رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وزير التعليم والأسطى «سيد» الكهربائي!


سبق وحذرنا من خطورة نظام التابلت في مشروع تطوير التعليم الجديد، وذلك لعدم استكمال البنية التحتية التكنولوجية التي تواكب الاعتماد على نظام التابلت المتصل بالإنترنت، فنحن إلى الآن نؤكد أن كثيرا من مدارس مصر الثانوية لا يوجد بها شبكة كهرباء كافية لتغطية كل تابلت بالمدرسة، فضلا عن وجود شبكة إنترنت سريعة وقوية تستوعب دخول الطلاب جميعا في وقت واحد على موقع الامتحانات، وأنه حتى يتم اعتماد نظام التابلت ينبغي أولا أن نكون قد استعددنا له استعدادا تاما..


على الرغم من تحفظي على استخدام التابلت بصفة أساسية في تعليم الطلاب وامتحاناتهم دون أن يعود للقلم قيمته ولا للكتاب أهميته في حياة الطلاب؛ مما سيخلق مشكلات ثقافية ومعرفية لا حصر لها، كما أن مطالبتي للوزير كانت بأن يقوم بتطوير التعليم نفسه وليس تطوير أداة التعليم فيجعلها التابلت بدلا من الكتاب، ويظل الكتاب هو نفسه ما يدرسه الطالب على التابلت، فأين يكون التطوير في ذلك، أفي الوسيلة دون الغاية التي نطمح إليها من إيجاد طالب مبتكر مبدع؟!

وطبعا كالعادة لم يستمع السيد الوزير لكل الناصحين له بأن يتريث في تطبيق نظامه التعليمي الجديد حتى يتمكن من تطبيقه تاما دون أخطاء، لكن سيادته وتحت ضغط القرض الذي وقع عليه في أبريل 2018 ليحصل عليه من البنك الدولي في إطار اتفاق لدعم تنفيذ الإستراتيجية الوطنية الشاملة لتطوير التعليم قبل الجامعي في مصر بقيمة 500 مليون دولار، وذلك بالعاصمة الأمريكية "واشنطن"، اضطر لتنفيذ ذلك التطوير المزعوم والتعجيل به للحصول على القرض ولو على حساب التريث في تنفيذ ذلك المشروع، واكتشاف أبعاده ومزاياه وعيوبه..

وقد سبق وأن رفض وزير التعليم السابق الدكتور الهلالي الشربيني هذا القرض الذي يفرض مشروعا بنظام "التعليم 2" على مصر، وعد ذلك من قبيل التدخل في الشأن التعليمي المصري، لكن الدكتور طارق شوقي لم يجد في ذلك المشروع الذي يفرضه البنك الدولي ويتابعه أية غضاضة، بل وجد به ما يطور التعليم فسارع في التنفيذ بشكل متعجل أدى إلى فضيحة وقت امتحان الطلاب..

حيث –كما ذكر الوزير– أن السيرفر لم يتحمل الضغط وسقط مما أفشل الامتحانات، وقد أكد المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء أن إيقاف التجربة الخاصة بالامتحانات جاء بسبب وجود جوانب للنقص وعيوب تقنية في التطبيق؛ ولعدم تحميل الأسر المصرية أعباء جديدة.

وطبعا هنا يفرض الواقع أسئلة منها، إذا كان الوزير لا يعرف جوانب وأخطار استخدام التابلت في الامتحان ولا كيفية معالجة القصور، فلماذا نفذ ذلك الامتحان دون تجريب حقيقي؟ وهل من الممكن أن نثق في كلام الوزير بعد ذلك، وقد ثبت أنه لا يدرك حجم مخاطر التابلت والإنترنت؟ وكان من الأجدى أن يتخذ سيادة الوزير من الخبرة الحياتية للأسطى سيد الكهربائي نبراسا له في هذه التجربة..

فالأسطى "سيد" عندما يتم استدعائه لتركيب الكهرباء في أحد الأفراح أو المآتم تجده بعد أن يقوم بالتركيب، وقبل انطلاق الفرح أو المآتم بوقت كاف يبدأ في التجريب، فيمسك بالميكرفون مرددا: "واحد اثنان ثلاثة، يا هادي يا رب، كهرباء الأسطى "سيد" تحييكم واحد اثنان ثلاثة"، وهكذا حتى يتأكد من أن كل شيء تمام قبل الفرح أو المأتم، وحتى لا يفاجأ في أثناء الفرح بما لا يحمد عقباه..

هذه خبرة حياتية كان من الأولى أن يعمل بها الوزير، فيتأكد أولا من أن نظام السيرفر يتحمل من يدخل عليه من غير الطلاب، أو أن ينشئ موقعا خاصا بالامتحانات فقط بعيدا عن موقع الوزارة، ويتأكد من أن كل طالب قادر على أن يدخل بالتابلت على موقع الامتحان في سهولة ويسر، ويتأكد من البنية التحتية لكل مدرسة بنفسه، ويتأكد من تدريب الطلاب بصورة كافية على التابلت وليس تدريبهم قبل الامتحان بساعات قليلة، ويتأكد من وقت دخول الطلاب على الامتحان..

ثم يعطي إشارة البدء لعقد الامتحانات فلا يقع في الحرج الذي سببه لنفسه بنفسه، فصار يعتذر ويتأسف ويذكر أن هذا الامتحان دون درجات، وأنه تجربة، ولم يدرك أن أولياء الأمور قد أصابهم الخوف والرعب من مصير أبنائهم لو كان هذا الامتحان عليه درجات، ومحدد لمستقبلهم وليس بمستبعد أن يحدث هذا الأمر في مثل هذه الامتحانات.

وجاء كلام سيادة الوزير بعد إلغاء الامتحان متأخرا جدا عن موطنه فقد أكد الوزير، أن القرار بشأن وسيلة إجراء الامتحان من خلال التابلت أو بشكل ورقي في شهر مايو المقبل سيتم تحديده بناءً على جاهزية التقنيات المتوفرة، وكان من الأجدى أن يكون هذا الكلام قبل أن يعطي إشارة البدء للامتحانات وليس بعدها.
Advertisements
الجريدة الرسمية