رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«محمد العشري».. حكاية نحات كفيف رفضته «الفنون الجميلة» (فيديو وصور)

فيتو

خطا محمد جمعة العشري، الطالب بكلية الألسن، حياة طفولته يعاني من ضعف في النظر، ما اضطره بعد ذلك لإجراء عمليات لتقوية نظره، ولكن كان للقدر رأي آخر، حين أصيب بالعمي نتيجة خطأ طبي أدى لفقدان عينه اليسرى، ونسبة إبصار لا تتعدى الـ 10% في العين اليمنى، ليبقى النور الخارج من بصيرته مصدر إلهامه في النحت على الطين، والرسم على الورق.


وبعد أن كان يتحسس حلمه ليصبح فنانا تشكيلا كبيرا، بين عشية وضحاها وجد نفسه كفيف البصر، وتبدل حاله، ولكن لم تتبدل إرادته وعزيمته، وباتت حاسة اللمس هي عيناه التي يرى بها بعدما فقدهما؛ ليشكل بأنامله من الطين والصلصال مجسمات لن يراها ولكن يتخيلها في عقله.

ورقة بيضاء وقلم ومسطرة هي أسلحته، والألوان هي زاده في رحلته التي بدأت منذ ست أعوام، فمن ظلمة العين استمد نور النجاح، ورسم لنفسه طريقًا من الكفاح، فلم تقف الإعاقة يومًا في طريقة؛ لكن حولها إلى مصدر تحفيز دائم له، فمر بكل المحن بنفس راضية دون الشعور باليأس أو الإحباط، متمنيًا أن يتحقق حلمه بالوصول إلى العالمية.


صعبة هي الحياة، حينما تكون مليئة بالفراغ، لذا قرر الشاب أن يتحدى إعاقته ويحول الظلام الذي يحاصره لخيال مفعم بأمل في الحياة، يرى النور من خلال أنامله التي تقوم بدور عينيه، يتحسس ويرى بها ما ترسمه هاتان اليدان على ورقة بيضاء يُشكل عليها ما يجول بخاطره.


لم يمنعه ذهاب البصر عن ملامسة الحياة بأدق تفاصيلها، فكافح الرفض ورفض اليأس، وبدأ أيضًا بتعلُم فن النحت لصقل هوايته المفضلة، لتُضاف إلى احترافه للرسم والفن التشكيلي الذي يمارسه، فحصل بهما على العديد من الجوائز، وشارك بهم في عدة معارض فنية، فتحقق له ما يتمنى وانصاعت له المستحيلات بالرغم من أنه كفيف.


«إثبات الوجود».. شعار رفعه "العشري" وقرر عدم خسارته، بعدما فقد عينيه وضاع حلمه في الالتحاق بكليات الفنون الجميلة، قائلا: «إعاقتي حالت دون دخولي كلية الفنون الجميلة، كونها للمبصرين فقط ولا مكان لذوي الإعاقة بينهم، وحينما التحقت بكلية الألسن لم يقبلوني بقسم اللغة الصينية لأنها تحتاج إلى رسم، فلم يكن أمامي سوى الالتحاق بالقسم الإيطالي».


وعندما تتوفر العزيمة والإصرار في الإنسان يصنع المعجزات، ولكن عادة ما تقف العوائق أمام هذه الصراعات، فالعادات والتقاليد المجتمعية لا تعترف بموهبة هذا الشاب، فكيف لكفيف يرسم وينحت وهو لا يقوى على رؤية أي شيء مضيفا: «أهلي في البداية كانوا غير مقتنعين بي تماما بأنني بعرف أرسم حتى أثبت لهم العكس، وكان نفسي يكون فيه كليات متعددة للمكفوفين زي حاسبات ومعلومات وفنون جميلة، ولكن الحمد لله الإعاقة مش مبرر للفشل وأنا أثبت نجاحي وقدرتي على اجتيازها».


الداعم الأول لـ"العشري" الدكتور إيهاب الأسيوطي أستاذ بكلية فنون جميلة، يقول: «لم أتردد لحظة في تعليم "محمد" فن النحت، وكنت بخليه يحسس بأيديه على نماذج عشان تتحفظ في ذهنه، وأحاول كل يوم أعلمه حاجة جديدة، لدرجة إنى ملاحظ أنه بدأ يبعد عن الرسم ويتجه للنحت لأنه في الرسم بيحتاج حد يساعده ويعرفه الألوان».

Advertisements
الجريدة الرسمية