رئيس التحرير
عصام كامل

حصاد الصبر.. بدأت تندع فرحة!


بينما تلقى المصريون بقدر من القلق والتوجس خبر سفر الرئيس إلى الولايات المتحدة يوم 9 أبريل المقبل للتباحث مع ترامب في أولويات المنطقة والشراكة الإستراتيجية، إذا بالرئيس يفاجئ البيت المصرى كله بأخبار جنى المحصول بعد صبر ما يزيد على ثلاث سنوات.


المحصول المزروع كان مرا ومريرا، هو الإصلاح الاقتصادي الذي يدخل مرحلته الأخيرة اعتبارا من يوليو القادم، لكن الرئيس في يوم تكريم البطل الأول في معركة إدارة القوت اليومى للأسرة المصرية، الأم والزوجة، قرر أن يعلن حزمة من القرارات المالية أسعدت بحق قلوب المصريين.

أولها علاوة لكل موظفي الدولة قدرها مائة وخمسون جنيها، غير العلاوة الدورية، ٧٪؜، و١٠٪؜، حسب الخدمة المدنية أو غير الخدمة المدنية، وعلاوة المعاشات ١٥٪؜، ورفع الحد الأدنى للمعاش إلى ٩٠٠ جنيه، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى ٢٠٠٠ جنيه بزيادة محسوسة قدرها ٨٠٠ جنيه.

في بداية النهار يوم أمس، كان الاهتمام منصبا على الأهلي والزمالك وسوء الأحوال الجوية، ومع منتصف النهار غلبت أخبار الزيادات على أخبار إقامة المباراة أم تأجيلها، ومع آخر النهار وقد حسب كل بيت حسبته، كم سيأخذ، وكم سينفق، عادت حمى الكلام عن سعار الأهلي والزمالك، كأننا في حرب أهلية، ثم جرت المباراة تحت المطر المنهمر وفي الوحل، وكانت النتيجة صفرا متبادلا!

الناس سعدت بالفعل، لكنى أتخيل أن أكثرهم سعادة كان الرئيس نفسه، لأنه كان هو من ضغط علينا وعلى نفسه، وصمم على إجراء جراحة عنيفة لابد منها للشفاء الاقتصادي، جراحة خشي عواقبها ناصر والسادات ومبارك. مفيش مرسي، لأنه عيب أن يكون من حكم مصر إرهابى وجاسوس!

يمكن القول إن هذه أولى قطرات الخير، وأولى قطرات السعادة، ولعل تعبير "بدأت تندع" هو الأفضل. لسنا في مرحلة طفرة، لكننا في بداية جنى المحصول. إنها البشائر. والتفاؤل سمة الواثقين وثقتنا في بلدنا وقيادتنا بلا حدود. أكثر ما يخافه المصريون الآن أن التجار يسنون السكاكين لذبح فرحة الشعب المصرى، وأنهم سيرفعون الأسعار حتى من قبل أن تهبط الزيادات في جيوب الناس.

الثلاثون مليارا ونصف المليار التي فاضت بها ميزانية الدولة جراء الإصلاحات الاقتصادية ستذهب إلى بند تحسين الأجور والمعاشات والزيادات. لا نريد أن يمتص التجار هذه المبالغ، وترتفع الأسعار، بينما الحكومة تتفرج.

الضبطية القضائية التي يتمتع بها موظفو حماية المستهلك ستسهم كثيرا في تعليم التاجر المفترى أن السرقة تؤدى إلى العقاب!

المواطن أيضا عليه دور أكبر هو أن يمتنع عن شراء السلع والخدمات التي يرفع التجار ومقدمو الخدمة أسعارها، فشعارات مثل خليها تصدي، وخليها تعفن، وخليها تسوس، حققت نتائج لا بأس بها خصوصا في مجال تجارة السيارات. في مجال أدوية الضغط والسكر والقلب لا تصلح هذه الشعارات. الذي سيصدي ويتعفن هو المريض. هنا يجب على الحكومة أن يكون لها حضور ثقيل، يمنع الجشع، ويكبح الجشع الجارى.

مرة أخرى، تنفس الناس الصعداء، واستبشروا، وشاهدوا ضوءا أخيرا في نهاية النفق!.. لكن ماذا عن موظفي القطاع الخاص؟ وماذا عن أساتذة الجامعات والكادرات الخاصة؟
ننتظر الإجابة من الرئيس.. كالعادة.
الجريدة الرسمية