رئيس التحرير
عصام كامل

الفريق سعد الدين الشاذلي.. مهندس حرب أكتوبر وعبقرية عسكرية أرعب الألمان

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

الفريق سعد الدين الشاذلي مهندس حرب أكتوبر كما يلقبه العسكريون.. كان عنده يقين بعد هزيمة 5 يونيو 67 أن الجيش المصري يستطيع أن يسترد سيناء بإمكاناته المحدودة شرط القيام بعملية خاطفة واحتلال مساحة من 10 إلى 15 كيلو مترا في الضفة الشرقية.


«الشاذلي» كان بطلا ويعلم جديا معدن الرجال من مقاتلي الجيش، وبذلك غرس كل بطل في موقعه حتى تحقق النصر على أرض الواقع، وانتصر أبطالنا واستردوا سيناء لولا الثغرة التي أخرت النصر قليلا، لكن إستراتيجية سعد الشاذلي في تحرك الجيش على طول الجبهة وضرب دفاعات العدو أسطورة لا تزال تدرس في كل المحافل العلمية عن أبطال مصريين حاربوا بكل قوة وشجاعة ضد عدو يتسلح بأحدث الأسلحة.

نشأته وميلاده

الفريق سعد الدين الشاذلي من مواليد 1 أبريل 1922، ولد بقرية شبراتنا مركز بسيون بمحافظة الغربية.
التحق بالكلية الحربية في فبراير عام 1939 وكان عمره 17 عاما، وتخرج في يوليو 1940 وانتدب للعمل بالحرس الملكي.
ذاع صيت الشاذلي منذ السنوات الأولى كعمله ضابطا، فخلال الحرب العالمية الثانية عام 1941 قام ببطولة نبأت بأنه سيصبح قائدا عظيما في المستقبل، وهي عندما كانت القوات المصرية والبريطانية تواجه القوات الألمانية في الصحراء الغربية، وصدرت الأوامر للقوات المصرية والبريطانية بالانسحاب، بقى الملازم أول سعد الدين الشاذلي ليدمر المعدات الثقيلة المتبقية في وجه القوات الألمانية المتقدمة، ومن 1943 إلى 1949 شارك في حرب فلسطين عام 1948 ضمن سرية ملكية مرسلة من قبل القصر، ثم انضم إلى الضباط الأحرار عام 1951، وأسس أول قوات مظلية في مصر عام 1954.

شارك في الحرب على العدوان الثلاثى عام 1956، وأيضا حرب اليمن كقائد للواء مشاة بين عامي 1965 و1966، شكل مجموعة من القوات الخاصة عرفت فيما بعد بـ"مجموعة الشاذلي" عام 1967.

أعد الشاذلي خطة الهجوم على إسرائيل وفقا لتواريخ تناسب سير العمليات، وبالفعل تمكن رجال مصر الأبطال من النصر وتكبيد القوات الإسرائيلية الكثير من الخسائر وقطع حائط الصواريخ اليد الطولى لإسرائيل وهي قواتها الجوية، ومنعها من التقدم لمسافة 10 كم من قناة السويس، وفي صباح يوم 12 أكتوبر تمكنت القوات الإسرائيلية من الضغط على القوات السورية بالجولان، فطلب الرئيس السادات من المشير أحمد إسماعيل تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط على سوريا، فأصدر إسماعيل أوامره بذلك.

عارض الفريق الشاذلى بشدة أي تطوير خارج نطاق الـ12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأى تقدم خارج المظلة معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي.

بناء على أوامر تطوير الهجوم شرقًا هاجمت القوات المصرية في قطاع الجيش الثالث الميدانى (في اتجاه السويس) بعدد 2 لواء، هما اللواء الحادي عشر (مشاة ميكانيكى) في اتجاه ممر الجدي، واللواء الثالث المدرع في اتجاه ممر متلا.

في قطاع الجيش الثاني الميداني اتجاه الإسماعيلية هاجمت الفرقة 21 المدرعة في اتجاه منطقة "الطاسة"، وعلى المحور الشمالي لسيناء هاجم اللواء 15 مدرعا في اتجاه "رمانة".

كان الهجوم غير موفق بالمرة كما توقع الشاذلى، وانتهى بفشل التطوير، مع اختلاف رئيسي هو أن القوات المصرية خسرت 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودات من بدء التطوير للتفوق الجوي الإسرائيلي.

بنهاية التطوير الفاشل أصبحت المبادأة في جانب القوات الإسرائيلية التي استعدت لتنفيذ خطتها المعدة من قبل والمعروفة باسم "الغزالة" للعبور غرب القناة، وحصار القوات المصرية الموجودة شرقها خاصة أن القوات المدرعة التي طورت الهجوم شرقا هي القوات التي كانت مكلفة بحماية الضفة الغربية ومؤخرة القوات المسلحة وبعبورها القنال شرقا وتدمير معظمها في معركة التطوير الفاشل ورفض السادات سحب ما تبقى من تلك القوات مرة أخرى إلى الغرب، أصبح ظهر الجيش المصري مكشوفا غرب القناة، فيما عرف بعد ذلك بثغرة الدفرسوار.

ترك الرئيس السادات مركز القيادة وذهب ليلقي بيانه الشهير في مجلس الشعب فقام الشاذلي بإعادة الفريق عبد المنعم خليل إلى قيادة الجيش الثاني بدلا من قائده الذي أصيب ونقل إلى المستشفى، واستطاع عبد المنعم خليل من الفوز في معركة أبو عطوة ونفيشة مما جعل الجيش الإسرائيلي يقوم بتطوير الهجوم إلى السويس، وظل الجيش الثالث محاصرا نحو 3 أشهر أثناء المفاوضات لم ينسَ الرئيس السادات معارضة الشاذلي له أبدا.

وفي 13 ديسمبر 1973 وبالرغم من نجاحه الساحق إستراتيجيا تم تسريحه من الجيش، وتعيينه سفيرًا لمصر في إنجلترا ثم البرتغال.

الشاذلي كقائد عسكري كره إسرائيل حتى النخاع وفى عام 1978 انتقد بشدة معاهدة كامب ديفيد وعارضها علانية وترك منصبه وذهب إلى الجزائر كلاجئ سياسي.

كتب الشاذلي خلال المنفي مذكراته الشهيرة التي انتقد فيها السادات بشدة على سير العمليات بالجبهة وتضليل الشعب المصري بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة استمرت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، بالرغم من الانتصار الذي حققه في 6 أكتوبر، وسحق إسرائيل تحت إرادة وعزيمة الجيش الذي لم يقهر إلا بالقرارات الخاطئة.
الجريدة الرسمية