رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الصراع الروسي - الأمريكي بين مناورات الغرب - 81 ومناورات الشرق - 18


المناورات الحربية- تدريبات عسكرية تقوم بها عدة دول حليفة أو دول منفردة بين أفرع قواتها العسكرية المختلفة لتطوير أدائها وتعزيز مهاراتها الميدانية وتقوية الروابط العسكرية بين الدول المشتركة، إلا أن أهم هدف للمناورات الحربية يتمثل في تصدير مفهوم الردع، ومفهوم الردع يتمثل في فكرة بسيطة جدا هي أن" جهة فاعلة تقنع جهة فاعلة أخرى -معتدية محتملة- أن العدوان سيكون له ثمن وهذا الثمن قد يكون في شكل أضرار غير مقبولة، تفوق أي مكاسب يمكن تحقيقها ماديًا أو سياسيًا".


في نهاية سبعينيات القرن الماضي تدهورت العلاقات السوفيتية مع الولايات المتحدة، وفي أوائل الثمانينيات من القرن الماضي تحوّل الرئيس ريغان من إستراتيجية الاحتواء التي ظل يتبناها أسلافه إلى خطة جديدة تتمثل في تقليص التوسع السوفييتي، وكان حجر الزاوية في إستراتيجيته هو الاعتراف أن الاتحاد السوفييتي عبارة عن نظام عدواني ثوري، لكنه هش من الداخل ولا بد من هزيمته.

لذلك كان على القيادة السوفيتية آنذاك أن تقوم بمناورات عسكرية مخيفة، من شأنها تصدير مفهوم الردع لإدارة الرئيس ريجان من مغبة القدوم على أي خطوة من شأنها أن تهدد الحدود السوفيتية مع دول حلف الناتو.

مناورات الغرب-81 (1981) - تدريبات تنفيذية وإستراتيجية للجيش السوفياتي والبحرية السوفيتية، عقدت في الفترة من 4 إلى 12 سبتمبر 1981 على الأراضي البيلاروسية ومنطقة كييف العسكرية، وكذلك في مياه بحر البلطيق. وهذه المناورات هي الأضخم في تاريخ القوات المسلحة السوفيتية، ويمكن مقارنتها فقط في هذا التوقيت مع المعارك التي خاضها الجيش السوفيتي في الحرب العالمية الثانية.

فكان عدد المشاركين في هذه المناورات نحو 100 ألف، أكثر من 6 آلاف دبابة ومركبات قتال للمشاة، تم استخدام أكثر من 400 طائرة مقاتلة وطائرات هليكوبتر، وبنجاح هذه المناورات، أصبح واضحا للقيادة الأمريكية وقيادات الدول الأعضاء في حلف الناتو، أن قيام حرب مع قوات كهذه، لا يمكن التنبؤ سوى بنتيجة واحدة- "الدمار". لذلك لعبت هذه المناورات دورا كبيرا في تهدئة الأمور التي كادت أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية سوفيتية - أمريكية في هذه الفترة.

أما مناورات "الشرق-18" فستكون الأكبر على مر تاريخ الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا الاتحادية، وهذه المناورات ستبدأ في 11 سبتمبر الجاري في مناطق الشرق الأقصى الروسي وسيبيريا، التي ستشمل 9 ميادين تدريب و3 بحار (بحر أخوتسك، بحر بيرنغ والبحر الياباني في شرق روسيا)، وسيشترك في هذه المناورات نحو 300 ألف فرد من القوات المسلحة، 36 ألف عربة قتالية (دبابات وعربات مدرعة)، ألف طائرة و80 سفينة حربية.

ومن المعلوم أن وحدات من الجيش الصيني والجيش المنغولي ستشارك في سير هذه المناورات في مرحلة ما، وتهدف هذه المناورات غير المسبوقة إلى: 

1- تصدير رسالة إلى الولايات المتحدة وأخواتها في حلف الناتو، أن روسيا على الرغم من العقوبات الاقتصادية، لديها المقدرة على تنظيم مناورات عسكرية ضخمة، تضمن مستوى تدريبيا عاليا للقوات الروسية.

2- تأتي في وقت تشتد فيه حدة التوتر بين الولايات المتحدة والصين، بسبب تحليق طائرات أمريكية إستراتيجية (بي-52) بالقرب من بحر الصين الجنوبي وجزيرة أوكيناوا في جنوب اليابان.

3- ممارسة ضغوط على حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادي (اليابان وكوريا الجنوبية)، بالإضافة إلى الضغط على القيادة اليابانية بسبب نزاع روسي - ياباني على جزر الكوريل.

4- تصدير مفهوم أن روسيا تمتلك حليفا إستراتيجيا مؤثرا، هذا الحليف هو الصين.

5- محاولة التأثير السلبي على النفوذ الكبير الذي تتمتع به الولايات المتحدة في هذه المنطقة.

مناورات الشرق-18 سيكون لها تأثير قوي على العلاقات الروسية - الأمريكية وستجعل الولايات المتحدة تفكر أكثر من مرة قبل أن تخطو أي خطوة في اتجاه المواجهة المباشرة مع الروس، فتوقيت المناورات يأتي قبل نحو شهرين من انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس الأمريكي.
Advertisements
الجريدة الرسمية