رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رمضانيات (1)


سيحل شهر رمضان الكريم بعد أيام قلائل، حيث فريضة الصوم المقدسة، بينما يكشف الشهر الفضيل عن طبائعنا وعاداتنا التي لم نخضعها بحث لدراسة وافية تقينا شر أفعالنا.. حيث يكشف الشهر في مجتمعاتنا العربية عمومًا وفي مصر على وجه الخصوص عن إعلاء المظهر في أشياء كثيرة ومن بينها الدين على الجوهر..


فنحن في الشهر الكريم «متدينون» و«روحانيون»، و«قارئون للقرآن الكريم أناء الليل وأطراف النهار»، ولست بالطبع ضد أي من تلك المظاهر لكن الانغماس في فكرة المظهر وحدها قد يخرج بالإنسان عن التزام فكرة التدين التي من أجلها أنزل الله القرآن الكريم، ويكفي قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، في هذا الشأن «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق».

إننا «طقوسيون» أحيانا و«تراثيون» أحيانا أخرى، في مسألة موائد الافطار والسحور في بيوتنا، أما بالنسبة «لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ»، فلا «حس لدينا ولا خبر»، وكأننا ظننا أن كل الناس أغنياء وأن الفقر أصبح مجرد ادعاء يحترف «النصابون» تمثيله..

والحقيقة أننا لا ننكر وجود عصابات تمارس النصب بقناع التسول وادعاء الفقر وهؤلاء يمكننا سؤال رجال الأزهر الشريف ودار الإفتاء بشأنهم، لكن الحقيقة إن كثيرا من المغتربين في مختلف المحافظات من العمال والطلاب الدارسين بحاجة إلى أن تحتضنهم أفعال الخير دون إهانة أو إذلال ربما يكون غير مقصود، لكن الأفضل تجنبه والتودد إليهم كونهم ذوي الحاجة الحقيقيين.

أيضا مسألة إهدار الوقت أثناء الصيام والتأفف تارة والتضجر أخرى مما يسمى «تعب الصيام» والغريب أن مرددي تلك العبارة هم فحول لم يتجاوزوا العشرين وربما الثلاثين من العمر بعد، والسر الذي لا نعرفه إلى الآن أن مسألة الإرهاق المزعوم من الصوم إنما هو عائد لأسباب أظنها في أغلبها نفسية في مجتمع يرى «الذهاب لعيادة طبيب نفسي عارا وعيبا وطعنا في سمعة العائلة».

وعلى الرغم من الدراسات الكثيرة والنصائح المتتابعة التي يتصدق بها الأطباء وخبراء التغذية على الناس بشأن فوائد الصوم ما زالت تلك الفوائد غائبة عمن يدفعهم النهم للإضرار بالجهاز الهضمي بالكامل.. وباقي أعضاء الجسم فلا نحن نعرف كيف نصوم ولا كيف نفطر، والغريب أن بعضا منا يتصور أن المعدة وعاء للتخزين، أو مستودع للمأكولات فيرهقها بما لا تتحمل وفي النهاية نظن أننا تجني فوائد الصيام.

إن «ثقافة الصوم» على طريقتنا لا علاقة لها بالدين الذي فرضها.. نحتاج مفهوما جديدا لثقافة الصوم بمعناه الحقيقي الوارد في كتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، نريد تضافر جهود علماء الطب والنفس والتغذية مع دور رجال الدين اتساقا مع دور آخر مخلص لأساتذتنا في مجال الإعلام علنا نصل إلى المفهوم الحقيقي لفضيلة الصوم... والله من وراء القصد.
Advertisements
الجريدة الرسمية