رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

اختزال المشهد العظيم في "كرتونة"


في مشهد أكثر من رائع احتشد المصريون بالملايين كما أكد ذلك المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، الذي ذكر أن عدد المشاركين زاد على السبعة وعشرين مليونا، وافق منهم ما يضاهي نسبة الثمانية والثمانين في المائة على التعديلات الدستورية..


وهذا الاحتشاد التاريخي له بالطبع أسبابه المنطقية، والتي أرى أنه يرجع في الأساس إلى أشهر التعديلات في الدستور -وليس أهمها- وهو التعديل الخاص بمدة الرئيس السيسي، والذي جاء ليزيد من فترته الحالية سنتين مع إمكانية ترشحه لفترة قادمة مدتها ست سنوات، فكان احتشاد المصريين في الداخل والخارج محوره الرئيسي هذه المادة التي تعبر عن رأي المصريين في الرئيس السيسي، وفي أدائه طوال الفترة السابقة..

ذلك الأداء الذي سبق وأن ذكرنا في مقالنا السابق مؤشراته بالأرقام في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وعلى مستوى الطاقة ومكانة مصر الحالية بين الأمم، وقوة ومتانة جيشها، وقد جاءت الأرقام لتؤكد أن ما جاء به السيسي يعد إنجازات معجزة تتحقق في فترة ليست طويلة، فكان نزول المصريين تعبيرا عن رأيهم في الرئيس وأسلوب حكمه وإنجازاته بصورة أقرب إلى التفويض للرئيس بأن يقود البلاد الفترة القادمة؛ لتستمر مسيرة العطاء والتنمية، وليواصل تنفيذ خطته الرامية لإعادة دور مصر، والذود عنها، وإحباط كل المؤامرات التي لا تزال تحاك ضدها من المخابرات الأمريكية – وليس ترامب – والصهيونية بمساندة مادية من دويلة قطر ودعم إعلامي تركي..

في سبيل إعادة حالة الفوضى لمصر وإعادة الجماعة الإرهابية لحكمها، حتى يتسنى تقسيمها وتفتيتها والاستيلاء على مستقبلها من الغاز في البحر المتوسط فتضعف وتصير إسرائيل هي القوة الوحيدة بالمنطقة، بعدما نجح المخطط في تفتيت سوريا وإضعاف العراق، وتحطيم ليبيا واليمن وتقسيم السودان في عهد الإخواني عمر البشير، وزعزعة تونس والمحاولة مع الجزائر الخ.

فالشعب المصري رأى بعينيه ما حدث لدول الجوار التي صار شعبها من اللاجئين يتسول في دول العالم ولا يجد مأوى أو حماية، بينما حمى الله ثم السيسي هذا الشعب من ذلك المصير عندما انحاز لثورة الشعب في 30 يونيو 2013 وأزاح الجماعة الإرهابية التي هي الأداة العالمية للمخابرات الأمريكية والإنجليزية والصهيونية في التخريب والإفساد والإرهاب..

ويكفي أن تنظر بعقلك وعينيك فستجد الإخوان الإرهابيين في كل مشهد من مشاهد دمار الدول وخرابها وتقسيمها، خاصة في سوريا وتونس والسودان واليمن وليبيا، وطبعا كانوا في مصر، فقام السيسي بدوره الوطني المشهود في إبعادهم وتقوية الوطن والنهوض به ليصل إلى إنجازات إعجازية غير مسبوقة في فترة وجيزة؛ لذا كان نزول الشعب المصري نابعا أولا من رد الجميل لهذا البطل، ثم تفويضا وشهادة له باستكمال الإنجازات وحماية مصر والدفاع عنها.

وقد اختزل بعض كارهي الدولة المصرية والسيسي وبعض المعارضين للمعارضة فقط وغير المدركين للمشهد تاما ذلك المشهد الضخم من الحشود في "الكرتونة" التي قام أحد الأحزاب بتوزيعها تحفيزا لنزول الناس وليس لإرغامهم على اختيار محدد وهذا الأمر –أي الاختزال في الكرتونة– أمر غير واقعي، ويريد أن يهيل التراب على فرحة الشعب لمفاجأة ذلك الشعب لهم بالنزول بعد أن ظنوا أنه لن ينزل..

فكان التركيز على خطأ ذلك الحزب في توزيع الكرتونة في بعض مناطق الجمهورية، وهو خطأ بالفعل ولا مبرر له، وقد قوبل بالغضب من الرئيس السيسي والوعد بالمحاسبة، وقد كان الناس في مثل هذه المناطق سينزلون دون شيء، ولكن نزولهم صادف توزيع "الكرتونة" فأخذوها دون أن يكون ذلك مؤثرا بالطبع على رأيهم أو نزولهم، ولو كانت "الكرتونة" سبب النزول –كما صور هؤلاء– لما نزل ذلك الشعب للسيسي عندما دعاه للنزول لتفويضه في 3 من يوليو 2013 فنزل الشعب للسيسي بالملايين دون "كرتونة "أو غيرها، ونزل الشعب من قبل بالملايين في 30 من يونيو 2013 دون أن يرضخ لزيت الإخوان وسكرهم الذين برعوا في توزيعه عليهم..

فالكرتونة إذا لم تكن السبب في النزول في الأماكن التي وزعت فيها، كما أن المصريين في الخارج احتشدوا طبعا دون "كرتونة"، والمصريون في معظم المحافظات احتشدوا دون "كرتونة" فلماذا اختزال المشهد في "الكرتونة"؟

كما أن هذه "الكرتونة" لم تكن السبب في التصويت بنعم، فقد حاورني إخواني في ذلك فقال لي: انظر، طلب أحدهم مني أن أذهب للاستفتاء في مقابل "كرتونة"، فقلت له: اذهب وقل: (لا)، فقال: هم يأخذون الناس بالقوة ويسوقونهم للاستفتاء، قلت: ليقولوا (لا) في الورقة، فقال: وهل لو قالوا (لا) ستفرق ؟ الورق ورقهم وسيفعلون ما يريدون، فقلت له: إذا لماذا يحشدون الناس بالكرتونة أو يرغمونهم على الذهاب؟

فسكت.

الحقيقة أن المصريين أصبحوا على علم تام بكل ما يحاك للوطن من مخاطر ويراد به من تدمير بعدما عانوا من ذلك الأمرين، فنزلوا ليفوضوا السيسي في الحفاظ على هذا الوطن وتنميته، دون أن يكون للكرتونة أية تأثير ولا تعد مالا سياسيا بالطبع لأن الذي يعطي الكرتونة لا يرغم من أخذها على التصويت بنعم مثلا، وإنما هو فقط يحفزه على الحضور لا أكثر ولا أقل، ولكن هذا الأمر أيضا غير مقبول ولو أنه بالفعل غير مؤثر، فالمصريون نزلوا إلى الاستفتاء لحماية اختيارهم لمشروع 30 يونيو، وممثله الزعيم السيسي.
Advertisements
الجريدة الرسمية