رئيس التحرير
عصام كامل

محمد زكي عبد القادر: السياحة خط الدفاع

محمد زكي عبد القادر
محمد زكي عبد القادر

في مجلة الإذاعة عام 1955 كتب الكاتب الصحفى محمد زكى عبد القادر مقالا عن السياحة قال فيه:

لم تصبح السياحة هواية أصحاب الملايين كما كانت فيما مضى، فقد أصابتها الديمقراطية التي أصابت كل شيء من مظاهر الحياة فأصبحت حاجة الناس من الأوساط بل ومن هم دون الأوساط.


وإنك لترتاد اليوم المدن السياحية وشواطئها وأرض الآثار والفن القديم فلا تميز فيها هذا النوع من العجائز الذين فرغت منهم الدنيا وفرغوا من الدنيا بعد أن وضعت على كواهلهم الألوف والملايين من الجنيهات فلم يصبح لهم من هم إلا أن ينفقوها في الترف والبذخ والسياحة طول العام.

لن تجد هذا النوع وإذا وجدته فبقايا ضئيلة.. ولكنك تجد الوفاء، وعشرات الألوف من الطلاب والعمال والموظفين والتجار والصناع يتركون بلادهم ليتعرفوا على بلاد أخرى ويطلعوا فيها على الجديد في الفن والعلم والخلق والعادات والتقاليد.

أصبحت السياحة حاجة العقل والقلب والجسم لا يستغنى عنها إنسان، وقد عرفت البلاد السياحية هذه الحقيقة فأوسعت صدرها للجميع وهيأت أسباب الإقامة بأقل التكاليف وجعلت منها ما يرضى القدرات المالية مهما تفوقت.

وإني لأنظر إلى هذا التطور في فكر السياحة من جانب آخر غير الجانب المألوف وهو أن السياحة تبسط العقل وتزيد الجسم قوة وتملأ الحياة إمتاعا، انظر إليها على أنها عامل من عوامل التقريب بين الشعوب وتوثيق ما بينها من روابط.

انظر إليها على أنها خط دفاع تضعه الشعوب ضد أسباب الإثارة والبغضاء والتنافر وهى الأسباب التي تهيئ للحرب أو تعد وقودها.

والذي اعتاد السياحة وأدرك طبائع الشعوب يستطيع أن يلمح أنها كلها تتعاطف بدون استثناء وأن تتقارب أحدها مع الآخر خير وسيلة للقضاء على الأدوات التقليدية.

السياحة إذن ليست وسيلة للمتعة وقضاء الوقت الفارغ في تسلية النظر إلى الجديد.. ولكنها أيضا تأييد لفكرة السلام وتمهيد لبثها في النفوس.
الجريدة الرسمية