رئيس التحرير
عصام كامل

«تعلم الحكمة من جدته وقصة عاطفية أنقذته من الجنون».. شخصيات أثرت في مسيرة السادات

فيتو

طوال مسيرته التي امتدت إلى ما يزيد على الستين عاما، كانت هناك شخصيات لها تأثير كبير في حياة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، سواء في مرحلة الطفولة أو بداية مرحلة الشباب، وكانت البداية مع جدته لوالده ست البرين تلك السيدة البسيطة التي لم تكن تعرف القراء ولا الكتابة ولكنها كانت تملك الحكمة الكافية لإدارة شئون العائلة من كبيرها إلى صغيرها.


مجلة المصور أجرت عام 1953 استطلاعا بين مجلس قيادة الثورة حول الرجل والكتاب الذي أثر في حياة كل منهم وساهم في بناء مبادئهم وشخصياتهم، ومن بين كل أعضاء المجلس قال البكباشي أنور السادات: "قبل أن أتحدث عن الرجل وهم رجال كثر أثروا في حياتي، اقول إنى تأثرت بجدتى أول ما تأثرت، عشت معها وكان لها تأثير كبير على شخصيتى حتى أن الرجال كانوا يقفون لتحيتها عندما تمر بهم وذلك رغم أنها أمية لا تقرأ ولا تكتب بل تحمل ثقافة الزمن والتراث والتجربة، كانت تملك حكمة غير عادية حتى أنهم كانوا يأخذون مشورتها في كل أمورهم علاوة على مهارتها في تقديم الوصفات الدوائية للمرضى".

سماع أحاديث جدته قبل النوم كل ليلة.. هي العادة التي تربى عليها محمد أنور السادات، من جدته منذ الصغر، الذي جعله يعيش طول يومه منتظرًا قدوم الليل، ليسمع هذه الأحاديث منها، والتي كانت تعني له الكثير، فلم تبخل عن عقله وروحه بأي شيء، حيث كانت ترعاه وأخاه، خلال سفر والده للعمل في السودان، وترعى معهما، أمر العائلة بأكملها، إلى جانب زراعة قطعة أرض كانت تمتلكها العائلة.


وفي كتابه "يا ولدي هذا عمك جمال"، يحكي السادات عن جدته قائلا: "كانت ذات فطرة واعية، وذكاء وشخصية، قلما تجدها في الأشخاص، الذين تعلموا وتثقفوا، حيث كانت الحياة هي مدرستها، التي تلقت فيها الثقافة وحسن تدبير الأمور، وكنت أرى الرجال يقصدونها للنصيحة والرأي، وهي في كل ما تشير أو تنصح رزينة الحجة وثاقبة البصر"، حيث كانت تعتبر أحاديثها دروسا وعبر، وكانت تعرف في النفس البشرية ضعفها وتلتمس الخير في حماس يدخل الدفء إلى قلوب أهل القرية".

وانتقل السادات إلى بقية الشخصيات التي تأثر بها قائلا: "أول ما تأثرت وأنا صبى هو صورة مصطفى كمال أتاورك التي كان يعلقها والدى الموظف البسيط في بيتنا بالقاهرة بعد عودتنا من السودان، وحكى لى والدى وأنا صغير كيف قام أتاتورك بثورة من أجل بلده، وأنشأ تركيا من العدم بعد أن طرد منها كل قوى الاحتلال وحرر بلده، أيضا تأثرت بالمهاتما غاندى حين زار مصر وملأت صوره الصحف والمجلات التي تحدثت عن حياته التي أعجبتنى فتعمقت في القراءة عنه".

الفاروق عمر بن الخطاب كان أحد الشخصيات المؤثرة في حياة الرئيس الراحل وعن ذلك يقول:" الرجل الذي تأثرت به فعلا أكبر تأثير هو الفاروق عمر بن الخطاب، وكان أول اتصال لى بهذه الشخصية العظيمة عام 1942 وكنت تحت التحفظ بميس المدفعية الملاصق لمطار هليوبوليس، كنت وقتها أشغل نفسى بقراءة كتاب "حياة محمد " للدكتور محمد حسين هيكل، ومع ما فى السيرة النبوية من روعة وبطولة إلا أن سيرة عمر بن الخطاب في الكتاب أخذتنى أخذا ووجدته رجلا يمثل القوة، ليس قوة الجسم فقط وإنما قوة الروح والعقل، فعندما كان يؤمن بما آمن به آباؤه انطلق يدافع عن الأصنام بقوة، وعندما عيره بعضهم بأخته التي أسلمت انقلب ذلك الوحش الكاسر وديعا وصفت نفسه بفضل قوة روحه حين قرأ الصحيفة التي كانت تقرأها أخته "إنا انزلنا عليك القرآن لتشقى " وبعد أن أسلم تحمس للإسلام بقوة ليس لها مثيل".



وعن الكتاب الذي تأثر به قال السادات: "حين كنت في السجن تعرضت لألوان شديدة من الآلام، وكنت لا أستطيع النوم حتى شعرت أننى اقتربت من الجنون، ووسط هذه الظروف السيئة وقع في يدى كتاب لمؤلف امريكى اسمه لويد دوجلاس اسمه desputed passage قرأت فيه سيرة عاطفية لشاب يؤمن بواجبه ويؤمن في الوقت نفسه بقصة حب عنيفة، هو في نظرى من أروع ما تكون العاطفة ومن أجمل وأصفى ما يكون الحب، تعلمت من الكتاب أن أروع إحساس يمكن أن يغسل كل هموم هذا العالم وآلامه هو الحب.. ليس بذلك المعنى المحدود المتعارف عليه ولكن بمعناه الواسع الشامل، حتى تذوب كل تلك الأصداء من كراهية لتحل محلها وداعة وطهر وصفاء، عندئذ عرفت نفسى وتعلمت الحب وعشت ستة شهور في نهاية مرحلة سجنى كأسعد ما يعيش الإنسان، بل كانت هذه الفترة هي أسعد فترات حياتى حتى أن زملائى في السجن كانوا يقولون لى "انك ستحزن إذا أطلقت حريتك وتركت السجن ".
الجريدة الرسمية