رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شوارع العاصمة المحتلة


من اللافت للنظر كثرة الشوارع المغلقة لدرجة أصبحت ظاهرة تثير القلق عند المواطن العادي، وعند أي عمليات جادة للتسويق السياحي وخاصة في العاصمة والمناطق السياحية، أصبح الاستسهال سمة البعض، وفيما يبدو أن الصمت على تلك الظاهرة شجع الجميع على احتلال جزء من الشارع لحسابه الخاص، ويستثني من ذلك طبعا بعض المواقع المهمة والحساسة، ولكن أن تغلق مثلا مصلحة السجون عدة شوارع في وسط العاصمة بالإضافة لنصف الكوبري الذي يمر أمامها، فهو ما يعطل المرور في تلك المنطقة المهمة..


ويتمثل أرخص الحلول في تقل المصلحة لأي منطقة صحراوية حول القاهرة، والأمر نفسه لعدد كبير من أقسام الشرطة التي تقع في قلب العاصمة، حيث أغلق بعضها كل الشوارع من حوله أو تم الإغلاق الجزئي لبعضها، وكان ذلك دافعا لكي يحتل تجار شارع ٢٦ يوليو الشارع تماما بعرض بضاعتهم ليضيع المجهود الرائع الذي قام به المحافظ الأسبق بتطهير منطقة وسط البلد من هؤلاء الباعة، وتقنين أوضاع الأرصفة أمام المحال، وخاصة محال وكالة البلح وما حولها ومعارض السيارات ومحال الكاوتش وإصلاح السيارات في وسط البلد عند منطقة معروف..

الأمر الذي خلق إمبراطورية للمنادين تتحكم تماما في شوارع العاصمة بعد فشل مشروع تعريفة الانتظار، لتصبح الماكينات شاهد على الفشل والفساد، وفِي المناطق الجديدة ذات الشوارع الواسعة قامت الأحياء ببيع الشوارع لواحد من الكبار لكي يستأجر عددا من الصبية للعمل كمنادين بصورة شرعية، فيغلقوا الشوارع، حتى يستطيعوا دفع المبلغ المطلوب منهم يوميا وتحقيق هامش لربحهم، وليس مهما الزحام وخنقة المرور يوميا كما يحدث أمام عمارات العبور..

وانظر إلى جاردن سيتي أرقى مناطق العاصمة، وهي مغلقة من كل الاتجاهات إكرامًا لسفارتي أمريكا وبريطانيا، وأصبح المرور بالقرب منهما محفوفا بالمخاطر حتى إن كانت الأسوار المرتفعة عند مداخل وخارج الشوارع تعطي إحساسا بالرهبة، وتحول أجمل شوارع العاصمة لمنظر قبيح ذي دلالات غير مريحة..

ونفس الأمر يقال على شارع النيل أجمل شوارع العالم حيث أغلقت السفارات أكثر من منتصفه وجعلت المرور حوله يتم بشكل دائري فيما يبدو كالاحتلال الدبلوماسي في مشهد عجيب ومبالغ فيه، تنفرد به القاهرة على كل العواصم بالعالم..

ومن السفارات للفنادق حيث قامت الفنادق الكبرى هي الأخرى بتخزين وتأمين نفسها بإغلاق الشوارع حولها، وبالطبع سارت على تلك الخطى معظم البنوك بإغلاق جزئي للشوارع أمامها وخلفها، ولم تكن كل المحال بعيدة عن تلك السنة، فوضعت الحواجز أمامها حتى لا تنتظر السيارات أمامها، ولم يعد أمام المشاة سنتيمترا واحدا يسيرون عليه مثل خلق الله في كل بلاد العالم..

أصبح نصيب المواطن العادي صفرا في التمتع بالتسوق والسير في شوارع، ذلك إذا أضفنا كل الشوارع المغلقة بسبب الحفر لمترو الإنفاق في قلب العاصمة، وفِي مناطق الزحمة والاختناق، وحتى في كل المناطق السياحية هناك احتلال عشوائي من كل الجهات تغلق كل الطرق أمام الزائرين والسياح..

حتى شارع المعز الذي كان تحفة في بداياته أصبحت السيارات والدراجات البخارية تنتهك حرمة المكان وتزعج المشاة وتسبب ضيقا للجميع، ويحدث ذلك على مرأى ومسمع من الشرطة التي تتواجد بطول الشارع وعرضه، ونفس الأمر يحدث في كل منطقة الهرم وأبو الهول والقاهرة الفاطمية.

وعند كل مطالع ومنازل الكباري بتخذها سائقو الميكروباصات مواقف مما يؤدي لتجمع الناس انتظارا لدورهم، مما يؤدي لاختناق الكباري وتعطيل المرور بالساعات، وتطور الأمر لكي تنفرد مصر بتخصيص محطات فوق الطرق والكباري السريعة مما يتسبب في عِشرات الحوادث في مناطق لا يفترض التوقف فيها، ولكن سلوك بعض المصريين جعل المستحيل ممكنا طالما هناك بشر فوق القانون وآخرين تحته.
Advertisements
الجريدة الرسمية