رئيس التحرير
عصام كامل

سوق سوداء لـ«الكورتيزون».. 10 جنيهات السعر الرسمي للحقنة وأطباء العظام يقدمونه للمرضى بـ200 جنيه.. تحذيرات من تناوله.. وسكرتير شعبة الصيدليات باتحاد الغرف: الاستخدام المفرط يؤدي إلى ضعف مناع

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

الحالة المتزنة التي يصل إليها المريض بعد حصوله على «الكورتيزون»، تجعله على قناعة تامة أنه حصل على العلاج المناسب لمرضه، غير أن الحقيقة عكس ذلك، فما يحدث داخل عيادات أطباء العظام، وتحديدًا أثناء علاج آلام الخشونة والغضاريف وتآكل المفاصل بـ«الكورتيزون»، لا يتعدى كونه «تسكين للآلام» وليس علاجًا نهائيًّا لها، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك مئات الأصناف للدواء متوافرة في السوق المصري، وتتنوع ما بين الحقن والكبسولات وأدوية الشراب.


بعض أطباء العظام، لا يجدون غضاضة في بيع وهم الشفاء لمرضاهم، إلا أن هناك مغالاة كبيرة في أسعار حقن «الكورتيزون» التي تصرف في العيادات، فالحقنة التي لا يتعدى سعرها بضعة جنيهات في السوق، تصل إلى 200 جنيه في العيادة، بخلاف مراهم وكريمات عشبية يتم تسويقها للمريض كونها تساهم إلى جانب العلاج في القضاء على الخشونة وآلام الغضاريف.

من جانبه قال الصيدلي محمود جبل: بعض عيادات أطباء العظام تستخدم حقن الكورتيزون للحقن الموضعي للمرضي وهو ممنوع، كما أن أغلبها مكون من مواد مجهولة المصدر تباع بأسعار مبالغ فيها، وأنواع من حقن الكورتيزون يتراوح سعرها ما بين 4 إلى 8 جنيهات ونوع آخر بــ25 جنيهًا غير متوافر، وتلك الأنواع تباع للمرضى بمبالغ تصل إلى 200 جنيه، مع الأخذ في الاعتبار أن الكورتيزون حقن مضادة للالتهابات قوية ومسكنة للألم، وخافضة للحرارة تحقن للمريض بجرعات مركزة وموضعية.

وأضاف: غالبية شركات الأدوية تنتج عقارات يدخل في مشتقاتها الكورتيزون، خاصة أن استخداماته متعددة في التهابات العظام والركبة والكتف، ويضمن للطبيب نتيجة سريعة لتسكين الألم دون الاستدامة، ومع الحقن المتكرر لا يستجيب لها الجسم، وهناك أطباء يرفضون وصف الكورتيزون لمرضاهم،لأنه مع استدامة استخدامه يسبب تليف العضلات.

وعن لجوء الأطباء إلى الكورتيزون، قال: غالبية الأطباء يلجئون لها لأن المريض يخرج من العيادة فاقدًا الشعور بالألم، ولا يذكرون للمريض اسم الحقنة أو السعر الحقيقي لها، وهناك بعض أنواع الحقن لعلاج الغضاريف والخشونة مهربة ومجهولة المصدر تعوض نقص سوائل الركبة وسعرها في السوق الشرعي 200 جنيه، بينما تباع في عيادات أطباء العظام بمبالغ تتراوح من 400 إلى 700 جنيه.

في نفس السياق، قال الصيدلي حاتم البدوي، سكرتير شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية: الاستخدام المفرط للكورتيزون له أضرار عدة، منها أنه يساهم في إضعاف مناعة الجسم، ويعمل على زيادة السوائل في الخلايا، ولا يلجأ الطبيب له إلا في حالات محدودة، كمضاد للالتهاب ويتم استخدامه حقنًا موضعيًّا في المفاصل والركبة وله آثار سلبية على جسم المريض.

من جهته قال الدكتور عاطف مرسي، أستاذ جراحة العظام: الكورتيزون ليس علاجًا لمرضى تآكل الغضاريف، مع الأخذ في الاعتبار هنا أن مشكلات الركبة والمفاصل نوعان منها أمراض الروماتيزم والروماتويد وهي أمراض مناعية يتم علاجها بالمسكنات أولا ومضادات الالتهاب والكورتيزون ثم أدوية بيولوجية، وعندما يحدث تآكل كامل في الغضاريف، يلجأ المريض للجراحة وعمليات تغيير المفاصل وأمراض الخشونة وهي تطور طبيعي لأنسجة العظام المفاصل مع تقدم السن، وتظهر في السيدات بعد سن الخمسين أكثر من الرجال.

وأكمل: جميع طرق العلاج محاولات علاجية منها أدوية «جلوكوزامين» وأدوية «الهيالورونيك» لالتهاب المفاصل وحقن ذاتية تحقن في المفاصل تحسن من حالة الغضاريف لأنه لا يوجد علاج يقضي عليه ويشفى منها نهائيًّا، كما كشف أن «الكورتيزون» لا يعالج الخشونة، موضحًا أن «بعض الأطباء يستخدمونه لتقليل الألم والالتهاب، وهو ليس علاجا ولا ينصح به وهي ممارسات علاجية خاطئة، فضلا عن أن بعض مرضى الخشونة يتبعون العلاج بالحجامة والخزام، وهي أمور غير علمية وخزعبلات، وبشكل عام الخشونة لا يصاب بها الشخص بسبب تقدم السن فقط، حيث إن هناك حالات تنتج عن إصابات الركبة أو حدوث كسور أو عيب خلقي في المفاصل».

في حين قال الدكتور خالد عمارة، أستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس: الكورتيزون مادة توقف الالتهاب وتوقف تجمع خلايا الدم البيضاء وجهاز المناعة، وهو دواء فعال لتقليل وعلاج الالتهابات الشديدة، واستعماله يعطل بناء الأنسجة في الجسم، ويمنع الجسم من الدفاع عن نفسه، وفي طب العظام يؤدي إلى ما يسمى قصور الدورة الدموية أو نخر العظام أو تآكلها، كما يسبب هشاشة العظام، فضلا عن زيادة احتمال حدوث عدوى أو تسوس أو التهابات صديدية بالعظام.

«د.خالد» في سياق حديثه حذر من استعمال الكورتيزون، سواء الموضعي أو العام، لأن مضاعفاته لا يمكن توقعها، موضحًا أن هناك مرضى يتعرضون لمضاعفات شديدة من جرعة واحدة فقط، بينما الآخرون يصابون بالمضاعفات بعد تعاطي الكورتيزون لفترات طويلة.

أما الدكتور محمد عز العرب، استشاري الباطنة والكبد، المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء، فأشار إلى أن «الكورتيزون» سلاح ذو حدين يستخدم ضد الالتهابات، وهو مضاد قوي إلا أن آثاره الجانبية شديدة، فتؤخذ جرعاته بحذر، وعند الانتهاء منها لا يجب التوقف مرة واحدة بل يجب تدريجيا، لأن التوقف المفاجئ فيه يسبب فشل في نشاط الغدة فوق الكظرية وهبوط شديد في ضغط الدم.

وتابع: استخدامات الكورتيزون متعددة في الأمراض المناعية الروماتيزمية وبروتوكولات علاج الأورام وأمراض العظام، وهناك أدوية أحيانا يتم اللجوء إليها لتقليل جرعة الكورتيزون بالجسم دون التأثير على المدى العلاجي له، فضلا عن بعض الاستخدامات غير الطبية في زيادة الوزن للجسم.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية