رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الدكتورة عالية المهدي : 5 إجراءات يجب تطبيقها لنرى «مصر أخرى في 2020» كما يريدها الرئيس

فيتو

  • هناك أمور جيدة تحدث في الاقتصاد المصري.. وأغلب تصرفات البنك المركزي «غير مفهومة»
  • إدارة ملف السياسة النقدية ليست حكيمة
  • كان لزامًا على الحكومة اتخاذ بعض الإجراءات تزامنًا مع تعويم الجنيه حتى نقلل من آثاره على المواطنين 
  • مجلس النواب والجهاز المركزي للمحاسبات لا أسمع لهما أي صوت «كأنهم مش عايشين معانا أو مش موجودين» 
  • يجب اختيار التوقيت الجيد لـ«طروحات الشركات» 
  • البورصة في الوقت الحالي لا تؤتي ثمارها على الإطلاق وبالمعنى الاقتصادي «واقعة»

بـ«صراحة لم تخلُ من قسوة»، تحدثت الدكتورة عالية المهدى، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها مصر في الوقت الحالي، ومن أبرزها بطء الإجراءات الحكومية، خاصة في التعامل مع المستثمرين مما يُضيِّع الكثير من الفرص الاستثمارية على البلد، موضحة أيضًا أن التصريحات المتناقضة لمحافظ البنك المركزي وقت التعويم، تسببت في الكثير من المغالطات، فضلًا عن المضاربات حول الجنيه، وكنا نتوقع آثارا أقل من ذلك، كما انتقدت الدكتورة عالية المهدي في حوارها لـ«فيتو» الاعتماد بنسبة كبيرة على الاقتصاد الريعي، رغم ما تمتلكه مصر من موارد عظيمة وهيكل ضخم في الصناعة والزراعة، ولا يحتاج ذلك سوى الاهتمام والإدارة الرشيدة.
العميد الأسبق لـ«الاقتصاد والعلوم السياسية»، لم تتمسك بنظرتها التشاؤمية للأوضاع، حيث إنها تحدثت عن الخطوات الواجب اتخاذها في أسرع وقت لإنهاء حالة الارتباك في إدارة عدد من الملفات، منها ملف إدارة مؤسسات الدولة، والبطء الحاصل في الإجراءات الحكومية، وكذا إدارة ملف الديون الخارجية.. وحول تفاصيل هذه الخطوات وأمور أخرى كان الحوار التالي:

«مصر أخرى في 2020».. تصريح جاء على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي.. من واقع متابعتك للمشهد العام ما أبرز المؤشرات التي تؤكد التصريح الرئاسي هذا؟
بالطبع هناك مؤشرات .. تتمثل في ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي حتى تخطى 44 مليار دولار، فضلًا عن خلق الكثير من فرص العمل، ونطمع في المزيد، لكن هذا لم يمنع من أن هناك أيضًا شروطا وإجراءات لكي نرى مصر أخرى في 2020، أبرزها العمل على خفض معدل التضخم، وخلق موارد جديدة للدولة، والتحسن في أداء أجهزة الدولة سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي، وتقليل معدل البطالة لـ7%، وزيادة الصادرات، كما يجب أن نضع في الاعتبار أن هناك 800 ألف وافد جديد يدخلون سوق العمل سنويًا، يجب توفير فرص عمل لهم، وينبغي الوصول بمعدل النمو بما لا يقل عن 80%، وخفض معدل التضخم لكي يصل إلى المستوى الأحادي أي أقل من 10%، وتطوير الهيكل الاقتصادي بشكل كلي، وجعل كل من الصناعة والزراعة يلعبان دورًا في التنمية.

برأيك.. هل هناك إمكانية لتحقيق كل هذه الشروط خلال السنوات الثلاث المقبلة؟
يجب أولًا أن يكون هناك تشجيع دائم للقطاع الخاص بكل أحجامه، من خلال جميع السياسات وبالتعاون مع جميع المصالح الحكومية، فهناك بعض الإجراءات الجيدة في مجال الاستثمار، لكن مازالت هناك عقبات في تمويل المشروعات، كما أن المستثمر ما زال يعاني من بعض الصعوبات والعراقيل في الحصول على قطعة أرض لإنشاء مشروعه الاستثماري.

بشكل عام.. هل توجد إدارة جيدة للملف المالي في مصر؟
نرى اجتهادا واضحا من وزير المالية، وبالطبع هناك تحديات مثل عجز الموازنة وتخفيض المصروفات التي لا طائل من ورائها، أما بخصوص ملف السياسة النقدية، فأرى أنه يمكن إدارته بشكل أفضل من ذلك، فقبل التعويم وأثناء التعويم لم تكن إدارة الملف حكيمة بالدرجة الكافية، لأنه كان هناك تصريحات متناقضة مما خلق مناخ من عدم الثقة والترقب والمضاربة على قيمة الجنيه، حيث قال محافظ البنك المركزي في وقت ما «مفيش حد هيلوي دراعي ومش هغير سعر الصرف»، وبعد ذلك تغير سعر الصرف، فالتناقض في التصريحات أدى إلى مزيد من «اللعب في سعر الجنيه» وبعدما كنا نتوقع أن يصل سعر الدولار لـ13 أو 14 جنيهًا على الأكثر، ارتفع حتى يكاد يكون لامس 19 جنيها.

- ما الفرق بين برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم تنفيذه في العام 1991 وبرنامج الإصلاح بعد ثورة يناير2011؟
عام 1991 كان هناك برنامج اقتصادي وكانت إدارته أفضل، حيث كان وقتها الدكتور عاطف صدقي رئيس وزراء مصر، والدكتور محمد أحمد الرزاز، وزير المالية، وكان هناك تخطيطً جيد للسياسة النقدية، واستمر استقرار الجنيه لنحو 9 سنوات، ومعدل التضخم كان 22% وانخفض مع نهاية برنامج الإصلاح لأقل من 1%، كما أننا كنا نتعامل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لكن الفرق أن الإدارة كانت أفضل، وكان هناك حكمة ودراسة لجميع الخطوات أكثر من ذلك، وأقصد هنا إدارة رئيس الوزراء ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي.

- لو وضعنا أولويات للمؤسسات التي تتطلب إصلاحا بأيها نبدأ: الرئاسة – الحكومة - الوزارة؟
الحكومة بمؤسساتها المختلفة، لا سيما المؤسسات التي تتعامل بشكل مباشر مع الجماهير، فيجب قياس نبض الشارع بصدق والعمل على إرضاء الجمهور، ومن وجهة نظري يجب أن تكون هناك حكومة إلكترونية، ولا تكون هناك علاقة مباشرة بين أجهزة الدولة والمواطن، ويمكن للمواطنين الانتهاء من إجراءاتهم المختلفة عبر الكمبيوتر والإنترنت، مع الأخذ في الاعتبار أن الشعب مؤهل لذلك.

- ما تقييمك لمستوى المساءلة في مصر والجهات المنوط بها تنفيذ هذا الأمر؟
أهم 3 جهات للمساءلة وحساب المسئولين هي (مجلس النواب، الجهاز المركزي للمحاسبات، والرقابة الإدارية)، والأخيرة أنجحهم وبذلت مجهودا واضحا وملموسا في عهد اللواء محمد عرفان، أما مجلس النواب والجهاز المركزي للمحاسبات فلا أسمع لهما أي صوت «كأنهم مش عايشين معانا أو مش موجودين»، فدرجة المساءلة لديهما ليست كما ينبغي على الإطلاق!

بالعودة إلى الملف المالي.. ما أسباب لجوء الحكومة للاقتراض؟
أولًا.. يجب توضيح أنه ليس هناك مشكلة في الاقتراض، لكن بشرط عدم تخطي الحدود الآمنة، وأن يكون هناك تخطيط لسداد هذه الديون وأعبائها، وإنفاق هذه القروض في قطاعات مدرة لعائد، أما اللجوء للقروض بشكل مُفرط فيكون بسبب عدم الإدارة الجيدة للموارد الكثيرة التي تمتلكها مصر، أو أنه طريق أسرع ومختصر للاستثمار.

- ما أهم ما قامت به الحكومات بعد ثورة 25 يناير؟
الشيء الأساسي الوحيد المحسوب هو إعادة الاستقرار على كل المستويات، أبرزهم الاستقرار الأمني، أما على المستوى الاقتصادي فلا يستطيع أحد أن يُنكر أن هناك تحسنا رغم الكثير من التحفظات، لكن يوجد تنمية ورغم أنها ليست بالشكل المطلوب، لكن بعد ثورة يناير كان معدل النمو بالسالب فكان -2% عامي 2011، و2012 أما اليوم فأصبح 5%، مع أمل أن يزيد بعد 10 سنوات لكنه في المجمل مُعدل معقول.

- ما تفسيرك لظاهرة الاحتفاء سواء عن الاستدانة أو عند طرح سندات؟
الكثير من تصرفات البنك المركزي غير مفهومة وغامضة، ولا أرى أنه يجب الاحتفاء بالاستدانة، فذلك يُعد إرهاقًا للموازنة العامة للدولة وإرهاقًا للأجيال القادمة أيضًا.

- ما تقييمك لاهتمام الحكومات بعد ثورة يناير بالعدالة الاجتماعية؟
هناك بعض البرامج التي رأينا لها صدى واسعا وإيجابيا مثل تكافل وكرامة، أيضًا الاهتمام بالدعم والبطاقة التموينية، غير أن هذا كله غير كافٍ ويجب التوسع في برامج العدالة الاجتماعية، وكان لزامًا على الحكومة اتخاذ بعض الإجراءات تزامنًا مع تعويم الجنيه حتى نقلل من آثاره على المواطنين خاصة محدودي الدخل.

- هل هناك خطورة من طرح الشركات الحكومية المملوكة للدولة في البورصة؟
لا توجد خطورة، لكن الأهم هو اختيار التوقيت المناسب، فالبورصة في الوقت الحالي لا تؤتي ثمارها على الإطلاق، وهي بالمعنى الاقتصادي «واقعة»، فمؤشر ما دون 13 ألف نقطة منخفض للغاية، فلا يُحبذ أن يكون هناك طرح لشركات القطاع العام بالبورصة في ذلك التوقيت، وننتظر حتى تستعيد البورصة عافيتها، مع العلم أنه يجب طرح الأسهم بشكل عام وتوجيه نسبة من الأموال لإعادة هيكلة الإدارة.

-«طروحات البورصة» هل يمكن النظر إليها من زاوية فشل الدولة في إدارة مؤسساتها ومن ثم لجأت إلى حل الخصخصة؟
للأسف الشديد الدولة تعتنق مفهوما خاطئا عن الخصخصة، فالخصخصة يمكن أن تكون خصخصة الإدارة، أو تأجير المكان أو جزء من خطوط الإنتاج، وليس بالضرورة أن يكون هناك بيع كلي، فيجب أن يكون ذلك هو المنطق الحاكم في الخصخصة، فهناك أصول رائعة تمتلكها الدولة لماذا يتم الاستغناء عنها بلا رجعة، فخصخصة الإدارة على سبيل المثل تُعطي للدولة فرصة لمراجعة إدارتها واستبيان الخلل وإصلاحه وذلك حتى تستفيد الأجيال القادمة.

من وجهة نظرك هل خرجنا من عباءة البيروقراطية أم ما زال أفق الحكومة ضيقا؟
للأسف إجراءات الحكومة بطيئة للغاية، والوزراء لديهم درجة من البطء لا يحسدون عليها، والحياة الاقتصادية سريعة، والعالم يتحرك من حولنا فهناك بطء في اتخاذ القرارات، وبطء في إصدار القوانين ولا أقصد "سلق القوانين"، لكن دراستها بشكل متأنٍ والخروج بها سريعًا ذلك لمواكبة التطور في العالم.

- إلى أي مدى ديون مصر مقلقة؟
مُقلقة للغاية، فلقد تجاوزنا 100% من الناتج المحلي الإجمالي، ويجب العمل على تخفيض الديون عبر المزيد من المخارج أولها وأهمها خلق موارد جديدة للدولة، والوصول بالديون لـ60% من الناتج المحلي الإجمالي، ووقتها نكون في الحدود الآمنة، فيجب توجيه القروض للقطاعات الإنتاجية التي تدر عائد ومع الوقت العمل على الانتهاء من مشكلة هذه القروض.

- كيف يمكن تجفيف منابع الديون والتخلص منها؟
الاكتفاء بما اقترضته مصر حتى الآن، فبالمقاييس الدولية مصر في وضع خطر بسبب الديون، فيجب العمل وبسرعة على السداد، وتنمية الاقتصاد والعمل على النهوض بالزراعة والصناعة وتهيئة مناخ الاستثمار وتوفير بيئة حاضنة للاستثمار المحلي والأجنبي باعتباره أولوية ملحة، والمزيد من التحسين بالبنية التشريعية والاهتمام بقطاع التكنولوجيا.

هل هناك حلول لعجز أزمة الموازنة دون اللجوء إلى رفع الأسعار وفرض الضرائب والاقتراض؟
الاهتمام بالاستثمار والمستثمرين وما يهم المستثمر هنا هو السرعة في اتخاذ القرارات واستدامة وسهولة الإجراءات وتوحيد مكانها.

- لماذا لم تتدفق الاستثمارات الخارجية بالرغم من جهود الحكومة كما قال وزير المالية؟
ما يهم المستثمر في المقام الأول «الأرباح»، وأن تكون هناك سهولة في تحويل أرباحه للخارج، واستقرار حال الدولة، وفوق كل ذلك يجب أن نكف نحن عن الحديث عن الإرهاب، فهناك بعض الأمور يجب الكف عن الحديث عنها، لأننا بالفعل نعيش حالة من الاستقرار،لأننا لو لم نفعل ذلك فإن المستثمر المصري نفسه سيهرب لخارج البلد، والمستثمر الداخلي يعطي أفضل صورة للمستثمر الخارجي.

- ما تقييمك لوضع البرلمان وأداء النواب؟
للأسف الأداء الرقابي للبرلمان لا يليق وغير إيجابي على الإطلاق، أما الأداء التشريعي فمقبول، فهناك بعض النواب مهتمون ولديهم فكر لإصلاح البلد.

- متى تتوقعين انخفاض سعر الدولار؟
لدينا المزيد من الوقت ليس أقل من 8 سنوات للوصول إلى ذلك الهدف، ولكي نمشي في هذا الطريق يجب العمل وبشكل أساسي على زيادة الصادرات وإنشاء المشروعات التي تدر دخلا بالعملة الصعبة.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"
Advertisements
الجريدة الرسمية