رئيس التحرير
عصام كامل

طيار الرؤساء: رافقت السادات بالطائرة ليرى انتفاضة الخبز.. ومبارك عاقبني مرتين


  • طرت مع بوش الأب وميتران والأسد والقذافي وعرفات عندما جاءوا لمصر
  • الطيارون المصريون تعرضوا للظلم بنكسة يونيو والقوات الجوية لم تشترك بالمعركة
  • السادات كان وطنيا ورأيت دموعه عندما صلى العيد في العريش
  • لن أنسى الشهيد عصام التهامي الذي عرف ميعاد استشهاده وأهداني سلسلته الذهبية لتحفظني
  • رفضت دخول شارون كابينة الطائرة وقلت له: أنا الطيار الذي ضربك في الثغرة فاستشاط غضبا
  • الإسرائيليون لن يتركوا سيناء ويحاولون تدمير شبابنا بالمخدرات التي يسمحون بدخولها عبر الحدود

أجرت الحوار: نجوى يوسف
عدسة: وفاء حسن

الطيارون المصريون تعرضوا للظلم بنكسة يونيو 67 والقوات الجوية لم تشترك بالمعركة.. هكذا يؤكد اللواء طيار محمد أبو بكر حامد أحد أبطال القوات الجوية البواسل الذي أسقط أول طائرة فانتوم إسرائيلية في حرب الاستنزاف، ورفض دخول شارون كابينة الطائرة وقال له: أنا الطيار الذي ضربك في الثغرة. ثم التحق بسرب المواصلات لنقل الشخصيات المهمة حتى أصبح طيار الرؤساء. 
أبو بكر قال في حواره لـ"فيتو" بمناسبة ذكرى انتصار العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، الذي زلزل عرش المتغطرس الصهيوني وظن أنه سوف يهنأ بسيناء إلى الأبد بعد احتلالها "إنني أبعث برسالة إلى شباب مصر بهذه المناسبة العزيزة أن يحافظوا على وطنهم ولا ينساقوا وراء الشائعات فإسرائيل لن تتوقف عن محاولاتها احتلال سيناء مرة أخرى لأنهم يعتقدون أنها أرضهم وقد قالوا لي هذا بوضوح عندما زرت القدس مع الرئيس الراحل انور السادات في مباحثات السلام ورأيته في أعينهم عندما استلمنا العريش بعد تحريرها. 
وإلى نص الحوار:



*نود في البداية أن نتعرف أكثر على اللواء أبو بكر أو "طيار الرئيس"؟
أنا محمد أبو بكر حامد من مواليد 27 فبراير عام 46 بحدائق القبة وأصولي ترجع إلى تلا المنوفية، والدي كان موظفا بالزراعة وتجولت معه معظم محافظات مصر، تربيت في أسرة مصرية بسيطة حصلت على الثانوية العامة من مدرسة القبة الثانوية عام 63، والتحقت بكلية العلوم وفي العام الثاني قمت بسحب أوراقي وتقدمت للكلية البحرية لأنني أعشق العمل بالبحر، وبعد اجتياز الاختبارات بالكلية تم تحويلي للكلية الجوية؛ لأن اختباراتي الجسدية والنفسية تتوافق مع الكلية الجوية، وكان هذا اختيار ربنا، إلى أن عرفت فيما بعد أنه الاختيار الصحيح الذي يتناسب مع إمكانياتي.
تخرجت من الكلية يوم 1 يونيو 67 قبل الحرب بـ4 أيام وأخذنا إجازة لمدة أسبوعين ويوم 5 يونيو فوجئت بأصوات انفجارات وطائرات تحلق فوق منزل الرئيس عبد الناصر القريب من منزلنا بمنشبة البكاري فأسرعت على الكلية لانضمامي لزملائي، وكنت أعتقد أننا دخلنا الحرب وسندخل تل أبيب خلال ساعاتن كما كنا نسمع من تصريحات المسئولين وقتها، ولكنني في الطريق إلى بلبيس شاهدت كل المطارات مدمرة وألسنة اللهب حولت الطائرات إلى كتل من النيران فعلمت أن نتعرض للضرب.



• أنت شاهد عيان على نكسة 67 هل المسئولية تقع على القيادة أو القوات الجوية وقتها؟
طبعا وقتها الكل ظلم القوات الجوية والجيش المصري بمسئوليته عن الهزيمة، لكن الحقيقة غير هذا تماما، فالقوات الجوية لم تحارب ولم تشترك في المعركة يومها، لأنها لم يكن عندها أي إنذار بالهجوم وأنا سأشرح هذه النقطة لأنها فنية، المفروض أن الرادارات وأجهزة الإنذار تقوم بعملها من التقاط الأهداف المعادية وتحديد موقعها، فيقوم الطيار بالإقلاع من المطار، وخلال دقائق يتم الاشتباك، ولكن الطيران الإسرائيلي كان يحلق على مسافات قريبة من الأرض فلم تلتقطه الردارات الأرضية، ووصل إلى المطارات وضرب الممرات أولا ثم الطائرات، لأن الطائرات لا تستطيع الطيران على ممرات مقطوعة على الأقل لمسافة 1200 متر، وهو ما تسبب في شلل تحرك حتى الطائرات التي لم تصب في الغارة، ولكن الطيارين كانوا في وضع (أ) ومعناه درجة الاستعداد القصوي أي مرابط داخل طائرته.
يوم الحرب قمت بتسليم نفسي للقاعدة وبدأت تدريبي على الميج 17 وللأسف الشديد سر هزيمة 5 يونيو كانت سوء تقدير القيادة للعدو ولإمكانياتنا الفعلية على الدخول معه في حرب وهو ما قمنا بتلاشيه لبناء القوات المسلحة والقوات الجوية عقب حرب 67، فالطيارون المصريون ظلموا بالرغم من أن الكثير منهم حارب في هذا اليوم باستماتة، ومنهم الطيار مصطفى حافظ ونبيل رضوان ونبيل شكري وغيرهم وعدد كبير منهم استشهد داخل طائراته وهو على الأرض منتظرا أمر الإقلاع، والطيارون أيضا هم من قاموا بضرب تجمعات العدو يوم 14 و15 يونيو في سيناء، ولم يهابوا الموت رغم السيطرة الجوية للعدو وقتها.
وبعد الحرب بأيام جاء لنا الرئيس جمال عبد الناصر، واجتمع بكل الطيارين وكنت ضمنهم، وقال لن نتناقش في الهزيمة ما حدث قد حدث، ولكنني صعيدي ولا أترك ثأري أبدا وما أخذ بالقوة لا بد أن يسترد بالقوة، ولا تلتفتوا للمباحثات أو الاتفاقيات واستعدوا للحرب وزودوا في التدريبات حتى نتفوق عليهم.



*كيف كان استعداد القوات الجوية لدخول حرب أكتوبر المجيدة؟
القوات المسلحة بالكامل استوعبت الدرس وبدأنا ندرس أوجه القصور والقوة حتى نستعد لضرب العدو الإسرائيلي واسترداد أرضنا المحتلة فنحن في القوات الجوية أقسمنا على القرآن والإنجيل أننا لن ننام، وسنواصل الليل بالنهار في التدريب، وقد حصلت على فرقة القتال على طائرة الميج 21 المقاتله في شهرين بدلا من عام أنا وزملائي الدفعة 19 جوية، بالإضافة إلى فرقة صاعقة متقدمة لتحمل مصاعب الحياة والتغلب على العقبات،
وكان الطيار يتواجد في القاعدة من الساعة الرابعة فجرا حتى الثامنة مساء في التدريب والعمليات ثم ينام في استراحات بالمطار، ويأخذ إجازة عددا من الساعات كل شهر يطمئن على أهله ويعود لا يوجد في العالم كله طيارين يتحملوا هذا الضغط، فالطيار الإسرائيلي لا يعيش إلا في جو مكيف ويأخذ إجازة أسبوعية، بالإضافة إلى إجازة شهرية يسافر فيها إلى أمريكا للفسحة.
أنا حصلت على يوم فقط إجازة زواج وعندما ماتت بنتي وهي رضيعة لم أحصل على إجازة لدفنها، وزميلي الطيار محمد سالم ابنته سقطت من الدور الثالث ولم يأخذ إجازة لكي يطمئن عليها في المستشفى، كل هذا وأكثر قام به الطيارون المصريون للاستعداد لحرب أكتوبر.



*ما أهم البطولات التي قمت بها في حرب الاستنزاف؟
يوم 11 نوفمبر 69 كلفت أنا وزميلي البطل يحيى بدر بتدعيم اشتباك فوق جبل عتاقة بالسويس الساعة الثامنة صباحا كان المفروض أنني أكون شمال قائد التشكيل فأضرب وأطير يمين التشكيل وعندما وجدت الاشتباك انتهى عن طريق الدخان المتعرج حاولت الدوران وبدأت أحول من اليمين للشمال وجدت الضرب من حولي فأبلغت قائد التشكيل بالموقف وأثناء دوراني وجدت أربع طائرات حجمها كبير في مواجهتي ففكروا أنني سأضربهم ومن الخوف والهلع مني انفصلوا عن بعض وبقيت في مواجتهي الطائرة الرابعة وضربت عليها آخر صاروخ كان معي وأطلقته نحو الطائرة التي كنت أجهل طرازها في ذلك الوقت، وبعدت تجاه سيناء المحتلة وعدت لأن ذخيرتي نفدت وقمت بتغطية قائد التشكيل، وعدنا للقاعدة لمشاهدة فيلم الاشتباك، فوجدنا أن الطائرة إلى أصبتها انفجرت وتحولت إلى كتلة من اللهب بفضل الله وحده، وأنها كانت أول طائرة فانتوم قمنا بإسقاطها في حرب الاستنزاف، حيث كنا نحارب طائرات الميراج والإسكاي هوك والفانتوم كانت أول مرة تدخل معركة معنا، كان لي الشرف بتدمير إحداها وأعطاني قائدي وقتها إجازة يوما.



*هل شاركت في حرب أكتوبر ؟
قبل الحرب بعام ونصف تم إلحاقي بالكلية الجوية لتدريس الطيران للطلبة الخريجين وعلمت وقتها أن الحرب اقتربت بسبب الاهتمام الزائد بتدريب الطلبة وتخريج أعداد كبيرة للالتحاق بالقوات الجوية.
وعندما قامت الحرب كنت مدرسا بالكلية وطلبت الانضمام إلى الحرب، ولكنهم رفضوا لأنني لا بد من الحصول على دورة تدربيبة على الطائرة الميج 21، والوقت ليس مناسبا، وقال لي قائدي وقتها لو أحببت الاشتراك في الحرب فاشترك بطائرات الكلية التي تستخدمها في التدريب وبالفعل اشتركت بإحدى الطائرات النفاثة والسوخوي في ضرب الثغرة يوم 15 و16 أكتوبر وضربت شارون وحولنا جزءا كبيرا من احتياطي العدو إلى بركان من اللهب.



* أهم ذكرياتك عن حرب أكتوبر؟
لن أنسى أبدا تلقى خبر استشهاد زوج أختي الطيار سليمان ضيف الله، فأثناء الحرب كنا نأخذ إجازة 6 ساعات لرؤية أهلنا ونعود للحرب، وبالفعل نزلت يوم 16 وأنا في الطريق سمعت نبأ استشهاد زوج أختي الذي لم يمر عامان على زواجهما ورزقت منه بطفل رضيع، وعندما وصلت للمنزل سلمت عليها وعلى والدتي، وعندما سألتني عن زوجها قلت لها إنه بخير وأنا كلمته منذ ساعات، ويبعث لكم تحياته، كانت لحظات صعبة لا يتحملها بشر، ولكننا لازم نحارب وننتصر من أجل استرداد الأرض فهي أغلى من النفس والولد.
الموقف الثاني الشهيد أحمد التهامي زوج أخت الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي كان من أجمل الشباب الطيارين وقتها، عيناه زرقاوتان يمتلك سيارة حديثه، وكان دمه خفيفا طول الوقت يهزر ويضحك، وقبل استشهاده بأسبوعين بدأ يصلي ويقرأ القرآن وأصبح منضبطا لا يضحك ويهزر كعادته وليلة استشهاده عاد من إجازته الـ6 ساعات وظل يطرق باب غرفتي التي كنت أشاركه فيها هو وأحد الزملاء، وعندما فتحت له الباب وجدت وجهه مضيئا بشكل غريب سبحان الله، قال لي أنا سأستشهد بكرة فقلت له بلاش هزار أنا أريد النوم لأنني سأقاتل خلال ساعات اتركني أرتاح، "قالي يا بني آدم أنا سأستشهد بكرة"، وأخذ يكررها وأخذني إلى دولابه وقال لي الأفرول ده سلمه لأمي وقل لها متبكيش ابنك استشهد ومات بطل، والسجاير دي أعطها لأخويا توفيق، وقل له إني أحبه جدا، ويخلي باله من أمي وأختي زوجة الشهيد الرفاعي، فقلت له إبراهيم استشهد قال لي آه وأنا هاخد بثأره، وهقابله بكرة في الجنة، فقلت له بطل هبل يا أحمد وهزار قال لي دي حقيقة، وأنا في الطريق حلمت بالرسول صلى الله عليه وسلم، يقول لي أنا منتظرك بكرة نفطر سوا في الجنة.
فقلت في نفسي أكيد ده من صدمة سماعه لاستشهاد إبراهيم الرفاعي زوج أخته الذي كان يحبه ويعتبره أعز أصدقائه.
ونمنا والساعة الرابعة فجرا قمنا نصلي الفجر وبدأت أستعد لخروجي في أول طلعة يوم 21 لضرب الثغرة، فخلع سلسلته الذهبية وبها سورة قرآنية، وقال لي: البسها ربنا هيحفظك، وفعلا أخذتها منه، وخرجت وبعد ساعتين عدت وخلعتها لأردها له، قال لي خليها معك تحفظك، فقلت له خدها أنت لأنك خارج دلوقتي، تحفظك. قال لي أنا مش قلت لك إني سأستشهد! فقلت له بلاش تهريج ربنا هيحفظك إن شاء الله، وخرج لضرب القوات الإسرائيلية في الثغرة واستشهد، شعرت وقتها أن ربنا يختار الشهداء، ويُعرِّفهم بأنهم شهداء، ولكننا من حبنا لهم لا نصدقهم، وكان نبأ شهادة أحمد التهامي صعب عليَّ جدا.
وانتهت الحرب وانتقلت إلى سرب المواصلات ثم مواصلات الشخصيات المهمة.



*كنت طيارا لطائرة الرئاسة في عهد السادات أهم ذكرياتك عنه؟
السادات كان شخصية متواضعة ورئيس بطل عرفته كرئيس عندما زارنا أثناء حرب الاستنزاف عام 68 و70 و72 وعندما قلدني وسام الشجاعة بعد حرب أكتوبر، وكان نفسي أتصور معاه فأنا طرت معه عشرات المرات منذ مباحثات السلام في أسوان، كان كل مرة نذهب فيها وهو يضحك وأثناء عودته يكون حزينا وجهه مثقلا بالهموم بسبب مماطلة إسرائيل وأمريكا في تسليمه سيناء، وسافرت معه إلى إسرائيل وإلى تل أبيب، ومن أهم ذكرياتي في هذه الزيارة طلبت من اليهود أثناء استراحتي وانشغال الوفد بالمفاوضات أن أصلي في المسجد الأقصى فأخذوني لمسجد قبة الصخرة، وقالوا إن هذا هو المسجد الأقصى لأنهم عازمون على هدمه ومحوه، ولا يكون له ذكرى في الصور، وأثناء زيارتي التقيت بعرب 48 الذين رحبوا بي وهنئوني على النصر في أكتوبر، وذكرت لهم أنني كنت مشاركا في الحرب وسألتهم كيف تحتملون العيش مع اليهود وهما مغتصبون لأرضكم قالوا يا  ريتنا زيكم يا مصريين نقدر نجمع شملنا وساعتها نقدر نحارب إسرائيل ولكن العدو نجح في هزيمتنا بسبب الفرقة بيننا، ولكننا نتوجه لكم بتحذير، فاليهود لن ينسوا أبدا العلقة الساخنة التي ضربها الجيش المصري لهم وسوف يحاربونكم بطرق جديدة وحديثة لأنهم يدعون أن سيناء أرض الميعاد فهي الأرض المقدسة التي كلم عليها ربنا سيدنا موسى.
ومنذ عودتي من هذه الرحلة وأنا خائف فالحرب مستمرة، ولكنها ليست حربا شريفة، مثل إدخال المخدرات وحرب الشائعات وبث الأفكار الهدامة عند الشباب.
ومن الذكريات التي لا أنساها مع السادات عندما استلم العريش، وذهب لصلاة العيد هناك، ورأيت الدموع في عينيه أثناء السجود، وعندما سألت سكرتيره قال لي دي دموع الفرح بعد كل الحروب، ثم المفاوضات، عادت سيناء حرة مرة أخرى، كما طرت معه عام 77 في انتفاضة الشعب لكي يرى المظاهرات التي خرجت من أجل رفع جزء من الدعم، وكان حزينا أن الشعب لا يفهم الإصلاحات الاقنصادية التي يريد تنفيذها من أجل استقرار البلد.



*عملت أيضا طيارا مع مبارك.. كيف تراه إنسانيا؟
بصراحة كلامي عن مبارك لن يعجب ناس كتير، ولكن هذه شهادة حق المفروض أقولها، مبارك أعطاني مرتين جزاء في حياتي أول مرة وأنا مع زوجتي في نادي الطيارين كان بمناسبة الاحتفال بذكرى 23 يوليو، وقال لي: أنت جاي تحتفل وتسيب التدريبات للحرب! والمرة الثانية عندما جاء إلى قاعدتي الجوية عام 75 ليهنئ الطيارين بالنصر ويشكرهم وسأل كم شهيدا من القاعدة استشهد في الحرب فذكر قائد التشكيل اثنين فقط هم الذين استشهدوا، فرديت أنا وقلت إن الطيار هاني حسن استشهد أيضا أي ثلاثة طيارين. فرد قائد التشكيل وقال: هاني لا زال مفقودا ولم يستشهد، فقلت له أنا شفت بعيني طائرته انفجرت أمامي في إحدى معارك الثغرة واستشهد، فأعطاني مبارك وقتها -وكان يشغل قائد القوات الجوية- جزاء محترما، وهو حرماني من الطيران، ونقلي إلى الغردقة ضابطا عاملا.
وبعد 5 شهور عدت وطلبت من سكرتيره مقابلته، وعندما دخلت عليه وجدته يتذكرني ويتذكر اسمي، وطلبت منه العودة للطيران فوافق.
أهم الطلعات مع مبارك كانت عندما طلب مني الذهاب إلى أسيوط، فقلت له الجو لا يسمح بالرؤية، وبعد ساعتين في استراحة كبار الزوار جاءني وقال: عاوزك تطلع بي على مطار الغردقة، وكانت كارثة أن طائرة الحرس سبقت على أسيوط، ولا توجد حراسة معنا، وهو قال لي لا تبلغ أحدا أني متجه إلى الغردقة، وبالفعل طرنا، وعندما وصلنا أخبرت برج المراقبة أن معي وكلاء من وزارة الصحة، وكانت المفاجأة عندما استقبله بعض العاملين بالمطار تسمروا في أماكنهم وكأنهم يحلمون، وأنزل سائق عربة الحرس وأخذ وزيرة التأمينات الاجتماعية وقتها وقام بقيادة السيارة بنفسه في جولة عاد منها بعد نصف ساعة وعلامات الغضب على وجهه.
وقال لي: اطلع على أسيوط، واستغرقت زيارته ساعة فقط، وأثناء العودة كان غاضبا، ويقول أروح الغردقة أجد كل المسئولين في أجازة عشان ميعرفوش إني جاي ومحدش مدور المحافظة؟! أروح أسيوط ألاقي الكل في انتظاري وجايبين منتجات محافظات تانية يضحكوا بيها عليَّ.
وأيضا من ذكرياتي الكثيرة مع مبارك عندما ذهبنا إلى توصيل ياسر عرفات ليستلم رئاسة فلسطين، وقلت لمبارك أنا عندي حل لمشكلة سيناء، فقال لي أنت تعرف إيه عن التخطيط؟! وعموما قولي إيه هو الحل قلت أن نقوم بزراعتها وملئها بالشباب بإعطاء كل واحد من الذين يخدمون بالجيش في سيناء عقب خروجهم 10 فدادين يقومون بزراعتها وإصلاحها، خصوصا وأنا أرى منطقة بئر العبد تصلح للزراعة بالكامل، وقام برؤيتها وعرض المشروع على حكومة الجنزوري، ومن وقتها لم يحل المشكلة أحد.

* أهم الروساء الذين قمت بالطيران معهم؟
غالبا انا طرت مع كل الرؤساء الذين حضروا إلى مصر مثل الرئيس جورج بوش الأب والرئيس فرانسوا ميتيران والرئيس حافظ الأسد والقذافي وياسر عرفات وعيزرا وايزمان وغيرهم من الرؤساء وأيضا رؤساء الوزارة والوزراء فالطائرة كانت طائرة الرئاسة والشخصيات المهمة.
أما أهم شخصية طرت معها شارون عندما جاء إلى مصر طلب يطلع جولة ليرى نهر النيل، وطلب أن يجلس بجانبي فرفضت، وقلت للمضيفة أبلغيه برفضي، وطلب هذا الطلب 3 مرات وأنا أرفض، وفجأة وجدته أمامي داخل حجرة القيادة وطلب التواجد فسألته هل رأيت هذا الوجه من قبل فأجابني لا. فقلت له أنا الطيار اللي ضربتك في الثغرة أثناء حرب أكتوبر، فاستنكر كلامي، وطرت به إلى الإسماعيلية، وشاورت له على موقعه أثناء الثغرة عندما ضربته، فاغمق وجهه ونزل من الطائرة وهو غاضب مني، ولكنني كنت أكرهه وعبرت عن كرهي له عمليا.

الجريدة الرسمية