رئيس التحرير
عصام كامل

ابنة المخرج حسن الإمام تكشف الساعات الأخيرة في حياته ووصيته لأبنائه

المخرج حسن الإمام
المخرج حسن الإمام

في غرفة صغيرة داخل مستشفى الأنجلو أمريكان، يرقد المخرج الكبير حسن الإمام، بعدما تعرض لأزمة صحية شديدة، اضطرته إلى ذلك، رغم أنه كان لا يحب المستشفيات، لكن للضرورة أحكام، فالأمر لم يكن سهلا، ولن يكون هناك حل أمام أبنائه وزوجته سوى ذلك.


لم يكن الأمر بمثابة مفاجأة للأبناء الثلاثة وهم "حسين ومودي وزينب"، فهم يعلمون أن والدهم يعاني من مرض السكر منذ سنوات، وأن طبيعة مهنته كمخرج سينمائي لا تسمح له أن يكون صديقًا لمرضه اللعين، وهذا ما أثر على حالته بشكل كبير، وأدخله في دوامة كبيرة من المعاناة الصحية، فالتشخيص المبدئي لحالته هو تأثر القلب بمرض السكر، ولابد أن يكون "تحت الملاحظة" خلال هذه الفترة، هذا ما قاله الدكتور حليم جريس، الطبيب المعالج له.

تتحدث زينب عن الساعات الأخيرة في حياة والدها حسن الإمام الذي توفي في مثل هذا اليوم عام 1988، وعن وصيته التي قالها قبل رحيله، حيث تقول، رقد والدي في المستشفى عشرة أيام كاملة، وكانت حالته الصحية في آخر يومين بحياته، مستقرة للغاية، حتى أن الطبيب المعالج له أكد أنه سوف يخرج من المستشفي غدًا نظرًا لتحسن حالته، لذلك شعرنا بحالة من السعادة الكبيرة لهذا الخبر، ولم نتوقع أنه سوف يرحل عن عالمنا بعد ساعات.

وأضافت زينب أنها كانت موجودة برفقة والدها يوم رحيله، وتحدثت إليه كثيرًا، حتى إنه قال لها "اذهبي إلى بيتك فأنا أصبحت بخير، وعليك أن تهتمي بأبنائك" لكن كان هناك إصرار مني أن أبقى معه لأكبر وقت ممكن، لسعادتي بأنه أصبح يتحدث معي ويعلم كل شيء يدور حوله.

وقالت زينب إن والدها كان خفيف الظل، حتى أنني أثناء تواجدي معه بالغرفة، دخل أحد الممرضين لمتابعة حالته الصحية، وبعد خروجه قال لي والدي "الراجل دا أنا مش مرتاحله.. شكله كدا زي عزرائيل، فياريت تقوليلهم يخلوا واحد تاني اللي يدخل يغيرلي على رجلي"، واستمر الحديث بيننا طويلًا حتى أنه طلب مني أن اشتري الجرائد له حتى يتسلى بقراءتها ويعرف ماذا يحدث خارج المستشفى، لينتقل بنا الحديث إلى الجد بعض الشيء، حيث أوصاني على والدتي وطلب أيضا من حسين ومودي أن يكونًا دائما معًا وألا يفترقًا أبدا حيث قال "خليك ياحسين أنت ومودي مع بعض واوعوا تسيبوا بعض أبدا، أنتم ملكمش غير بعض وخلوا بالكم من أمكم وأختكم"، وهذا كانت بمثابة الوصية الوحيدة له.

وكشفت زينب أن خلال الأيام التي كان يرقد بها حسن الإمام بالمستشفى، لم يزره أحد من الفنانين، واكتفوا فقط بالاتصالات التليفونية للاطمئنان على حالته الصحية، رغم أنه كان صديقًا مقربًا للكثير منهم وكان على رأسهم حسين فهمي وكمال الشناوي وفريد شوقي ويوسف شاهين، لكن هناك العديد من النجوم قد قدموا واجب العزاء بعد وفاته.

وتعود زينب إلى الحديث عن الساعات الأخيرة في حياة والدها، حيث قالت إنه أصر أن أغادر المستشفي وأذهب لأبنائي وأن أبقى أيضا بجانب والدتي حيث قال "روحي يازينب والدتك لوحدها في البيت وأنا بقيت كويس وخارج بكرة إن شاء الله"، لذلك غادرت المستشفى على أمل أن التقي بوالدي في اليوم التالي واصطحبه إلى المنزل، لكن بعد وصولي للمنزل، فوجئت باتصال هاتفي من إدارة المستشفى التي أخبرتني بأن والدي قد توفي.
لم أستوعب الخبر، وظننت أنه خبر كاذب، لأنني كنت برفقته منذ ساعات قليلة، لكنني تأكدت من الخبر من رئيس المستشفى الذي أكده لي.
وتابعت زينب، والدي كان يعتز بكل أعماله، ولم يكن على خلاف مع أحد حتى من هاجموه، فكان يقول إن أعمالي هي ملك للجمهور والنقاد وعليهم أن يقولوا رأيهم حتى وإن كان حادًا، وكان يعتز بعمله مع فاتن حمامة ومع الراحل نجيب محفوظ، ولم يكن هناك خلاف بينهما مثلما أشيع، فكانت علاقتهما طيبة لأخر لحظة بحياته.
وعن أمنيته التي لم تتحقق قالت زينب إنه كان يتمنى أن يقدم عملا سينمائيا يتحدث عن فكرة " من الأحق بالأبناء؟.. الذي أنجبهم أم الذي رباهم؟"
رحل حسن الإمام في التاسع والعشرين من يناير عام 1988 عن عمر يناهز 69 عامًا بعدما ترك رصيدا فنيًا ضخمًا تعدى المائة فيلم سينمائي. 
الجريدة الرسمية
عاجل