رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

محمود السعدني يكتب: رجل ليس فوق القمة لأنه القمة نفسها

محمود السعدنى
محمود السعدنى


في جريدة الشرق الأوسط في ديسمبر 1993 كتب محمود السعدنى يحيى الكاتب الصحفي محمد التابعي في ذكراه قال فيه:
بدأت صلة العبد لله بالكاتب الصحفى محمد التابعى على صفحات "آخر ساعة" ثم تعقبته على صفحات أخبار اليوم، وتمنيت من أعماقى أن التقى به مرة وأجلس معه وأتحدث إليه.


وجاءت الفرصة في معرض الرسام طوغان نهاية الأربعينيات، صافحته وتحدثت إليه والتقط المصور صورة تذكارية للعبد لله إلى جانبه، وقلت للكاتب الكبير انني في حاجة إلى وقت أطول للحديث معه، فقال مرحبا بك في أي وقت في بيتى.

صور لى غرورى أننا صرنا أصدقاء، وخطفت رجلى بعد أيام إلى منزل التابعى في الزمالك، فتح الباب خادم عجوز، ولما أخبرته بمقدمى واسمى عاد بعد قليل ليقول الأستاذ نايم.

أخرجت من جيبى ورقة وقلما وكتبت إليه (تابعى.. إن لى قلما كقلمك، لكنه أرفع وأروع، وعندما يحين الوقت المناسب سأكتب للملايين قصة الذين يسكنون الزمالك ويكتبون عن آلام الناس في حوش بردق وشق الثعبان).

وهكذا انقطعت الصداقة بينى وبين التابعى، وبعد 15 عاما كتبت عدة حلقات عن شخصيات مصرية تحت عنوان "رجل فوق القمة" بدأتها بيوسف وهبى والدكتور أنور المفتى والشيخ مصطفى إسماعيل وحسن فتحى وجاء الدور على محمد التابعى واتصلت به وضرب لى موعدا في اليوم التالى.

ذهبت إليه واستغرق حديثنا اربع جلسات على مدى أسبوع، اكتشفت أن الكاتب الكبير لا يعيش زماننا فالقاهرة التي يعرفها تغيرت، واكتشفت أنه لا يغادر بيته إلا نادرا، وعرفت أنه لا يزور أحدا، لكن الأصدقاء هي التي تحضر لزيارته، ولكنهم كانوا زبدة مجتمع مصر.

رحت أنظر إلى الأستاذ التابعى وهو جالس أمامى: هذا الرجل الذي تهابه الحكومات وتعمل له ألف حساب، وكل الفنانين الكبار شهد خطواتهم الأولى وشارك في صنع أمجادهم من أول أم كلثوم إلى عبد الوهاب إلى فريد الأطرش إلى أسمهان وكل أصحاب الأقلام الذهبية والأسماء الرنانة كانوا تلاميذه وأبناء جيله من أول مصطفى أمين إلى على أمين إلى كامل الشناوى إلى إبراهيم الورداني إلى هيكل.

أنه صاحب الفضل في الصورة التي أصبحت عليها الصحافة المصرية، ونفس الشيء ينطبق على الصحافة العربية.. إنه رجل ليس فوق القمة..لكنه القمة نفسها.

بعد نشر الموضوع تلقيت تليفونا من الأستاذ التابعى، يشكرنى على ما كتبته، واعتبرت هذه المكالمة هي أكبر جائزة صحفية نلتها في حياتى.
Advertisements
الجريدة الرسمية