رئيس التحرير
عصام كامل

حافظ محمود يكتب: بيت الأسرة الصحفية

حافظ محمود
حافظ محمود

في مجلة الهلال عام 1983 يحكى شيخ الصحفيين حافظ محمود "العضو رقم 1 في نقابة الصحفيين" قصة إنشاء نقابة الصحفيين، وقال:
كانت بداية التفكير في إنشاء نقابة تضم جموع الصحفيين في مؤتمر صحفى لم يكن المتحدثون فيه من رجال الدولة، وإنما كانوا من كبار الصحفيين.


عقد الاجتماع بالجمعية الجغرافية، وامتد انعقاده أسبوعا خصص يوم من هذا الأسبوع لكل قطب من أقطاب الصحافة يتحدث فيه عن المشكلات الصحفية والاجتماعية، ثم يفتح باب المناقشة.

والحق يقال كان الداعى إلى هذا المؤتمر رئيس الوزراء على ماهر، وكانت كلمته الافتتاحية تسجيلا لدور الصحافة، وما ينبغى أن يحاط به من حريات تمكن الصحفيين من الإسهام في بناء المجتمع والدولة.

أثناء الاجتماع خرجت فكرة إنشاء نقابة للصحفيين بقانون من قوانين الدولة، وكان محمود عزمى يشغل منصب المستشار الصحفى لمجلس الوزراء هو الذي أخذ بزمام المبادرة ووضع المسودة الأولى لمشروع القانون بعد مشاورة كبار الصحفيين.

وهذه مآثر يجب أن يذكرها الصحفيون لمحمود عزمى، وقد عبرت أنا عن ذلك حين كنت نقيبا للصحفيين عام 1964 بإطلاق اسمه على قاعة الاحتفالات الكبرى بدار النقابة.

وأريد هنا أن أتحدث عن الروح العامة التي كانت سائدة بين رجال الصحافة، فمثلا قصة عن المرحوم محمود أبو الفتح ـــ وكان أول نقيب للصحفيين ــــ أنه كان في فجر حياته الصحفية مندوبا دبلوماسيا لجريدة السياسة، ونشأ خلاف بينه وبين المدير المالى للجريدة فاستقال اعتزازا بكرامته الصحفية، ولم يكن يملك في جيبه جنيها واحدا.

خرج أبو الفتح إلى مقهى بار اللواء المواجهة لمبنى جريدة الأهرام يطلب قهوة، شاهده جبرائيل تكلا صاحب الأهرام، ولاحظ عبوسه، فدعاه إلى تناول القهوة معه في الأهرام، وهناك تعرف عليه أكثر وعرض عليه العمل فورا في الأهرام، وهنا استدرك أبو الفتح قائلا: لابد من استئذان الدكتور حسين هيكل رئيس تحرير السياسة.

وقصة أخرى وهى أن الحكومة كانت قد ألقت القبض على الصحفى سليمان فوزى، وكان الصحفيون لا يرتاحون إلى أسلوب سليمان فوزى في النقد، ورغم ذلك اجتمع في الأهرام إبراهيم المازني ومحمد التابعى وتوفيق دياب وفكرى أباظة وطه حسين وحسين هيكل وعباس العقاد، وكتبوا بيانا إلى السلطات يطالبون بالإفراج عنه فورا، وألا يسجن صحفى قبل إدانته من القضاء.

بل هددوا بالإضراب، فأفرجت السلطات عن سليمان فوزى في اليوم التالى.

هذه صورة واقعية لما كانت عليه أسرة الصحافة المصرية، وكان أجمل ما في هذه الصورة هو الحب، ليس فقط حب الصحفيين لمهنتهم بل لأشخاصهم أيضا.

لقد كانت أسرة الصحافة تقدم للمجتمع صورة من أبهى صور الأسرية، وكان الكبار منهم يعملون على اكتشاف المواهب الصحفية الناشئة، فمثلا اكتشف لطفى السيد الدكتور هيكل، وهيكل بدوره اكتشفنى، والعقاد هو الذي اكتشف كامل الشناوي الذي اكتشف بدوره فرقة من الصحفيين الجدد.
الجريدة الرسمية