رئيس التحرير
عصام كامل

ورسالة لكل مسئول أيضًا!


إذا كان استقبال الرئيس السيسي للمواطنة الكادحة "مروة العبد" ابنة قرية العبيدات بالأقصر التي تعمل سائقة تروسيكل.. ومن قبلها استقباله للمواطنة السكندرية منى السيد التي اشتهرت بفتاة العربة.. هي رسالة تقدير لقيمة العمل ورسالة اعتزاز بمن يكدح في عمله أيًّا كان هذا العمل، وهو في الوقت نفسه رسالة لكل البسطاء الكادحين..


ورسالة أهم لكل مسئول صغر أو كبر أنه لم يعد مستساغًا ولا مقبولًا التعامل مع احتياجات المواطنين في أي جهة حكومية خدمية بمنطق الاستعلاء أو الاستخفاف والسخط؛ فالموظف العام هو -وفقًا للدستور- خادم للشعب يحمل أمانة كبرى واجبة الأداء، انطلاقًا من مبدأ "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته"..

وأنه آن الأوان أن يتحمل الجميع أمانته، وأن يرأفوا بحال رعيتهم من الفقراء والمهمشين وذوي الحاجة وأن ينصفوا المظلومين الذين يتطلعون للعدل والإنصاف والعيش بكرامة.. هذا الكلام ليس موجهًا للحكومة وحدها بل لنواب الشعب الذين اختارهم الناخبون ليحققوا آمالهم ويدافعوا عن مصالحهم تحت قبة البرلمان وإلزام الحكومة بذلك؛ ليس فيما يخص أبناء دوائرهم فحسب بل مصالح الشعب جميعًا بحُسبانهم نواب الأمة وضميرها وعينها الساهرة على مصالحها العليا من أمن قومي وتعليم وصحة واقتصاد وغيرها..

ذلك أن إنهاض مصر واستقرارها معلق في رقابنا جميعًا ولا يمكن لطرف واحد مهما تكن قوته أن ينهض به، سواء أكان هذا الطرف حكومة أم معارضة أم برلمانًا أم مجتمعًا مدنيًا؛ فاليد الواحدة لا تصفق ونظرة واحدة لأحوالنا ندرك كم قصرنا في حمل الأمانة التي وُكّلنا بها، ونسينا درسًا مهما علمنا إياه رسولنا الكريم حين اشترط على أسرى بدر إطلاق سراحهم مقابل تعليم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة..

أي محو أميتهم التي يرى المفتي الأسبق د.على جمعة أن استمرارها بيننا عارٌ علينا جميعًا؛ فثمة هيئة قومية لمحو الأمية تعمل في هذا الحقل منذ أكثر من 60 عامًا، لكن هذا الداء العضال لا يزال موجودًا؛ ما دفع بالمفتي الأسبق لمطالبة القوات المسلحة والداخلية بمحو أمية مجنديها حتى لو اضطررتنا لتخصيص نصف فترة تجنيدهم لهذا الغرض حتى يمكنهم التعامل مع مستحدثات العصر وضروراته..

ولنا في التاريخ الإسلامي أسوة حسنة فما دخل المسلمون بلدًا إلا وبدءوا بتعليم الناس حتى انتشر العلم من الهند إلى الأندلس ودخل الناس في الإسلام طوعًا بلا إكراه، وهو المبدأ الذي تأسس عليه الدين الحنيف "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".
الجريدة الرسمية