رئيس التحرير
عصام كامل

جدل على مواقع التواصل بعد إجبار أستاذ أزهري الطلاب على خلع البنطلون.. الجامعة تقرر وقفه عن العمل.. "الدكتور": اختبار عملي على التمسك بالحياء والأخلاق.. وفرويز: تجربة عملية لكن في المكان الخطأ

فيتو

أثار مقطع فيديو لأستاذ جامعي بكلية التربية بنين بجامعة الأزهر بالقاهرة، ضجة كبيرة وجدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر في الفيديو الأستاذ الجامعي وهو يجبر طالبين على خلع بنطالهما أمام زملائهما أثناء محاضرة العقيدة الإسلامية، عن موضوع "الإسلام والإحسان والخوف من الله عز وجل".


كما أثارت الواقعة استياء عدد كبير من طلاب الأزهر، والمهتمين بالشأن الديني، مؤكدين أن تصرف "الدكتور" لا تليق بتصرف أستاذ جامعي، وداخل جامعة عريقة مثل جامعة الأزهر.

تصرف مرفوض
وأكد الدكتور غانم السعيد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأزهر، المشرف على المركز الإعلامي بالجامعة، أن هذا التصرف مرفوض ولا تقبل به الجامعة أو كلية الإعلام.

وأشار إلى أن عميد الكلية بمجرد علمه بما حدث قام برفع الأمر إلى رئيس جامعة الأزهر الذي أصدر على الفور قرارا بإيقافه عن العمل وإحالته إلى التحقيق العاجل.

وأضاف "السعيد" أنه قام بصفته عميد كلية الإعلام بمنعه من وضع الأسئلة والتصحيح، مؤكدًا أنه يجب على الطلاب أن يتأكدوا من أن إدارة الجامعة لا تتوانى في محاسبة أي مخطئ، أو مقصر، وأوضح أنه لا يوجد أحد فوق القانون.

أول تعليق
وفي أول رد له على الواقعة كشف الدكتور إمام رمضان إمام، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، المتهم في الواقعة، أن الواقعة بدأت عندما كان في محاضرة للشعبة العامة بكلية التربية وكان موضوع محاضرة العقيدة والأخلاق هذا الأسبوع لجميع طلاب شعب الكلية عن "الإسلام والإيمان والإحسان".

وأشار إلى أنه شرح معنى الإسلام والفارق بينه وبين الإيمان، وبيّن أن الأول يختص بالظاهر الحسي، والثانى يختص بالجوهر العملى الذي يترجم إلى نتائج ملموسة تعود منافعها على الأمة رقيا ورفعة، ثم انتقل إلى الإحسان شارحا له وعلاقته بالحياء، وكيفية ارتقاء الإنسان إلى مرتبة الإحسان وكيف تكون النفس رقيبة على السلوك، وسلاحها في هذا الحياء الذي افتقدناه في العبادات والمعاملات - على حد قوله.

وأضاف "إمام" عبر صفحته الشخصية على موقع "فيس بوك" أنه أراد كما تعود منه طلابه أن يمثل لهم تمثيلا حيا واقع الأمة "عقيدة وخلقا" فقال من يقبل النجاح في المادة بامتياز مقابل تنفيذ ما يطلب منه؟ وأضاف أن من يمتنع سيرسب في المادة، لافتا إلى أنه تطوع طالب أو أكثر، والجميع لا يعلم ما سيطلب منه، مضيفا: "كانت المفاجأة التي أردت أن تكون صادمة لمن خرج متبرعا وبإرادته وفى نفس الوقت أذهلت الطلاب عندما قلت للطالب اخلع البنطلون".

ميزان العقيدة والأخلاق
وتابع: "الطلاب ضحكوا جميعا لكنى لم أضحك وقلت لهم منذ المحاضرة الأولى للمادة اتفقنا أن كل ما يقال داخل المدرج سواء أكان جدا أو مازحا يخضع لميزان العقيدة والأخلاق وقلت أنا أصر على تنفيذ مطالبى فإن تراجع يرسب في مادة العقيدة".

وأوضح أستاذ العقيدة والفلسفة رفض الطلاب رغم كل ما مارسه عليهم من ضغوط وأمام إصرارهم على عدم تنفيذ طلبه مهما كانت النتائج حتى لو رسبوا في المادة.

وقال: "هنا توجهت لكل الطلاب الجالسين وطلبت منهم تحية زملائهما اللذين رفضا الانصياع لى وبعد تحيتهما قلت للطلاب أتعرفون سبب التحية قال الطلاب لأنهما لم يرضخا لك فيما طلبت لتنافى الفعل المطلوب مع الأخلاق، قلت هذه واحدة، والثانية إنهما لم يفعلا ذلك حياء منكم أليس هذا صحيحا قالوا نعم، قلت فمن باب أولى أن يكون حياؤنا من الخالق عز وجل مقدم على حيائنا من المخلوق، وهذا باب من أبواب مراقبة النفس، ضد غواية الشياطين من الجن والإنس، وهذا من قبيل الارتقاء في درجات الإيمان بالله تعالى".

دور الشيطان
وأضاف "إمام": "لقد قمت بدور المعلم من خلال لعب دور الشيطان في تمثيلية أردت من خلالها بصورة عملية كيف تكون الأخلاق بين النظرية والتطبيق، وهنا صفق الطلاب لأستاذهم تحية له"، موضحًا أنه أراد تكرار الواقعة أمس الخميس في نفس المحاضرة صباحا بنفس الأسلوب ونفس التمثيل، ورفض الطلاب في الاختبار العملى الثانى أن يتجردوا من القيم والأخلاق التي علمها لهم، وقال: "بذلك نجحت مع الطلاب في الاختبار العملى للأخلاق مرتين".

ولفت إلى أنه أراد تكرار نفس الموقف للمرة الثالثة في محاضرة أخرى، وامتنع طالبان بعد أن صعدا إلى جواره من استكمال التمثيل، ففوجئ بطالب يأتى من آخر المدرج، ويخبره في رغبته بتنفيذ رغبته في "خلع البنطال" وبالفعل فعل الطالب وخلع بنطاله على أمل أن يحصل على تقدير "امتياز" كما وعد الدكتور.

وأشار إلى أنه قال للطلاب بعد خلع الطالب لبنطاله: "هذا مثال صارخ على أن التعليم النظرى ليس معناه أننا حزنا الدين والأخلاق، فهذا الذي فعله من أجل النجاح في مادة العقيدة باع العقيدة والأخلاق بعرض دنيوي، ومن على شاكلته كثرة في أمة قال رسولها إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
وتابع: "لقد بينت للطلاب في تجربة عملية أن مجرد النظر إلى عورته يبعد بنا عن قيم الدين فما بالك بمن صور ونشر داخل المحاضرة؟ أليس هذا منافيا لكل قيم العقيدة والأخلاق؟! أنا لم أنكر، وأنا أمرت بمعصية أليس مما تعلمه أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وها هي أخلاق بعض طلاب كلية التربية، بعدما درّست لهم العقيدة والأخلاق نظريا، رسبوا فيها بامتياز عمليا -حسب تعبيره- متسائلا: "هل التعليم لمعلم المستقبل يكون مجرد كلمات لا قيمة لها ولا وزن عنده في سلوكه العملى".

التنازل لصالح المادة
وعلق الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، على ما فعله أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، أن ما فعلة الدكتور هو تصرف علمي وتجربة علمية واقعية، ولكن دائما التجارب العلمية الإنسانية لا تخضع لقيم اخلاقية وقال: "لكن نبحث عن النتائج التي تجعلنا نقيم الأفراد وتطلعاتهم وتنازلهم عن قيمهم لصالح المادة سواء أموال أو نجاح مثل الطالب المتطوع في ثالث تجربة أملا في الامتياز".

الدكتور أصاب وأخطأ
وأكد أن سوء اختيار المكان وهو الأزهر الذي له قيمه وعاداته وأخلاقياته التي ترفض أي خروج عن القيم الأخلاقية حتى لو للتجربة، لذلك أرى أن الدكتور أصاب وأخطأ، أصاب في تجربة إنسانية عملية، وأخطأ في اختيار المكان، مشيرا إلى أن الأزهر له مكانة في قلوب المسلمين.

وأوضح الدكتور جمال فرويز أن التجربة أكدت أن الكثيرين تجردوا من الأخلاقيات والقيم لأجل المكسب المادي وهذا حالنا جميعا مع التردي الثقافي حاليا.

وجود خلل
وقال الدكتور محمد عبد العزيز، الخبير التربوي: إن ما حدث يؤكد أنه لابد من مراجعة القيم الجامعية لدى العاملين داخل الجامعة، من أعضاء هيئة تدريس وهيئة معاونة ويؤكد أن ذلك مؤشر لوجود خلل.

وأضاف الخبير التربوي في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، أن المسألة لا تستقر عند مجرد خطأ أستاذ وتحويله للتحقيق، وإلا نكون نعالج مشكلات خطيرة بنظام الصدمات، فنحن أمام واقعة بطلها أستاذ عقيدة وبكلية التربية، فالخطورة مزدوجة بصفته متخصصا في العقيدة وفي كلية لإعداد المعلمين المنوطين بإعداد النشء.

وأكد أن المسألة تحتاج إلى مراجعات فيما يخص برامج إعداد أعضاء هيئة التدريس مهنيا وأكاديميا وطريقة اختيارهم منذ بداية السلم الجامعي كمعيدين.
الجريدة الرسمية