادة 160.

والأمر هكذا حان الوقت لوجود هذا المنصب في مصر وخاصة في ظل المجهود الضخم الذي تقوم به مؤسسة الرئاسة، وربما تكون أهم وظيفة للنائب متابعة المشروعات، وتنفيذ الاقتراحات والتعليمات الرئاسية، وربما يكون هناك أكثر من نائب بشرط الفصل في اختصاصاتهم، وربما يكون من بينهم سيدة في أول تجربة لمصر، خاصة وأن المرأة المصرية كانت حاضرة في المشهد الوطني، وعند الأزمات، وكانت هي التي حفظت هذا البلد من السقوط..

وهكذا فإن منصب نائب الرئيس ضرورة، فالنظام الأمريكي يجعله رئيسًا لمجلس الشيوخ في ذات الوقت، ولأننا نريده في مصر متفرغًا لمهامه غير متطلع، فمن الأفضل جعل ذلك المنصب بعيدًا عن التيارات والأهواء، يعمل لخدمة الوطن ومعاونة الرئيس وتسيير أمور الدولة وحل التعقيدات الموروثة منذ سنوات.
الجريدة الرسمية