رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الرجل الذي زرع 1000 كُلية!!


يقول المولى تبارك وتعالى في كتابه الكريم: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"، كلما قرأت أو سمعت هذه الآية الكريمة تذكرت حوارا لي مع العالم الجليل الدكتور أحمد شقير بعد بلوغه سن المعاش، قلت له لماذا لا تعمل في القطاع الخاص وتمتلك عيادة وتقوم بإجراء عمليات في المستشفيات الخاصة للحصول على أموال تساعدك على الأعباء المعيشة الصعبة الحالية؟ 

كانت إجابته "نفسي لا تطاوعني"، فمنذ تخرجي في كلية الطب حتى إحالتي للمعاش لم أتقاض جنيها واحدا مريضا، وحياتي كلها قضيتها في العمل بالمستشفى الحكومي التي تعالج الفقراء بالمجان.

إنهم حقا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

أمثال هؤلاء لا تستقيم الحياة بدونهم، يعملون في صمت وبدون ضجيج أو صخب إعلامي، ويحملون الوطن على أكتافهم ولا ينتظرون أي مقابل سوى رضاء الله، كثيرون لا يعرفون من هو الدكتور أحمد شقير، وهذا شيء طبيعي، لأنه ليس لاعب كرة قدم أو فنان، ولكنه عالم جليل حقق رقما قياسيا في زراعة الكلى على مستوى مصر والعالم، حيث قام بالمشاركة وإجراء أكثر من 1000 عملية زراعة كلى من الثلاثة آلاف التي أجراها مركز الكلى بالمنصورة.

الدكتور أحمد شقير أستاذ ورئيس قسم جراحة المسالك والكلى ومدير مركز الكلى السابق بجامعة المنصورة، راهب في حب هذا البلد.. عالم في مجاله.. يتمتع بأدب جم وتوضع رفيع، عف اللسان، نظيف القلب واليد، رحيم بالفقراء، ومعروف في الخارج أكثر مما يعرفه أبناء بلده، قيمته العلمية تقدرها كل المؤسسات الطبية الدولية، وهب حياته لفقراء المرضى منذ تخرجه في كلية الطب..

لم يفكر إطلاقا في امتلاك عيادة خاصة.. رغم تميزه العالمي وحصوله على ثلاث درجات دكتوراة (محلية ودولية)، ومعظم الجوائز العلمية الدولية والمحلية، ويعتبر أحد أهم المحكمين الدوليين للأبحاث العلمية في مجاله، وأفضل من يكتب مقالا علميا.. وأكثر من قام بإجراء زراعة كلى ونشر علمي عالمي.. ويفخر دائما أنه لم يتقاض يوما جنيها واحدا من مريض وفلسفته في ذلك أنه يكفي المريض قهر المرض.. فلا يجب أن يحمل أيضا معاناة تكاليفه.

وبعد إحالته إلى المعاش بدأ حياة جديدة مع البحث العلمي فقام بتأسيس معمل لأبحاث المسالك والكلى، من يدخله لا يصدق أنه في مستشفى حكومي في ريف مصر.. بل يشعر أنه في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا..

الدكتور "شقير" كل ما تقاضاه طوال حياته العلمية البحثية الطبية قد لا يساوي أجر شهور قليلة لمذيع توك شو(ربع موهوب) أو لاعب كرة قدم مغمور أو فنان (نصف موهوب)، ولكنه راض بحياته تماما، هو نموذج للطبيب الإنسان والعالم المتواضع، يعيش بيننا كأنه من كوكب آخر، وهو أحد تلاميذ العالم الجليل الدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلى في المنطقة ومؤسس مدرسة المسالك في المنصورة، والتي تزخر بالكثير من العلماء وملائكة الرحمة..

هذه ليست أول مرة أكتب فيها عن الدكتور "شقير" ولكن دائما أشعر بسعادة بالغة وأنا أكتب عنه، حتى أقول له شكرا على إخلاصك لعملك ولبلدك وأن الدنيا ما زالت بخير.. وما قدمته طوال حياتك سوف تجني ثماره من دعوات فقراء المرضى التي هي رصيدك في الدنيا والآخرة.

وحقك علينا أن نعطيك قليل مما تستحق، ونقدمك كقدوة طيبة ونموذجا يحتذى لشبابنا.. ولوسائل الإعلام لعلها تستفيق وتبحث عن أمثالك وتسلط عليهم الضوء حتى تمنحنا الأمل والتفاؤل في مستقبل أفضل، فمصر سوف تكون بخير إذا كان علماؤها هم رموز المجتمع وقدوته.
egypt1967@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية