رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تؤثر عقوبات إيران على الأوضاع في لبنان؟


قد يبدو معروفًا للمهتم بالشئون الإقليمية والسياسة في الشرق الأوسط مدى تأثير العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صادرات إيران من النفط والتحويلات البنكية، بما سيؤثر في النهاية على تعاملات إيران التجارية وعلى الاقتصاد الإيراني بشكل عام.


العقوبات على إيران تؤثر على الأطراف المرتبطة بها أو حلفائها في اليمن، وسوريا، ولبنان، وقد لخص وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" التأثير المتوقع من هذه العقوبات التي ستشمل حوالي 700 شخصية وكيان إيران، وقال إن هذه العقوبات ستمنع إيران من تمويل حزب الله.

غير أن العقوبات على إيران قد تؤثر في جوانب أخرى لم يتحدث عنها وزير الخارجية الأمريكي ولم يتطرق إليها المحللين.. وسأبدأ مما انتهى عنده وزير الخارجية الأمريكي، هو منع إيران من تمويل حزب الله.. إذا تحققت أهداف دونالد ترامب من إيران من تمويل حزب الله أو من إضعاف تمويل إيران لحزب الله فإن ذلك قد يدفع حزب الله لاستفزاز إسرائيل أو إلى زيادة نشاطه العسكري.

وما أقصده هنا هو أننا يمكن قياس مدى تأثر حزب الله من خلال ردود أفعاله العسكرية.. فطالما ظل حزب الله ساكنا، فإن معنى ذلك أن إيران مستمرة في تمويل حزب الله بغض النظر عن حقيقة أن ما يصل لحزب الله من أموال إيرانية سيقل بفعل العقوبات.

العقوبات على إيران من شأنها أن تؤثر على الأوضاع السياسية في لبنان، وقد تدفع بلبنان إلى منعطف خطير.. فوعود وزير الخارجية الأمريكي بمنع إيران من تمويل حزب الله قد يدفع برئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة اللبنانية "سعد الحريري" إلى المماطلة في تشكيل الحكومة اللبنانية، ليصبح الضغط على حزب الله ضغطين: ضغط اقتصادي من الخارج بفعل نقص التمويل الإيراني، وضغط داخلي سياسي واقتصادي.

وحتى يكون الأمر أكثر وضوحا، فإن العقوبات الأمريكية على إيران من شأنها أن تدفع حزب الله في المساعدة في الإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية ليس فقط حتى يكون مكون من مكونات الحكومة جزءا من بيانها السياسي بما يعطيه حصانة، ولكن وبدرجة مساوية، حتى يتمكن من تخفيف الضغط الاقتصادي على جمهوره ومؤيديه من اللبنانيين، وبخاصة وأن المخاوف من انهيار الليرة اللبنانية والاقتصاد اللبناني تتردد كل فترة.

لكن ما هو المنعطف الخطير الذي يندفع إليه لبنان بفعل العقوبات على إيران.. إذا ما نجحت العقوبات الأمريكية في منع إيران من تمويل حزب الله، وأدت بشكل ما إلى تعطيل الحياة السياسة في لبنان، وإذا ما رأى حزب الله أنه ليس من الحكمة استفزاز إسرائيل فإنها قد يسعى إلى 7 أيار (مايو) جديد، حينما بسط حزب الله سيطرته على لبنان خلال ساعات.. قد يظن البعض أن إيران تمول حزب الله عسكريا فقط، لكن من يعيش داخل المطبخ السياسي اللبناني يعرف أن إيران تمول حزب الله من الألف إلى الياء..

فإذا نجحت العقوبات الاقتصادية على إيران في وقف أنشطة جميع مؤسسات حزب الله، وللحزب مؤسسات ومستشفيات ومدارس، فإن الحزب قد يسعى إلى شل الحياة السياسية.

من المبكر الحديث عن التأثيرات الطويلة الأجل على حزب الله، لكن من المؤكد أن إيران والحزب وحلفاءهما تحركوا في خطوط موازية من فترة طالما عرفوا بنية الرئيس الأمريكي.
الجريدة الرسمية