رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات مرعبة من داخل غرف الرعاية المركزة في 6 محافظات (ملف خاص)

فيتو

واقع مرير يعيشه المرضى وذووهم في تعاملاتهم مع المستشفيات الحكومية سواء التابعة لوزارة الصحة أو وزارة التعليم العالي التي يتناقص فيها عدد الأسرة ولا يكفي لاستقبال المرضى، ويوم وراء يوم تزداد طوابير المرضى في قوائم الانتظار، ولا يجد المريض طريقا يسلكه سوى اللجوء إلى غرف العناية في المستشفيات الخاصة، التي يستغلها سماسرة محترفون لتحقيق ثروات طائلة، خصوصا أن سعر الليلة الواحدة يصل في بعض المحافظات إلى 3 آلاف جنيه.


"نقص حاد في عدد الأسرة وأطقم التمريض والأطباء المتخصصين"، هكذا وصلت الأحوال داخل غرف العناية المركزة في مختلف محافظات الجمهورية، نتيجة غياب التخطيط وسوء الإدارة، بالإضافة إلى عمليات الإحلال والتجديد في بعض المستشفيات.
"فيتو" تقتحم غرف العناية المركزة وتكشف ما يحدث خلف أسوار المستشفيات في عدد من المحافظات.

المنيا: سرير لكل 71 ألف مواطن 

في محافظة المنيا تبدو الصورة قاتمة للغاية داخل غرف العناية المركزة، ويسيطر سماسرة وتجار الأزمات على المشهد، ويستغلون عجز المستشفيات العامة عن توفير أماكن وحاجة المرضى للعلاج في تحقيق ثروات طائلة، ويصل سعر الليلة في غرفة العناية المركزة في بعض المستشفيات الخاصة إلى 3 آلاف جنيه.

وداخل مستشفى ملوي العام جنوب الإقليم، الذي يخدم 430 ألف نسمة، يوجد بالوحدة الخاصة بالعناية المركزة ستة أسرة فقط، بواقع سرير واحد لكل 71 ألف مواطن.

وعلى الرغم من تلك الأزمة، فإن مستشفى ديرمواس، يحول الحالات التي تحتاج للرعاية المركزة إلى مستشفى ملوي، وهو ما يزيد الموقف سوءًا، ويؤكد مسئولون داخل المستشفى أن العجز سيتم سده بعد تطوير المستشفى القديم من قبل الوزارة، بتوفير 20 سريرًا إضافيًا لوحدة العناية المركزة..

وروى "محمد علي سمير عبد النعيم"، من أبناء ديرمواس، تفاصيل وفاة والدته بعد تعرضها لـ"أزمة قلبية حادة مصحوبة بجلطة في الشريان التاجي"، متهمًا سماسرة العناية أنهم السبب في فقدان والدته، بعد تعرضها لجلطة مفاجئة بالقلب، وتم نقلها إلى المستشفى العام، لكن لم يكن هناك أسرة خالية، حيث إن كل ما يمتلكه مستشفى دير مواس، 8 أسرة فقط لوحدة عناية القلب، وتم تحويلها إلى مستشفى ملوي، لكن حظه كان عاثرًا ولم يجد سريرًا خاليًا، بخلاف قائمة انتظار للعشرات يبحثون عن النجاة، وهو ما أجبره على التوجه بوالدته إلى مستشفى تابع لجمعية خيرية يمتلك وحدة عناية مركزة للقلب، ولم تدخل والدتي إلى سريرها إلا بعد دفع مبلغ 2000 جنيه، تحت الحساب، وبعد مرور 4 ساعات غادرت المستشفى متوجها إلى القاهرة لمتابعة حالتها، فاتضح أنه يجب أن أدفع 1800 جنيه آخرين، نظرًا لأن سعر السرير خلال 4 ساعات 3800 جنيه، والاسم مستشفى خيري..

وداخل مدينة سمالوط يعيش الأهالي المأساة نفسها، بعد أن أعلن ديوان عام المحافظة منذ أكثر من عامين إحلال وتجديد المستشفى ووقتها أعلنت الدكتورة أمنية رجب، وكيلة وزارة الصحة، أن المستشفى الجديد المتطور سيتم دعمه بـ11 سريرًا للعناية المركزة، في الوقت الذي تخطى إجمالي ساكني مدينة سمالوط 200 ألف مواطن.

الغربية: المرضى في مصيدة سماسرة المستشفيات الخاصة 

يعاني أهالي محافظة الغربية النقص الشديد في أقسام وأسرة العناية المركزة بالمستشفيات المختلفة التابعة سواء التابعة لمديرية الصحة أو الجامعة أو الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية أو التأمين الصحي، مما يدفع أهالي المرضى ذوي الحالات الخطيرة والطارئة، إلى الوقوع فريسة للمستشفيات والمراكز الخاصة أو الموت ألما.

5.5 ملايين نسمة، هو التعداد السكاني للمحافظة، يخدمهم 12 مستشفى ما بين حكومي وجامعي وتخصصي، ويمتلكون 499 سرير عناية مركزة، بواقع سرير لكل 11 ألف مواطن، بإمكانيات قليلة ومعاناة لنقص الأجهزة، رغم وقوعها في موقع جغرافي متميز وسط محافظات الدلتا، ويأتي إليها عدد كبير من سكان 5 محافظات مجاورة لقربهم منها، مما يسبب زيادة الطلب على العناية المركزة بينما المعروض لا يزيد بالنسبة نفسها.

وأكد الدكتور محمد شرشر، وكيل وزارة الصحة، أن رفض دخول المرضى للعناية المركزة داخل المستشفيات الحكومية يعود إلى أن جميع الأسرة تكون مشغولة، ولا توجد أماكن متاحة للمرضى، ويوجه المستشفى الحالة إلى مستشفى آخر بدلا من أن تموت بسبب عدم تلقيها العناية المناسبة، مضيفًا أن مستشفيات المحافظة بها 28 غرفة عناية مركزة، يتم تشغيلها بأقل الإمكانيات، تحت متابعة قوية منه، لضمان تقديم أفضل خدمة، مؤكدًا أن أي طبيب يتهاون في عمله يتم إحالته فورا للتحقيق لتوقيع الجزاء المناسب، وأن المديرية تراقب وتتابع حالة جميع غرف العناية المركزة بجميع المستشفيات، وأنه يشن زيارات مفاجئة للتأكد من مدى جاهزيتها لاستقبال المرضى.

ويروي "محمد محمود"، موظف بالكهرباء، أنه عثر على مسن مريض في الشارع، وعلى الفور توجه به إلى المستشفى لكنهم رفضوا استقبال الحالة، مشيرا إلى أن الممرضات تركوا المريض على "الترولي" لمدة ساعتين، وحدثت العديد من المشكلات بينه وبين العاملين هناك، وتم دخوله العناية المركزة بعد معاناة، وأكمل أنه لم يمر على المريض ساعة وتم إخراجه من العناية بسبب وجود مريض آخر من أحد أقارب طبيب يحتاج إلى العناية، وتركوا المسن بمدخل المستشفى لا يهتم به أحد.

وحررت أسرة فريـال سيد، ٥٢ عاما، محضرًا بقسم شرطة طنطا أول برقم 5947/ 2018، تتهم فيه مستشفى جامعة طنطا بالإهمال والتقصير الذي أدى إلى وفاتها، بسبب أن استمرت عدة ساعات على الترولي بين الحياة والموت بطرقة المستشفى تنتظر دخولها غرفة العناية المركزة، وجاء بالمحضر أنها دخلت المستشفى في حالة صحية سيئة جدا، وتحتاج إلى نقلها إلى غرفة العناية المركزة، لكن بسبب تجاهل العاملين وعدم وجود أسرة استمرت على الترولي لبضع ساعات تصارع الحياة، وأنهم تحدثوا مع الأطباء لكن لم ينقذها أحد.

بينما شهد مستشفى طوارئ طنطا الجامعي، تعدي أهالي مريض على ممرضات، وأطباء بها بسبب عدم وجود سرير في غرفة العناية ما تسبب في إصابة فرد أمن بجرح في الوجه وكدمات في يد ممرضة، واستقبل أيضا مصابًا في حادث سير بكسر في الجمجمة، وبعد تلقيه الإسعافات والإجراءات الطبية اللازمة واستقرار حالته كان يتطلب وضعه في غرفة العناية المركزة، وبسبب عدم توافر مكان تم وضعه في غرفة الملاحظات الدقيقة لحين توفير سرير عناية، الأمر الذي رفضه أهله وتعدوا على أفراد الأمن وطاقم التمريض بالسب والشتم، مما أسفر عن إصابة فرد أمن وممرضة، اعتقادا منهم أن المستشفى به مكان في غرفة العناية ويرفض استقبال المريض.

دمياط.. حضرت الغرف وغاب الأطباء 

في محافظة دمياط وبفضل نشطاء المجتمع المدني، تتوافر العديد من غرف العناية المركز في 7 مستشفيات حكومية، إضافة إلى أماكن أهلية أخرى تقدم خدمة استقبال المرضى بأجور رمزية، لكن الغريب أنه في الوقت الذي تتوافر فيه الغرف تفشل مديرية الصحة في تشغيلها بشكل كامل، بسبب نقص الأطباء، وفشل الإدارة الحالية في توفير الطاقات البشرية اللازمة لاستغلال غرف العناية المركزة الموجودة، بينما تتفوق مستشفيات الجامعة في استقطاب الأطباء.

وتمتلك محافظة دمياط أكثر من 100 سرير داخل 9 غرف عناية على مستوى مستشفيات المحافظة، لكنهم معطلين لنقص الأطباء، ويأتي مستشفى رأس البر المركزي على رأس المستشفيات التي عانت غياب أطباء متخصصين في هذا القسم، ويأتي بعده مستشفى كفر البطيخ التي واجهت مشكلات كثيرة بسبب رفضها استقبال بعض الحالات لغياب الأطباء ونقص التمريض المتخصص، بينما انتظم العمل نسبيًا داخل مستشفى عزبة البرج والزرقا لوجود أطباء مناوبين.

وعلى صعيد آخر يعمل مستشفى الأزهر في وادٍ بعيد عن أعين الجميع، ربما لا تتمكن من الدخول إلى ذلك المستشفى إلا إذا كان طبيبك الخاص أحد العاملين بها، لتصدر بهذا الأمر العديد من المشاهد السلبية عن القطاع بأكمله، فلا أمل لأي مريض من إيجاد فرصة داخل مستشفى جامعة الأزهر بدمياط، إلا عن طريق أحد أطبائها فقط، ولم يكتفِ مستشفى الأزهر بذلك لكنه عمل أيضًا على استقطاب الأطباء المتخصصين في هذا المجال لا سيما المتميزين به لتُفجر أزمة أخرى في وجه مستشفيات الحكومة.

روايات عديدة قصها بعض أهالي محافظة دمياط عن أوضاع غرف العناية، فيقول أحمد المهوي، إنه لم يتمكن من إنقاذ أبيه إلا بنائب برلماني، ذاكرًا أن والده كان يحتاج إلى غرفة عناية عقب إصابته بنوبة قلبية، إلا أنه لم يتمكن من الدخول إلى مستشفى الأزهر دون واسطة، مشيرًا إلى أنه لجأ إلى أحد نواب البرلمان للتأثير على مدير المستشفى لاستقبال الحالة.

وتقول أم محمد: "بحثت عن سرير فاضي لزوجي ولحقته بكشف خارجي"، مؤكدة أنها ظلت تبحث بين مستشفيات المحافظة عن مكان لاستقبال زوجها، وبنهاية المطاف لجأت إلى عيادة خاصة لأحد الأطباء لتتمكن من إلحاقه بمستشفى الأزهر.

أمام تلك المشاهد اكتفى الدكتور رمضان الخطيب وكيل وزارة الصحة، بالحديث عن مقترحات تطوير القسم داخل المستشفيات الحكومية، مشيرًا إلى أنه تم وضع خطة شاملة لتطوير غرف العناية على مستوى المحافظة، مؤكدًا أن دمياط تمتلك مركزًا متقدمًا على مستوى الجمهورية من حيث خدمة العناية الفائقة.

وأشار وكيل صحة دمياط إلى عدم قدرة المديرية على إبرام اتفاق بينها وبين مستشفيات الجامعة لاستقبال الحالات، مشددًا على أن هذا الأمر خارج سيطرة الوزارة حتى الآن، وأوضح أيضًا أن مستشفيات الحكومة تمتلك الأدوات التي تؤهلها إلى منافسة مستشفيات الجامعة غير أن نقص الأطباء المتخصصين في هذا القسم ما زال حائلًا أمام تقديم نتائج ملحوظة تواكب تطوير الغرف واستعداداتها.

سوهاج: 6 مركز خارج الخدمة 

بفضل عمليات الإحلال والتجديد التي تشهدها أكثر مستشفى في محافظة سوهاج منذ 4 سنوات خرجت غرف العناية المركزة في 6 مستشفيات مركزية بمراكز دار السلام وجهينة وجرجا وساقلتة وطما بمحافظة سوهاج من نطاق الخدمة، وتوقف العمل بتلك الغرف، بشكل أدى إلى انخفاض كبير في عدد الأسرة التي تستقبل مرضى المحافظة التي وصلت إلى 103 أسرة فقط.

وأوضح مجدي محمود، من مدينة جرجا، أن والده صدمته سيارة على الطريق وتم تحويله لمستشفى سوهاج العام لعمل أشعة مقطعية على المخ، وبعد عمل الأشعة طلب الطبيب أن يدخل والده العناية المركزة، لكن لا يوجد سرير خالٍ في المستشفى، وترك لمدة 4 ساعات متواصلة في الاستقبال للبحث عن سرير في العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية، وبالنهاية لم يجد ما يريد، وتوجه به إلى مستشفى خاص سعر الليلة الواحدة 900 جنيه..

ويقول خالد عبد العليم، من مدينة سوهاج، إن زوجته أصيبت بجلطة في المخ، وحولها أحد الأطباء بخطاب إلى مستشفى اليوم الواحد للعناية المركزة، وأبلغوه عدم وجود سرير، وبعد البحث عن واسطة لمدير مستشفى تم استقبال زوجته، مؤكدًا أن الحصول على سرير عناية مركزة لا بد له اللجوء إلى واسطة كبيرة.

من جانبه أوضح الدكتور هاني جمعية، وكيل وزارة الصحة بسوهاج، أن مشكلة العنايات المركزة في سوهاج، سببها قلة الأسرة في المستشفيات، بالإضافة إلى أن العنايات المركزة في المستشفيات المركزية متوقفة منذ فترة نتيجة عملية الإحلال والتجديد، وأنه حال الانتهاء من الترميم والتجديد سوف يتم حل جميع مشكلات نقص الأسرة في المستشفيات وتشغيل جميع العنايات المركزة بكامل طاقتها، مضيفًا أن مستشفيات سوهاج بها 103 أسرة بالإضافة إلى احتواء كل سرير على جهاز الصدمات الكهربائية الذي يراقب دقات القلب، ويستطيع جهاز الصدمات قياس الضغط وعمل رسم تخطيط للقلب..

الإسكندرية: نقص في طاقم التمريض.. وقوائم انتظار تضم الآلاف 

في الإسكندرية يعيش الأهالي مأساة خاصة، وبات الحصول على سرير بغرف العناية المركزة أمرا مستحيلا، خصوصا في ظل عدم توافر أماكن كافية لاستقبال المرضى رغم عشرات المستشفيات المنتشرة في عروس البحر المتوسط سواء الجامعية أو المركزية أو حتى الخاصة.

أحمد محمود، شقيق أحد المرضى، قال إن غياب الاهتمام والرعاية خلال الآونة الأخيرة، يعرض حياة المواطنين للخطر، لعدم وجود خدمات كافية لإسعاف المريض وإنقاذه على وجه السرعة، لافتا إلى أنه توجه بشقيقه إلى المستشفى الميري، عقب إصابته بحالة إغماء خلال عمله، وأنهم رغم خطورة حالته واتصالات المسئولين المستمرة منذ الدخول من بوابات المستشفى لحجز المريض، فإنهم فوجئوا بالطاقم الطبي يطالبهم بالانتظار لوجود أدوار وحجز للحصول على سرير بالعناية، على الرغم أن حالة شقيقه تحتاج إلى سرعة حجزه.

وأوضحت سناء عبد السلام "موظفة" أن المرضى وأسرهم يواجهون مشكلات كثيرة في التعامل مع المستشفيات الحكومية، منها عدم توفير خدمات طبية داخل غرف الطوارئ، ونقص الأطباء والممرضات، بجانب الإهمال في الرعاية من انتشار المخلفات الطبية في الطرقات، وغياب الاهتمام بصحة المريض، بالإضافة إلى رحلة العذاب التي لحقت بنجلها خلال تعرضه لحادث بكورنيش البحر، والبحث عن أطباء وغرفة للعناية المركزة لحجز نجلها، إلا أنهم فوجئوا بعد مرور ٤ ساعات من نقله داخل سيارة الإسعاف للبحث عن سرير بمستشفى أخرى، بعدم وجود أسرة كافية داخل العناية المركزة.

من جانبه قال الدكتور أحمد عثمان، رئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، عميد كلية الطب بجامعة الإسكندرية، إن عدد المستشفيات التي تتبع الجامعة ١٣ مستشفى، بها ٢٦٠ سرير عناية مركزة، وهناك ١٠٠ سرير عناية مركزة مجاني لغير القادرين في كل التخصصات، لافتا إلى وجود ١١٦ سرير عناية للأطفال أيضا.

المنوفية: عجز كبير في الأجهزة.. والمستشفيات الخاصة ملاذ المرضى 

يعاني أبناء محافظة المنوفية نقص أسرة العناية المركزة بأغلب المستشفيات، بالإضافة إلى النقص الشديد في أجهزة الفينت "التنفس الصناعي" مما يعرض حياة المرضى للخطر، علاوة على دور الواسطة في أولوية الدخول إلى الغرفة الأهم في المستشفى.

287 سريرًا إجمالي أسرة العناية المركزة في كل مستشفيات المنوفية، بنسبة عجز تقترب من 100%، حيث إن معدلات الصحة العالمية تقتضي أن يتم توفير سرير لكل 10 آلاف مواطن، وفي وقت وصل فيه عدد سكان المنوفية إلى 4 ملايين و900 ألف مواطن أي 490 سريرًا، الأمر الذي يتسبب في أزمات كثيرة لذوي المرضى ويتطلب منهم مجهودًا مضنيًا يصل لأيام في رحلة البحث عن سرير داخل إحدى عنايات مستشفيات المحافظة.

إحدى قيادات مديرية الشئون الصحية بالمنوفية أكد أن المشكلة الأكبر تكمن في النقص الشديد لأجهزة التنفس الصناعي "الفينت" التي من المفترض أن يتم توفير جهاز لكل 4 أسرة، حيث يصل العجز لـ30 جهازًا بجميع مستشفيات المحافظة، مرجعًا ذلك للتكلفة الباهظة للجهاز الواحد التي تبلغ 800 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن أغلب أجهزة التنفس الصناعي الموجودة داخل المستشفيات تحمل تكلفتها الأهالي بالمشاركة المجتمعية عبر التبرعات.

من جانبه قال مدحت سامي، شقيق حالة داخل عناية مستشفى الباجور، إنه اضطر للجوء للمستشفيات الخاصة، بسبب عدم توافر سرير لشقيقه، الأمر الذي كبدهم تكاليف باهظة تخطت الـ10 آلاف جنيه خلال 3 أيام، حالفه الحظ كثيرًا، حيث لم يفقد شقيقه في رحلة البحث عن سرير عناية مركزة بعد أن اضطر للمبيت ليلتين كاملتين داخل مستشفى الباجور من أجل حجز سرير لشقيقه الذي يعاني أمراض الرئة، ويستلزم ذلك توصيله بأجهزة التنفس الصناعي داخل العناية المركزة.

وأكد مصدر طبي بالمحافظة رفض ذكر اسمه، أن الواسطة تتحكم في 10% من أولوية الدخول للعناية المركزة بالمستشفيات الحكومية، مشيرًا إلى أن قائمة الانتظار ليست كبيرة، ولا تتعدى الـ3 أفراد، ويتم يتوفير سرير لهم خلال 48 ساعة على الأكثر.

وأوضح الدكتور عبد الباري العجيزي، مدير إدارة المستشفيات بالمنوفية، أن نسبة العجز في أطباء العناية المركزة تصل لـ50%، مشيرًا إلى أن أغلب الأطباء يتقدمون بطلب الحصول على إجازة من أجل السفر للخارج، مما يتسبب في إحداث عجز كبير، لافتًا إلى أن المديرية لجأت للاعتماد على الأطباء المتخصصين في الباطنة لسد العجز الكبير داخل العنايات بمستشفيات المنوفية.


أسيوط: لو عاوز مكان دور على "واسطة" 

تعاني العنايات المركزة بمستشفى أسيوط الجامعي الذي يخدم 8 محافظات بالصعيد حالة عجز صارخة في التشغيل، رغم أن المستشفى يخدم 22 مليون صعيدي ويستقبل أكثر من مليوني مريض سنويًا من المترددين على مختلف مستشفياتها الجامعية الـ8، خاصة قطاع العناية الحرجة الذي تصل قوائم الانتظار فيه لـ50 مريضا يوميا على الرغم من وجود أسرة ومعدات شاغرة..

الدكتورة سحر عبد المولي مدير عام قطاع صيادلة المستشفيات الجامعية المشرف على شئون التدريب والجودة الصحية بجامعة أسيوط قالت إن المستشفى يضم نحو 10 عنايات بها 133 سرير عناية حرجة موزعة بين جميع مستشفياتها فعنايـــة الإصـابـــــات والمستشفى الرئيسي 21 سريرا، و القلــــب 12 سريرا، وعناية (تخديــر) 10 أسرة، وعناية بعـد العمليات والإفاقة 8 أسرة، والأمـراض الصدريـــــة 8 أسرة، والسكتة الدماغية 8 أسرة، والغيبوبة الكبدية ونزيف الجهاز الهضمي 10 أسرة، والاستقبال العــــام 8 أسرة، وعناية عاليـة الكفـــــاءة (للباطنــة) 6 أسرة، بالإضافة لأكبر عناية في الجمهورية للأطفال والأطفال المبتسرين وتضم 42 سريرًا.

عجز التمريض
ويؤكد الدكتور طارق الجمال رئيس جامعة أسيوط، أن جميع المستشفيات بالجامعة تعاني عجزا شديدا في التمريض بمختلف الأقسام خاصةً في العناية المركزة، حيث يبلغ العجز نحو 2800 ممرضة وهو ما يستدعي تحديد فترة تدريب إلزامية بالمستشفيات الجامعية ومنع الانتداب والانتقال لحل الأزمة.

وتشير "ف.ن" رئيس ممرضات، أن العناية تعاني نقصا صارخا في التمريض وتعمل بنصف طاقتها لكون عمل الوحدات المركزة يحتاج إلى مجهود كبير ومعايير طبية وتدريب جيد ويتطلب على الأقل 3 ممرضات أو ممرضتين للسرير الواحد لكن الحقيقة أن أعداد التمريض المتوافرة في أقسام العنايات أقل من ثلث احتياجاتها.

الوساطة والمحسوبية
يؤكد محمد على أحد العاملين بالمستشفى الجامعي، أن الوساطة والمحسوبية تتحكم بشكل كبير في حصول المرضى على حقهم في أسرة العناية، خاصة أنها بسعر رمزي وأغلبها على نفقة الدولة كما أن الأسرة التي تعمل في معظم العنايات لا تزيد على النصف مما يجعل قوائم الانتظار طويلة وبمجرد أن يخلو أحد الأسرة يوجد 4 مرضى في الانتظار إلا أن من لديه واسطة يحصل على السرير.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية