رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إلى محافظ الشرقية: «اقتلوا أهل الحلمية كي تستريحوا»


في جولة مفاجئة قام بها الدكتور "ممدوح غراب" محافظ الشرقية، لإحدى قرى المحافظة؛ للوقوف على مدى الخدمات المقدمة للأهالي في القطاعات المختلفة من صحة وتعليم ومرافق، ولكم أن تضعوا تحت بند قطاع المرافق «1000 خط»، ولكن لماذا التركيز على المرافق تحديدًا؟!


قبل أن أشرح سبب التركيز على المرافق علينا أن نعرف أولا ما هي تلك القرية التي تفقدها سيادة المحافظ، والوفد المرافق له، إنها إحدى قرى مركز أبو حماد وتسمى قرية «الحلمية».. تلك القرية صاحبة الباع الطويل من المنافسة في الحصول على لقب «القرية النموذجية» وبالفعل حصلت عليه لأعوام متتالية منفردة دون غيرها وذلك وفقًا لما يعد من تقارير عن جودة الخدمات ومستويات كافة القطاعات بها.

ولكن «دوام الحال من المحال»، ذلك ما تئن به شوارع القرية منذ أكثر من 7 أعوام، نعم سبعة أعوام دون أدنى مبالغة فمنذ أن قررت المحافظة البدء في مد خطوط شبكات الصرف الصحي الجديدة بالقرية –دون دراسة مستوفاة-، وتحولت الشوارع لمدقات ومستنقعات وبرك من الوحل والطين، حتى إن الخارج منها أو الوافد إليها بمجرد أن يصل لجهته أول ما يطمئن عليه سلامة عظامه وعموده الفقري من كثرة ما يتعرض له طوال رحلته التي لم تتجاوز الـ 4 كيلومترات حتى يصل للمركز التابع له القرية.

حتى إن الأجنة في بطون أمهاتها لم تسلم من تلك المأساة، فمنذ أشهر قليلة منقضية تعرضت إحدى سيدات القرية للإجهاض وفقدان جنينها نتيجة سوء حالة الطريق الواصل بين «الحلمية – أبو حماد»، وفقدت جنينها وما كان الذنب الذي اقترفته بحق الروح التي أزهقت إلا أن خرجت من بيتها قاصدة جهة عملها.

«سيارات نقل البهايم».. -مع الاعتذار للفظ سيارات- هذا ما يصف به كل من يتطرق لذهنه استقلال وسيلة المواصلات الوحيدة المتاحة ذهابا وإيابا لتلك القرية المنكوبة، وهى سيارات «الكبوت» التي تحمل بداخلها 12 راكبا وبالخارج عدد مماثل، مما يجعلها بمثابة «نعش» متحرك ينقل أحياء على بعد خطوات من الموت.

كثير من التظلمات والفاكسات أخذت مسارها الطبيعي والرسمي بدءا من الوحدة المحلية ومجلس المدينة مرورًا بمكتب المحافظ وصولا لشكاوى مجلس الوزراء، ولا حياة لمن تنادي، كله تصريحات تأتي بوعود بسرعة الانتهاء من الطريق والمرافق التي باتت تهدد كل من يخرج من بيته، حتى ومن قرر البقاء في منزله مهدد هو الآخر بسبب تآكل جدران المنازل نتيجة تراكم مياه الصرف في الشوارع لأيام وتصل لأسابيع متتالية حتى يتحرك ساكن للمسئولين.

المثير للشفقة والسخرية في ذات الوقت أنه أثناء زيارة سيادة المحافظ في جولة مفاجئة للقرية، لم يتطرق لقريب أو بعيد لحالة الطريق التي تمثل المعاناة والهم الأكبر في حياة أكثر من 34 ألف نسمة هم سكان القرية، بل إن كل ما قام به المحافظ بأن تفقد أحد المخابز ووجد نقصا في وزن الرغيف فأمر على الفور بإغلاق المخبز –قرار سليم 100% لا نكران ولا غبار عليه-، ولكن ألم يكن من الأحرى بسيادته، الأمر المباشر والفوري بإنقاذ القرية (رجالًا - نساءً - أطفالا رضع - أجنة في بطون أمهاتها - حتى المنازل المهددة بالانهيار)؟!

فآخر ما كُتب عن معاناة القرية المنكوبة -ولم يكن أولا-، كان تقريرًا مصورًا مع نماذج من الأهالي الذين سردوا معاناتهم ونُشر في مايو من العام الجاري، وبعدها خرج تصريح من المحافظ السابق اللواء خالد سعيد، وعدد من مديري القطاعات المنوطة، بحل فوري وجذري للأزمة، وحتى تاريخه لم يطرأ تغيير لمسه الأهالي.

عذرًا بالفعل طرأ التغيير الذي لا يمكن أن ينكره إلا جاحد، فقد زادت الشوارع سوءًا والخدمات من سيئ لأسوأ وبرك المياه انتقلت من الشوارع الفرعية للرئيسية، حتى إن الطريق المواجه للوحدة المحلية للقرية غارق في «الوحل»، وكأن المسئولين يهبطون إلى مكاتبهم من السماء دون المرور بالشوارع وبرك الطين.. فأخيرًا وليس بآخر رسالة إلى كل مسئول أيا كان منصبه وصفته «اقتلوا أهل الحلمية أو اطرحوهم أرضًا»؛ كي تستريحوا من صداع هؤلاء المطالبين بحقوقٍ آدمية.
Advertisements
الجريدة الرسمية