رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نجيب محفوظ في مصطبة السعدني

نجيب محفوظ مع السعدني
نجيب محفوظ مع السعدني

في عدد مجلة "الهلال" الصادر تحت عنوان "حكايات الولد الشقي محمود السعدني"، عام 2007، كتب عاصم حنفي، يصور جلسة رمضانية بين محمود السعدني، والأديب نجيب محفوظ، في رمضان 1994، قال فيها:


"اعلم عمنا محمود السعدني أن الإضراب عن الطعام الثقيل كاللحمة والطرشي والعكاوي والسمين، والفتى بسبب نصيحة الأطباء له بذلك بعد شكوته من آلام بمعدته.

اتصل أديبنا نجيب محفوظ بالولد الشقي يسأل عن صحته ويهنئه بقدوم الشهر الكريم، واشتكى السعدني من الضغط والسكر والمعدة والأطباء والحرمان من الطعام، فقرر عمنا نجيب زيارته في مصطبة السعدني بقهوة عبدالله بالجيزة.

كان نجيب محفوظ من رواد قهوة عبدالله بميدان الجيزة، وقد جمعته الصداقة مع السعدني وأنور المعداوي هناك في الأربعينيات.

حضر اللقاء الدكتور مصطفى الفقي، ومكرم محمد أحمد، وعلي والي، والرسام طوغان، والمخرج توفيق صالح، بحضور الحاج إبراهيم نافع، عمدة الجيزة.

بعد الإفطار مباشرة حضر نجيب محفوظ، وبصحبته جمال الغيطاني، ويوسف القعيد، ورجل الأعمال عماد العبودي.

بدأ السعدني يحكي للحضور أنه التقى محفوظ أول مرة، بعد أن قرأ له روايته التاريخية "رادوبيس"، فلم تعجبه، وأنه بعد أن قرأ "زقاق المدق"، التي أخذها من صديقه صلاح جاهين أُصيب بانبهار شديد، وكنتُ أساسا محبًّا لمحفوظ منذ التقينا في قهوة عبدالله في الأربعينيات.

سأله السعدني: كم من الأجر أخذت عن أول كتاب؟
قال نجيب: ما أخذتش فلوس ولم آخذ مقابل عن أول ثلاثة كتب عن الروايات الفرعونية، لكن لما اشتهرت أصبح أجري 10 و15 جنيه، لكن أول فلوس أخذتها من الأدب كانت من مجلة الثقافة لصاحبها أحمد أمين، وكانت جنيه واحد عن القصة.

أما مجلة "الرسالة" التي يصدرها أحمد حسن الزيات فكانت لا تعطى أجرًا إلا للعقاد وتوفيق الحكيم، وكان الأجر 2 جنيه عن المقال.. لكن أحمد الصاوي محمد أحدث طفرة حقيقية عندما أصدر "مجلتي"، وكان عنده كبرياء وكرامة، ووضع أجورًا كبيرة فكتبنا كلنا عنده.

قال السعدني: مش ملاحظ ياعم نجيب أن العصر الماضى ظهرت فيه آلاف العبقريات من الأدب والموسيقى والطرب والتمثيل والغناء وحتى في المقرئين كان هناك جيل عظيم من قراء القرآن الكريم، الأسماء دلوقتي نكرة والموهبة ضاعت، وفي العام اللي فات في رمضان، سألوا الشيخ أبو العينين شعيشع، في إذاعة لندن: ليه مفيش أصوات كويسة في عالم التلاوة؟

فقال لهم: دي حاجة في الجو، وزي الأكل والمية ما هي ملوثة كذلك الأصوات الجديدة.

قال محفوظ: المشكلة مشكلة بيئة.

وقال السعدني: عبد الوهاب قال زمان كان الفرق بين المطرب والمستمع إن كل واحد عارف حدوده، إن المطرب يدخل من باب المطربين، والمستمع يدخل من باب الجمهور، ودلوقتي الباب أصبح واحد سداح مداح والكل بيغني.

سأله السعدني: انت شفت السادات وعبد الناصر؟

قال: لا والله عمري ما قابلت السادات مقابلة شخصية، لكن قابلته مرات في مقابلات عامة، وعبد الناصر مقابلات عامة أيضًا، لكن عبد الناصر كرمني، وفي كل مرة كان بيزور الأهرام يسألني: لماذا لم نقرأ لك من فترة يا أستاذ نجيب ؟! فرد هيكل وقال نجيب ناشر في الأهرام من بكرة رواية هتودي نجيب في داهية، فرد عبد الناصر: تودي هيكل في داهية لكن نجيب ميروحش في داهية أبدًا.

وأضاف: كان فيه حرية لأني نشرت "ثرثرة فوق النيل"، ونشر ثروت أباظة "شيء من الخوف"، ولما واحد مسئول قال إن فيها إسقاطات على حكمك أمر ناصر برفد المسئول، وقال أنا لا أصادر على رأي أبدًا.

اقتربت الساعة من الواحدة صباحًا وحان وقت السحور، وفجأة جاء طعام السحور من المطعم المجاور للمقهى فظهر الفول والبيض المقلي بالسمن البلدي والجبن والزبادي والخس والعيش البيتي.. وجلسة مناقشات على مائدة السحور حتى أذان الفجر.
Advertisements
الجريدة الرسمية