لعنة "الدعم" تطارد الحكومة
قضية الدعم الحكومى للسلع تحولت إلى لعنة تطارد الحكومات منذ سنوات، نتيجة للسياسات المالية والاقتصادية الخاطئة، مما دفع بالحكومة الحالية إلى إجبار المواطن بأن يشارك فى حل المشكلة الناجمة عن هذه السياسات وأن يقبل على مضض بالقرارات المتتالية لرفع الأسعار، لكن إلى متى يسدد الفقراء فاتورة الغلاء؟
إنَّ مراجعة سياسات الدعم أمر بات فى غاية الأهمية فى الوقت الحالى، لاسيما وأن بعض أهم أنواع الدعم (كالخبز ومشتقات البترول تحديدا ) تستفيد منه كل فئات الشعب دون استثناء، بل ويستفيد منه وبطريقة شرعية غير المصريين من مقيمين أو زائرين وعددهم ليس بالقليل، فأين العدالة الاجتماعية التى ننادى بها منذ عقود طويلة لتحقيق الحياة الكريمة للفقراء غير القادرين؟
ولتحقيق العدالة الاجتماعية التى هى أحد أهداف ومطالب ثورة يناير المجيدة من وجهة نظرى المتواضعة، فلايجب أن تعامل الحكومة أصحاب الدخول المرتفعة نفس المعاملة التى يلقاها أصحاب الدخول المحدودة من المعدمين والفقراء والمهمشين.
ففى كل بلاد العالم نجد أن المواطن الذى يطلب الدعم أو المساعدة لابد له أن يتقيد بما تطلبه منه الحكومة. فلماذا لا نطلب من مواطنينا الذين يطلبون الدعم أن يتقدموا بملء استمارة بيانات تعدها الحكومة خاصة بأوضاع هؤلاء المواطنين المالية والاجتماعية على مستوى كل محافظة ؟
فمن السهل وفى وقت قصير جدا تحديد مستحقى الدعم، ومعاونتهم على الحصول على حقوقهم من السلع التموينية والخبز ومشتقات البترول بالسعر المدعم الذى تتحمله موازنة الدولة بالمليارات من أجل توفير حياة كريمة لهذه الشريحة من المجتمع، الأمر الذى لم يحدث حتى هذه اللحظة لعدم وصول الدعم إلى مستحقيه.
ما زلت أسأل حكومة الدكتور قنديل: ماذا قدمتم للفقراء ومحدودى الدخل والمهمشين وغير القادرين والمسنين والأيتام وذوى الإعاقة والأرامل والمحتاجين ومن يحصلون على أرزاقهم يوما بيوم؟
الإجابة وبمنتهى البساطة ارتفاع مستمر فى أسعار جميع السلع والخدمات. كنت أتوقع أن هذه الطبقات ستكون فى مقدمة أولوياتكم مع اللحظة الأولى لتوليكم مقاليد حكم البلاد إلا أن أحوالهم زادت سوءا عما سبق.
هل تعلم سيدى الرئيس أن هذه الطبقات نتيجة عدم شعورها بتحسن أحوالها المعيشية أصبحت تضعك فى مقارنة مع من سبقك رغم الفساد الذى استشرى فى عهده والسرقة والسلب والنهب إلا أنها كانت تشعر أنها أحسن حالا؟!
أعلم أنها مقارنة غير عادلة ولكنى ألتمس لها كل العذر، فلقد زاد الفقر وازدادت معدلات الجريمة بصورة غير مسبوقة نتيجة الحاجة والفقر، وأنا لا أبرر لها ذلك بل أستعرض الصورة كاملة بنتائجها، فالحاجة "كفاكم الله شرها " السبب الرئيسى لانتشار الجريمة بكل أنواعها وبهذه الصورة البشعة.
نحن فى حاجة إلى إعادة الثقة بين المواطنين والحكومة من خلال حل أزمة الدعم ورغيف العيش وتوفيره للشعب خاصة أن الحكومة تقدم دعما للشعب بما يقرب من مليارى جنيه، وهو رقم يمثل ثلث الميزانية العامة للدولة!!
كذلك لابد من تقوية دور المؤسسات الرقابية لحماية الدعم من مافيا نهب الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه من أفراد الشعب البسطاء.
Raafat.1963@gmail.com
