رئيس التحرير
عصام كامل

«يرعاهم الله يا ضان».. حكاية يوم الجلامة عند بادية مطروح


«يرعاهم الله يا ضان.. أسيادك وفزاعتك الكل».. كلمات لن يفهمها إلا من عايشها.. فمع تلك الكلمات تبدأ بادية مطروح موسمها الشهير «الجلامة» يوم يعيدك عشرات السنوات من الزمان الجميل حيث طبيعة اليوم وتوارثه عن الأجداد، فيه يقوم أبناء النجع وجيرانهم بجز صوف الأغنام وهي عادة شهيرة تميزت بها محافظة مطروح وأبناء البادية.


«فيتو» عاشت يوما وسط أهل محافظة مطروح لتنقل عاداتهم وأغنياتهم وفرحتهم بالموسم الذي يبدأ غالبا في بداية شهر مايو من كل عاموحتى منتصف الشهر، حيث الاستفادة من جز صوف الأغنام لاستخدامه في صناعة الخيوط الصوفية والمنسوجات البدوية والكليم.

«الضأن والجلم والبيت.. نهارة ملاقاهن الطرب» يبدأ اليوم بتلك الأغنيات من الكلمات البدوية، في موسم سنوي يُسمي بـ"الجلامة" يقوم أهالي المدن والنجوع بمطروح بجز صوف الأغنام للتخفيف عنهم من شدة الحر واستعدادا لموسم الصيف.

ويقول "عيسى بو عيسى القناشي"، أحد أبناء البادية بمطروح، أن الجلامة طقوس تراثية خاصة تتوارثها الأجيال من الآباء وما زال يحرص عليها أبناء البادية رغما عن التطورات التكنولوجية المعاصرة، إلا أن هذا اليوم والموسم هو بمنزلة عيد لأبناء البادية يستقبلون به الجيران ويقومون بجز صوف الأغنام، مشيرا إلى أنها تبدأ منذ صباح اليوم الباكر لتستمر على مدار اليوم في مخيمات مُجهزة لذلك بنجع أو منزل «سيد الضأن»، وهو صاحب الأغنام، ليأتي إليه جيرانه لمساعدته وأبناء عائلته.

«النور يا جلامة النور» تلك الكلمات يرددها بصوت مرتفع الشخص الذي يأتي متأخرا عن يوم الجلامة، ليردد عليه الحضور «النور ولا ظلام القبور»، ليبدأ في استلام معدات الجز للمشاركة في اليوم مرددا كلمات «الضأن كل يوم تزيد.. ع الراعي غلا م اللولي»، وهي تعبير عن زيادة أعداد الضأن وهي الخير الكبير للأهالي.

وعند طيلة الوقت بين جز صوف الأغنام يطالب الحضور بالراحة وتناول الطعام مع تلك الكلمات «يا رحام نريد طعام.. يا رحام نريد طعام»، فتأتي ما تُسمي «الضيافة»

وأضاف القناشي، لـ"فيتو"، أن الضيافة تعد من الطقوس البدوية الشهيرة، وهي ذبح عدد من الأغنام في ذلك اليوم لإطعام المشاركين في جز صوف الأغنام والجيران والمشاركين ذلك اليوم، وتكون من أشهر تلك الوجبات المقدمة خلال اليوم، في الإفطار خبز «الفطاطيح» أي الخبز دون الخميرة المفتت ويضاف إليه الزبدة والتمر والبيض المسلوق وهي تُسمي لدى أهل مطروح بـ"المفروكة" ويقدم بجانبها اللبن، وأيضا وجبة الـ"قلاية" وهي كبد وكلاوي الضأن المقلية، ووجبة الغذاء هي الأرز ولحم الضأن.

وبعد تناول وجبة الغذاء يوزع الشاي الزردة على الجلامة بشكل مُستمر، حتى يأتي قرب الانتهاء ليرددوا «أنجوك يا الضأن جديد.. نلفوك بالنحو زيادة» وهي كلمات كدعوة للضأن بزيادة التسمين حيث أن جز الصوف يساعد على زيادة السمنة للضأن إلى جانب تخفيف حرارة الصيف عليه، حتى تأتي ختام الجلامة عند جلم وجز آخر الأغنام يردد الأهالي أنه «بيضت» الجلامة أي انتهت آخر الجلامات في الأغنام.
الجريدة الرسمية