رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إحسان عبد القدوس يكتب: من أحرق القاهرة؟

احسان عبد القدوس
احسان عبد القدوس

في مجلة روز اليوسف عام 1959 كتب إحسان عبد القدوس مقالا بمناسبة ذكرى حريق القاهرة في يناير 1951 قال فيه:
"كان الصراع بين قوى الثورة الشعبية وبين نظام الحكم المعتمد أساسا على أسرة أجنبية متعاونة ـــ بحكم جذورها ــــ قد دخل مرحلة الصراع المكشوف خاصة بعد أن استجاب النحاس باشا للرغبة الشعبية وأعلن قراره التاريخى بإلغاء معاهدة 1936".


وأضاف: "وجد فاروق نفسه على حافة الهاوية فمد يده إلى الإنجليز في السر، بينما أعلن قراراته الرسمية الخاصة باختيار معاونيه كحافظ عفيفى وعبد الفتاح عمرو أنه على الأقل يهادن المستعمر ويسترضيه.. وكان طبيعيا أن تثور ثائرة الشعب ويشتد غضبه على الإنجليز والملك معا، وأن تأخذ هذه الغضبة شكل الصراع المسلح الذي خاضته فصائل الشباب الثورى ضد قوات الاحتلال في القناة".

وتابع: "هل يسكت الإنجليز على هذه المواجهة المكشوفة التي تتحدى سطوتهم، وتهز من قبضتهم الحديدية التي أحكموها على مقرات مصر، بعد عاما بدأت يوم دخلوا القاهرة عام 1882 عقب نصرهم الخبيث على ثورة شعبية أخرى قادها أحمد عرابى وتمكنت العمالة والخيانة من إجهاضها".

واستطرد "عبد القدوس" في مقاله: "كنت في القاهرة كغيرى من الصحفيين المتمردين على خطايا الحكم نتوقع ضربة عنيفة يقوم بها الإنجليز، وكانت وشيكة الوقوع، كان احتمال أن تجيء الضربة من القاهرة مستبعدا لسببين أولهما أن الوجود العسكري كان قد تلاشى من العاصمة بعد انسحاب قواتهم إلى القناة واحتمال قيامهم بإغراء الملك على إقالة حكومة النحاس باعتبارها سبب المصائب إلا أن الإقالة يجب أن تسبقها أسباب ظاهرية فكانت البداية في الإسماعيلية.. المدينة التي يحمل اسمها أشرف معركة خاضها بوليس مصر. 

ففى صباح الجمعة 25 يناير وجهت القيادة الإنجليزية في الإسماعيلية إنذارا لقوات البوليس المصرى بأن تسلم المبنى وتخرج من المدينة كلها مجردة من السلاح، إلا أن اللواء أحمد رائف رفض الإنذار وتضامن وزير الداخلية فؤاد سراج الدين مع قرار الرفض الذي يقاوم رجال البوليس بالقوة أي محاولة لتنفيذ الإنذار".

وأردف: "قاوم رجال بوليس الإسماعيلية بشجاعة وهم 800 جندى مسلحون بالبنادق في مواجهة آلاف من خيرة الجنود الإنجليز.. عرف الشعب حقيقة المعركة بل المذبحة التي خطط لها الإنجليز ونفذوها في الإسماعيلية لكى يتردد صداها المدمر في القاهرة، فقد خرج جنود بلوكات النظام من معسكرهم في العباسية وهو يحملون اسلحتهم في مظاهرة تهتف بسقوط الاستعمار وتطالب بالسلاح للذهاب إلى القنال".

وواصل "عبد القدوس" في مقاله: "في نفس الوقت كانت تتجمع مظاهرة أخرى في حرم الجامعة مظاهرة أخرى غاضبة مما حدث في الإسماعيلية.. التقت المظاهرتان في قلب القاهرة لتتحولا إلى مظاهرة عاصفة تضم الجنود والطلاب وكل طوائف الشعب الغاضب لكرامته ودماء أبنائه التي أهدرت ظلما وعدوانا، اتجهت المظاهرة إلى مقر مجلس الوزراء ثم إلى قصر عابدين".

وتالع: "وأشعلت النيران التي دمرت أكثر من 300 متجر تضم أشهر محال القاهرة، 13 فندقا، كما أكلت النار 40 دارا للسينما و73 مطعما و92 بارا و16 ناديا وتدمير ملهى الأوبرج بالهرم، فأعلنت الحكومة الأحكام العرفية.. كان فاروق وقتئذ يقيم حفل غداء بمناسبة قدوم ولى العهد وقد دعى إليه قادة الجيش والسياسة".

واختتم مقاله قائلا: "لقد حاولت السلطة المتعاونة مع الاستعمار أن تلصق التهمة بكل الشرفاء الرافضين لخطاياهم إذ ذاك، وكانت درجات التلفيق تتفاوت حسب ظروف كل وطنى شريف وصلت إلى حد الاعتقال لبعض الثوار الحزبيين مثل فتحى رضوان وظل في المعتقل حتى أفرج عنه وعينته حكومة الثورة وزيرا في حكومتها، ثم اتهام أحمد حسين بتهمة التحريض على الحريق وأثبت القضاء براءته.. ويظل السؤال: من أحرق القاهرة؟".
Advertisements
الجريدة الرسمية