رئيس التحرير
عصام كامل

البابا ينهي سيطرة الأساقفة على الكنيسة.. اتجاه للإطاحة بأسقف عام المنيا.. وتأخير قرار الرحيل لحين هدوء الأوضاع.. استحداث إدارة مركزية للشئون المالية.. والتخلص من «التجليس» والاكتفاء بـ «

البابا تواضروس
البابا تواضروس

"نفد صبر البابا".. عنوان يلخص ما يجري في الكواليس داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من محاولات لإعادة ترتيب البيت من الداخل، ووقف احتكار بعض الأساقفة للإيبارشيات، فرأس الكنيسة منح الفرصة تلو الأخرى للأساقفة للعودة إلى الطريق الصحيح، لكن البعض أصر على السير قدما في طريق تحقيق أمجاده ومصالحه الشخصية، بعيدا عن المصلحة العليا للكنيسة، لذلك يجهز البابا تواضروس الثاني لحركة تغييرات واسعة في الأساقفة يتمنى أن تعيد الانضباط داخل الإيبارشيات.


ويترقب أبناء الكنيسة بشغف، اختيارات الأساقفة الجدد، التي من المقرر إعلانها قريبا، ومن شأنها إنهاء حالة الجدل الدائرة في الإيبارشيات الخالية، خاصة الساخنة منها.

رسامات هذه المرة مختلفة عن غيرها من المرات السابقة في ظل حالة احتقان تشهدها الكنيسة، وخلافات تصاعدت إلى أن وصل صداها إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت صفحات "فيس بوك " إلى مراكز للاستفتاء على شخصيات بعينها، وقبولها من عدمه.

في المقابل يسعى البابا لإنهاء حالة الاحتكار للإيبارشيات، من قبل بعض الأساقفة، الذين يصعب نقلهم أو إنهاء خدمتهم في الإيبارشية، مهما بلغت الأزمات التي أثيرت حولهم.

خطة البابا تواضروس لإنهاء عصر التجليس، والاكتفاء بالرسامة، وإنهاء احتكار الايبارشيات، تأتي لأسباب أهمها المشكلات التي حدثت في بعض المناطق، أو الصدام بين الأسقف وشعب الكنيسة، حيث شهدت الكنيسة الأيام الماضية أحداثا ساخنة، بداية من مقتل الأنبا إبيفانيوس، أسقف رئيس دير الأنبا مقار، مرورا بأحداث المنيا، التي تزعمها الأنبا مكاريوس، أسقف عام إيبارشية المنيا وأبو قرقاص، انتهاء بأحداث دير السلطان في القدس، نهاية إلى استقالة أسقف ملبورن في أستراليا، وهو ما تسبب في إحراج البابا على مستوى الدولة والكنيسة.

الأحداث الطائفية التي تشهدها المنيا من وقت لآخر، وأجبرت الأنبا مكاريوس، على أن يكون في المقدمة، بحكم كونه أسقفًا على الإيبارشية، اعتبرها البابا إحراجا، وزعزعة للعلاقة الهادئة بين الدولة والكنيسة، كما أن استقالة أسقف ملبورن، بعد مشاحنات مع الشعب، جعل البابا يفكر في خطة لسهولة نقل أسقف من مكان إلى آخر.

وكشفت مصادر مقربة من المقر البابوي، أن البابا تواضروس، استقر على رسامة أساقفة عموم في الإيبارشيات الخالية، دون تجليس أحد، وبذلك ينهي دولة الأساقفة، حيث يسهل نقلهم من إيبارشية إلى أخرى، إذ ما لم تستقر الأوضاع.

وقالت المصادر: إن البابا استقر على الإبقاء على الأنبا مكاريوس، أسقفا عاما للمنيا، وعدم فصل المنيا وأبو قرقاص، لحين مناقشة الأمر في وقت آخر، وذلك بعد لقاء جرى بين البابا والأسقف، في الكاتدرائية المرقسية، وعرض البابا على الأنبا مكاريوس، إيبارشية كندا، قائلا: إن الشعب هناك يطلبه منذ عامين، لكن أسقف المنيا رفض، وطلب الاستمرار في الصعيد، وهو ما ينفي رغبة البطريرك، لذا قرر الأخير الإبقاء عليه إلى حين.

واجتمع البابا تواضروس، بكهنة المنيا وأبو قرقاص، في المقر البابوي بدير الأنبا بيشوي، لاختيار بديل الأنبا أرسانيوس، الذي تنيح مؤخرا، واستطلاع رغبتهم في الإبقاء على الأنبا مكاريوس، أو اختيار بديل، مع معرفة رغبتهم في تقسيم الإيبارشية إلى اثنتين أو بقاء الوضع كما هو عليه.

البابا علم مسبقا أن هناك رغبة لدى الشعب والكهنة، بالإبقاء على الأنبا مكاريوس، وهو ما يخالف رغبته، حيث يتعرض لضغوط لنقل أسقف المنيا، كما أن وجهاء الأقباط في المنيا أيضا يعتبرونه مصدر إزعاج وإحراج لهم مع أجهزة الدولة، لذا يضغطون في اتجاه نقله خارج الإيبارشية، في حين أن الأنبا مكاريوس نفسه، يريد البقاء، متحصنا بالفقراء هناك.

اجتماع البابا وكهنة المنيا، أظهر أكثر من توجه، حيث إن البعض أعلن كتابة رفضهم لاستمرار الأنبا مكاريوس، في حين أعلن آخرون رغبتهم في الإبقاء عليه، أما الفريق الثالث، فجلس مع البطريرك وجها لوجه، واشتكى سوء الإدارة في الإيبارشية، جميع هذه الرغبات وضعت أمام البطريرك، وفي النهاية أجل رسامة أسقف للمنيا، وفضل استمرار الوضع على ما هو عليه، لحين البت في الأمر.

مصدر كنسي فسر ذلك، بوجود نية لدى البطريرك بالإطاحة بالأنبا مكاريوس، لكنه تخوف من إعلان ذلك في الاجتماع الأخير مع الكهنة، حتى لا تحدث صدامات بين المؤيدين والمعارضين، كما أن البابا يعلم نية الجميع مسبقا، ففوت عليهم فرصة الحديث والصدام حال إعلان عدم استمرار الأنبا مكاريوس، مشيرا إلى إمكانية نقله خارج مصر، في أول أزمة تحدث.

وأكدت المصادر أن البابا يريد أيضا رسامة أسقف عام على إيبارشية منفلوط، ودمياط وكفر الشيخ، خلفا للراحل الأنبا بيشوي، وعرض على كل من كهنة منفلوط، وكهنة دمياط، رسامة الأنبا أنجليوس أسقف شبرا، إلا أن الجميع رفض، وأعلنوا احتجاجهم عليه.

فيما تتجه النية إلى رسامة الأنبا إسحق، أسقفا لإيبارشية طما وتوابعها خلفا للأنبا فام، وتأكد نقل الأنبا هيرمينا إلى الإسكندرية، كما تشير المعلومات إلى رسامة الأنبا ماركوس، أسقفا على دمياط وكفر الشيخ، ومن المقرر أن يشهد السينمار حالة تصعيد من جانب الأنبا مايكل أسقف عام كنائس فيرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد القرار الباباوي الأحدث والذي حمل رقم 22 لعام 2018، والصادر عن البابا تواضروس الثاني، يُفيد انتداب الأنبا بيتر أسقف نورث كارولينا بأمريكا لكى يكون مشرفًا رعويا وماليا وإداريا، على كنائس فرجينيا، مع مطالبته بتقديم تقرير نصف سنوي للبابا عن أحوال الإيبارشية.

وكان الأنبا مايكل أعلن في وقت سابق أن أي اقتطاع من كنائس إيبارشيته سيدفعه إلى اللجوء للقضاء الأمريكي، للفصل بينه وبين الكنيسة المصرية التي يمثلها في فيرجينيا.

كما تعتبر إيبارشية أستراليا الحلقة الأحدث في الأحداث الساخنة، بالكنيسة، بعد أن أعلن الأنبا سوريال أسقف ملبورن بأستراليا، استقالته، مشيرا إلى أنه تعرض لمضايقات كثيرة سواء شعبية أو من السلطات الإيطالية، رغم أن المعلومات التي خرجت تشير إلى وجود شبهات مالية.

وأكدت المصادر أن إحدى حلقات سيناريو البابا تواضروس لإنهاء سيطرة الأساقفة، هي إنشاء إدارة مركزية لإدارة شئون الكنيسة المالية، وإنهاء استقلالية الإيبارشيات المالية، وهو ما أغضب الكثير من الكهنة والأساقفة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية