رئيس التحرير
عصام كامل

العنف ضد الصحفيين في ألمانيا.. عندما يصبح تويتر خطرا أمنيا

فيتو

بعد كيمنتس تأتي الآن كوتن الألمانية، حيث يبدو أن صحفيين تعرضوا لهجمات خلال مظاهرة مجموعات يمينية. وبعد هذه الحادثة دقت منظمات مدافعة عن الصحافيين ناقوس الخطر.

مساء يوم الأحد في شوارع كوتن بولاية ساكسونيا: ماركوس إنغيرت يتكلم أمام كاميرا هاتفه النقال، وقميصه تمزق على مستوى الكم. ويقول هذا الصحفي بأنه تم التعرف عليه وتعرض للدفع أثناء تغطيته لمظاهرة في كوتن بعدما قُتل شاب ألماني في الـ22 من عمره أثناء نزاع مع أفغانيين.

 موقع الإنترنيت Buzzfeed ينقل الفيديو عبر تويتر مع الإعلان بأن التغطية الإعلامية ستتوقف وإنه "خطير في الظلام" على صحفيين ممارسة عملهم. وحتى محرر صحيفة "تاغستسايتونغ" مارتن كأول موجود هذا المساء في مدينة كوتن الصغيرة. ومن خلال البث المباشر يقوم بتغطية اللقاء والخطاب الناري للعضو السابق في الحزب القومي الألماني دفيد كوكيرت. وحتى هذا الصحفي تعرض لهجمات المتظاهرين، وقد ساعدته الشرطة على الخروج من الحشد، كما أعلن لاحقا عبر تويتر.

وقبل أسبوع حصلت هجمات ضد صحفيين على هامش مهرجانات خطابية في كيمنتس. وفي مواقع التواصل الاجتماعي تروج فيديوهات يتم فيها تكسير تجهيزات الصحفيين وتم رفع عدة شكاوى واتحاد الصحفيين الألمان تحدث عن "عنف وحشي". أما منظمة مراسلون بلا حدود فتتوقع أنه بعد الاعتداءات ضد صحفيين في ألمانيا سيتجاوز عددها تلك المسجلة في السنتين الماضيتين، "والعدد المرتفع لتقارير شهود العيان يدفع إلى توقع حصول زيادة واضحة في الاعتداءات المؤكدة"، كما ورد في بيان نُشر الجمعة الماضية.

"هذه الديناميكية غير موجودة في بلدان أخرى"

وأثناء الاحتجاجات في كيمنتس سادت أجواء معادية لوسائل الإعلام، و"هذا لم نعايشه منذ انطلاق حركة بغيدا في 2015"، كما يقول المتحدث باسم رئاسة منظمة مراسلون بلا حدود ميشاييل رديسكه. والمثير للانتباه ليس فقط الزيادة الكمية في الاعتداءات. "المثير للقلق بوجه خاص هو أنه في الآونة الأخيرة أثناء مظاهرات اليمينيين في ألمانيا توجد مجموعات بشرية كبيرة تستهدف صحفيين، وتشتمهم جميعا وتضايقهم. وهذه الديناميكية غير موجودة في بلدان أخرى"، كما يقول رديسكه.

والتقييم الذي يفيد بأن الاعتداءات الأخيرة تجر معها نوعية جديدة، يشاطره المتحدث الصحفي باسم اتحاد الصحفيين الألمان هندريك تسورنير. "الحاسم في الأمر هو أنه خلال الأحداث في كيمنتس وعلى ما يبدو الآن في كوتن أن الصحفيين يتعرضون بشكل مستهدف للهجوم. لدينا الانطباع أن هذه الإستراتيجية يتم تطبيقها في أوساط اليمين المتطرف، إذ يتم انتقاء الصحفيين القائمين بتغطية المظاهرات واستخدام العنف ضدهم. وهذا لم يعد انفجار غضب عفوي، بل هو سلوك منسق".

توفير الحماية للصحفي خلال المظاهرات

هو لا يملك أدلة أنه تم تنسيق الاعتداءات أو البرمجة لها عبر الإنترنيت، لكن "نعلم منذ سنوات أنه توجد شبكات في الأوساط اليمينية التي تستهدف صحفيين". ويتم أيضا في الوسط اليميني جمع معلومات حول صحفيين وتصويرهم خلال مظاهرات، وهذا لم يعد حالة استثنائية. وخطر أن تتعرض حرية الصحافة لسوء بسبب العنف الممارس ضد صحفيين، "فهذا بات واقعيا"، كما يؤكد هندريك تسورنير. "توجد وسائل إعلام لا ترسل صحفييها إلى تلك الأماكن، وهناك وسائل إعلام أخرى تؤمن الحماية الجسدية لصحفييها حتى يتمكنوا من الدخول وسط المظاهرات. وهذا تضييق واضح للتغطية الإعلامية".

"مهاجر وصحفي، هذا كثير بالنسبة إلى البعض"

مراسل يذهب إلى المظاهرات بدون حماية منذ فترة يشارك فيها يمينيون متطرفون هو مراسل DW جعفر عبد الكريم الذي تعرض في السنوات الماضية عدة مرات للمضايقة جسديا وحتى شفويا. "عندما أكون أتحرك في مناطق الحروب فإنني لا أحتاج إلى الحماية الأمنية، لكن في برلين نعم. فالمزج بين مهاجر وصحفي يبدو أنه مفرط للبعض"، يقول عبد الكريم. كما أن هناك خطر أن يكون متظاهرون مستعدون لممارسة العنف قد تعرفوا عليه. وكان مجبرا على وقف تغطيته الإعلامية في كيمنتس، لأنه كان لوحده. "كان لدى الشعور بأنه وجب على النظر باستمرار حولي. فإذا كنت تتحدث أمام كاميرا التلفزة فأنت لا ترى ما يحصل خلفك".

وحتى مراسلة DW ليندا فيريكه كانت في كمنيتس بحماية أمنية في عين المكان. ورغم أنه كان بالإمكان التحدث إلى عديد من الأشخاص، إلا أنها كانت مسرورة بوجود مرافقة أمنية لها. لكن توفير الحماية الأمنية للصحفيين مرتبط بقضية التكاليف المالية، وهذا مورد لا يمكن لكل صحفي أن يستفيد منه.

الشرطة ووسائل الإعلام يتبادلون المسئولية

وتعتبر منظمة مراسلون بلا حدود واتحاد الصحفيين الألمان أن الشرطة تتحمل مسئولية مواجهة العنف المتزايد. "فهي مطالبة أكثر بحماية الصحفيين وتمكينهم من العمل بدون إزعاج"، كما يقول ريدسكه الذي أوضح أنه يجب التركيز مستقبلا أثناء تكوين رجال الشرطة على قانون الإعلام والتعامل مع الصحفيين والسهر على أن يطبق رجال الشرطة ذلك.

وتنتقد نقابة الشرطة أن الكثير من الصحفيين لا يعرفون الحدود، إذ لا يمكن للمراسل أن يقترب من الحدث بشكل مباشر ويطالب في آن واحد بفعل ما يريد تحت مظلة حرية الصحافة. والنقطة الحاسمة هي ابتداء من أي لحظة يجب على سحب الصحفي عندما تتدهور الأمور.

ولا يمكن للشرطة أن تضمن الحماية الكاملة للصحفيين، لاسيما أثناء المظاهرات الكبيرة التي تشارك فيها عناصر مستعدة لممارسة العنف. لكن بإمكان الصحفيين الحصول على معلومات من الشرطة حول الوضع الأمني لتقييم فرص العمل.

هلينا كاشيل/ م.أ.م

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية