رئيس التحرير
عصام كامل

رمضانيات (2)


يحل شهر رمضان كعادته كريما فضيلا، وما زلنا بحاجة إلى مزيد من البحث بشأن أهداف وفوائد الصوم، وأقصد بالبحث هنا تلك القيم الروحية السامية التي بتنا نفتقدها في تعاملاتنا اليومية.


إن فريضة الصيام في حد ذاتها ليس مقصودا بها التجويع أو الإرهاق، كما قد يتصور قليلو الفهم، بل إنها الفضيلة الكبرى في فرض الرقي الروحي منهجا للحياة، وسبيلا إلى النبل الأخلاقي، والتعرف على حقيقة الطمع وما قد يعلق بالنفس من رزائل... إن الصوم باختصار مجرد مدرسة للتعليم والتطبيق العملي في آن واحد، وإذا كانت مقاصد الشريعة الخمس هي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال؛ فإن الصوم يظلل على كل تلك الأهداف بفضائله وأسبابه، ونتائجه..

ولست بصدد تناول الصوم من حيث فوائده الطبية التي أثبتتها دراسات علمية مستفيضة في كبريات المؤسسات الطبية الدولية، فعرضها يحتاج كتابا كبيرا، وإن كنت أذكر منها، على سبيل المثال، دور الصوم في خفض التوتر وتخليص الجسم من السموم فضلا عن فوائده العظيمة للجهاز الهضمي.

ويوما بعد يوم يستشعر الصائم عن حق صدق خصائل صومه، ويقطف من ثماره المزيد والمزيد؛ لذلك لابد من إقرار حقيقة مؤكدة مفادها، أننا محتاجون لتدريس ثقافة الصوم بمعناها الشامل، وبمقاصده السامية، وأقصد بلفظة «التدريس» هنا، المعنى الشامل للتثقيف بتلك الفريضة، بما يحولها لدى الناس إلى أسلوب حياة، وطريقة علاج نفسي، فيحبونها عن يقين وصدق إدراكا لأهدافها، وحبا في حصد نتائجها... وعندئذٍ فقط يمكننا رسم صورة حقيقية بشكل عملي للدين الحنيف، بدلا من قصر تعاملنا مع الفرائض على المظهر المجرد من أي مغزى روحي.

الجريدة الرسمية