رئيس التحرير
عصام كامل

سيدة القلب


لم يكن يناديها أمام الناس بكنية وهمية معتادة في مجتمعنا من قبل بعض من يتصورون أن معرفة اسم الزوجة هو تفريط في العرض والشرف، لكنه كان يفتخر دائما باسمها الذي يتلفظه بكل عفوية وحب.


روى لى صديق العشرين عاما، أن زوجته تعشق فنون الطبخ، وتكاد تقضي أغلب أوقات يومها في متابعة برامجه على كافة القنوات، وتزدحم مفكرتها الصغيرة بكل طرق وصفات الأكلات، وهى تحفظ عن ظهر قلب برنامج مطبخ فلانة، أو برنامج الشيف فلان، وترى في هذا سعادتها القصوى، ومنتهى سلوتها الوحيدة في ابتكار شئ جديد لزوجها وأولادها، وهى فرحة في انتظار تحصيل رد الفعل على تلك التجربة.

ويكمل، أنه في كثير من الأحيان قد لا يستسيغ بعض طرق الأكلات التي تطبقها زوجته عليه حرفيا، وهى تنتظر رأيه فيما صنعت، كانتظار طفلة صغيرة قرار أبيها بالخروج إلى الملاهى، لكنه ما كان يوما أن يحبطها أو يخيب رجائها في إسعاده، وهو يعلم أنها تكرس جُل جهدها في ذلك، فيخبرها دائما بأن هذا من أجمل وأشهى ما تذوق في حياته، رغبة منه في جبر خاطرها، وعدم إضاعة جهدها، وإشعارها بأهمية سعيها لرؤية السعادة في عينه.

ويستطرد: «لا تتصور كم أسعدت إطراءاتى زوجتى الطيبة، وقد بدأت فعلا أستمتع بانتظار الجديد منها كل يوم، وشجعها هذا على التفكير في تكوين مشروع صغير للطبخ المنزلى تحقق منه مكسبا، يشعرها بقيمة موهبتها، وأبديت لها استعدادى بدعمى إياها بالخامات، واشترطت هي علىّ سداد ما اقترضته منى في أقرب أجل، ووافقتها عن طيب خاطر، كى تشعر ببناء كفاحها ونجاحها بيدها وبمعاونة رفيق الدرب».

ويختتم مبتسما، أن سعادته بالغة في أن يراها تنجح، ويرى أثر ذلك على نفسيتها، ويتمنى لو أنها أصبحت شيفا شهيرا، يشار إليها في الفضائيات، ويفتخر بين الناس بانتمائه إليها.

تقدير صنيع الزوجة، واحترامها، والافتخار بها، لا يقلل مطلقا من شأن الزوج، وما كان أبدا مسببا لضعف الشخصية، بل العكس، فجبر خاطرها بكلمة طيبة، وثناء جميل، ينمى أواصر المحبة، ويقوى سلاسل المودة.

هناك نمط سائد لدى البعض من أشباه الرجال، ألا وهو، أن تفوق الزوجة خفوت للزوج، وأن ارتفاع شأنها إقلال من شأنه، وأن مكاسب الزوجة المادية من عملها وإنجازها، لابد وأن تؤول إلى الزوج كاملة مادام قد سمح لها بالعمل، في شيء أقل ما يوصف به أنه "نطاعة"، وأن التفاخر بها وباسمها، عيبا خطيرا لابد أن يتوارى خلف كُنية مجهولة، وأن دفن الزوجة اجتماعيا وطمس هويتها، هو منتهى الرجولة!.

كمالك بكمالها، وسعادتك في جبر خاطرها والثناء على ما تصنع، ورجولتك بالثقة فيها وفى تصرفاتها، وبتصحيح أخطائها بالحوار الهادئ، فعلوها سيعلى شأنك، ازرع بها أملا، نمى بها روحا، بث فيها ثقة، وثق حتما ستجدها صديقك وسندك الأول والأوحد.
الجريدة الرسمية