رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

جامعة الدلتا والوزيرة والمحافظون الثلاثة!


أحرص على قراءة مقالات الكاتب والصديق "محمد السيد صالح" في "المصري اليوم"، ومقاله أمس تناول أزمة جامعة الدلتا مع محافظة الدقهلية، وأشاد بموقف المحافظ الحالي والسابق والأسبق، ولأنني كنت وما زلت داعما لموقف الجامعة في أزمتها، وكتبت عنها كثيرا وقررت غلق الموضوع بعد إعلان التسوية، ولكن المقال فيه مغالطات كثيرة جعلتني أضطر للكتابة توضيحا للحقائق..


لأنني أعلم أن أصحاب المشكلة لن يدافعوا عن أنفسهم، ولن يدافع عنهم أحد، كما أنني مستفيد من تشجيع الاستثمار الذي يعتبر قضية حياة أو موت، وسوف أختلف مع صديقي العزيز اختلافا لا يفسد ما بيننا من احترام.

بداية يجب تقدير المجهود الكبير الذي بذلته د سحر نصر وزيرة الاستثمار في سعيها على مدار سنتين وأكثر لحل هذه المشكلة، وأيضا المستشار محمد عبدالوهاب نائب رئيس هيئة الاستثمار من أجل تنفيذ القرارات الوزارية للجنة فض المنازعات الاستثمارية والمعتمدة من مجلس الوزراء، بأحقية جامعة الدلتا في تملك أرضها بسعر 305 جنيهات للمتر، ولكن للأسف الشديد لا الوزيرة ولا المستشار لهما السلطة على المحافظين لتنفيذ القرارات، وهذه مشكلة كبيرة تتسبب في ضياع وتعطيل استثمارات بمئات المليارات تستطيع حل مشاكلنا المزمنة في البطالة والإنتاج.

"صالح" أكد أنه يعلم جيدًا كيف باعت الحكومة أراضي صحراوية على أطراف العاصمة الإدارية بمبالغ خيالية لأصحاب جامعات خاصة وفروع أجنبية، ومن غير المنطقى أن يتم الاستثناء لجامعة خاصة وبأراض ساحلية. وهذا الكلام غير صحيح على الإطلاق لأن الجامعة الأمريكية اشترت أرضها بسعر جنيه واحد للمتر وبالمرافق في شارع التسعين بالتجمع، والألمانية بـ 130 جنيها للمتر بالمرافق بالتجمع، والبريطانية المتر بـ 90 بالمرافق في الشروق، وجامعتي أكتوبر ومصر للعلوم 70 بالمرافق في أكتوبر، وهناك جامعات أخرى أنشئت بعد جامعة الدلتا بسبع سنوات تملكت أرضها بـ 300 جنيه بالمرافق، وحتى في العاصمة الإدارية المتر للجامعات بـ 1500 جنيه بالمرافق.

فكيف إذًا يصبح سعر المتر في جمصة بعشرة آلاف جنيه!؟

لا أمانع في حصول الجامعات على الأرض بمبالغ زهيدة بل أتمنى أن تمنحها الدولة لهم مجانا وللمشروعات الجادة بشرط توفير فرص عمل وإنتاج سلع إستراتيجية، ولكن لماذا كل الجامعات تمتلك أرضها إلا جامعة الدلتا بالذات "حق انتفاع"؟ ولماذا يفرض على أصحابها تسوية ظالمة؟ ويجبرون على عدم استخدام حقهم الطبيعي في اللجوء للقضاء؟ لن تجد إجابة.

"صالح" يثني في مقاله على موقف المحافظين الثلاثة، ويقول إن أزمة جامعة الدلتا كانت السبب في إقالة المحافظ الأسبق وهذا عار تماما عن الصحة، لأن أصحاب الجامعة لو يستطيعون إقالة المحافظين فمن باب أولى استغلال نفوذهم في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء والحصول على حقهم المشروع.

الذي يستحق الشكر في هذه الأزمة هو فقط وزيرة الاستثمار ونائب رئيس هيئة الاستثمار وأصحاب الجامعة الذين ارتضوا بهذا الاتفاق الظالم وتنازلوا عن حقوقهم.

المشكلة الحقيقية أن الزملاء الذين تناولوا هذا الموضوع ينظرون إلى مباني الجامعة الفخيمة حاليا، وهم يعلمون أن أرضها كانت مقلبا للقمامة وفي منطقة صحراء قاحلة لا تساوي وقتها "مليما"، والمحافظ الذي خصصها كان هدفه تعجيز أصحابها وإحباطهم وإثنائهم عن المشروع، ولكن بإصرارهم وعزيمة الرجال استطاعوا تحويل الخراب إلى عمار، والصحراء الجرداء إلى جنة خضراء ومفخرة علمية ساهمت في توفير آلاف فرص العمل والتعلم لأبناء الدلتا، وانقاذهم من معاناة وتكاليف التعليم والإقامة في القاهرة.

ما حدث مع جامعة الدلتا نموذجا لتدمير الاستثمار في المحليات، وطرد للمستثمرين من المحافظات، ويساعد في زيادة البطالة وقلة الإنتاج، وبالتالي ارتفاع الهجرة من الأقاليم إلى القاهرة سواء هجرة المستثمرين أو العاطلين، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة للقضاء على الفقر وتوزيع معدلات التنمية في كل المحافظات.

خلال حكم الرئيس السيسي الدولة حققت طفرة كبيرة في البنية الأساسية، وانفقت عليها أموالا طائلة، كما أصدرت القوانين المحفزة للاستثمار كل هذا بهدف إقامة مشروعات تنموية وإنتاجية ضخمة في ربوع البلاد، تسهم في حل مشاكلنا، ولكن للاسف جهود الرئيس قد تفشلها بعض العقول العقيمة في المحليات.

ختاما أتمنى أن يدرك مسئولينا أنه لا توجد لدينا أزمة أراضي، فأكثر من 90% من أرضنا مازلت صحراء، ولكن أزمتنا الطاحنة في البطالة والإنتاج، ولن تحل إلا من خلال تشجيع القطاع الخاص ومساندة المستثمرين الجادين.
وتحيا مصر
egypt1967@Yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية