رئيس التحرير
عصام كامل

مخطط «قطاع الأعمال» لـ«تصفية الحديد والصلب».. الوزارة تتجاهل تعليمات الرئيس بـ«إنقاذها» وتقرر إلغاء «مناقصة التطوير».. رئيس الشركة يصدر قرارا بإنهاء العملية من

شركة الحديد والصلب
شركة الحديد والصلب المصرية- أرشيفية

«الموت الإكلينيكي».. سيناريو تصر وزارة قطاع الأعمال العام، وإدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، على تصديره للرأي العام، فيما يتعلق برفضهما أية محاولات لتطوير شركة الحديد والصلب المصرية، ما يشير إلى أن هناك سيناريو آخر أكثر خطورة يتم تنفيذه في الخفاء وراء ستار «عدم جدوى التطوير».


«فيتو» في أعداد سابقة، كشفت كواليس عملية التسويف والتعنت لتأجيل مناقصة تطوير وتأهيل الشركة التي استمرت أكثر من عامين ما بين لجان مشكلة وفتح مظاريف وتأجيلات غير مبررة، مرورا بتعيينات «المحسوبية» داخل شركة تعاني الخسائر، في ظل تخلي القابضة المعدنية عن سداد مديونياتها للكهرباء والغاز والمياه.

وبحسب المستندات التي حصلنا عليها، قرر مجلس إدارة «الحديد والصلب»، برئاسة المهندس عبد العاطي صالح عبد العاطي في جلسته بتاريخ 18 أغسطس الماضي إلغاء مناقصة التطوير بشكل نهائي، مستندًا لتقرير من شركة «تاتا ستيل» الصادر في نهاية يوليو 2015، الذي أشار إلى استقرار الإنتاج وتوفير الفحم اللازم لتشغيل الفرن العالي الرابع بصفة مستمرة، ضاربا بذلك اعتراض أعضاء من مجلس الإدارة المنتخبين، ومنهم جمال عبد المولى إبراهيم رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالشركة.

في المقابل.. سجل الأعضاء المعترضون، أسباب اعتراضهم رسميا، على إلغاء عملية تطوير الشركة، في قرار مجلس الإدارة، كما أكدوا أن قرار تأهيل الشركة والتطوير يتفق مع رؤية القيادة السياسية للبلاد، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شدد مرارا وتكرارا على تأهيل وتطوير الشركة، لأنها تمثل كيان الصناعة الوطنية في مصر، وتعد أكبر قلعة صناعات ثقيلة في مصر والشرق الأوسط.

وأوضح المعترضون أنه «إذا كان صدر قرار من وزير قطاع الأعمال العام بإلغاء المناقصة، فهذا يعد قرارا سياسيا وليس من شأنهم التصديق عليه»، كما شددوا على أنهم مصرون على تطوير الشركة وتأهيلها بما يتماشى مع رؤية القيادة السياسية، معتبرين أن قرار الإلغاء يعد حدا فاصلا في تاريخ الشركة والعاملين بها.

وخوفا من رفض الجهات المعنية اعتماد قرار المجلس، لا سيما أن اعتراض الأعضاء المنتخبين جاء مسببا، حاول رئيس الشركة الالتفاف على هذا القرار، حتى يمر بكل سلاسة، فور وصوله لوزير قطاع الأعمال العام، الذي بدوره سيرفعه لرئيس الجمهورية الذي طالبه في مؤتمر على الهواء بسرعة تطوير الشركة، فما كان من المهندس عبد العاطي صالح، إلا إصدار قرار آخر بإلغاء المناقصة بنفس تاريخ القرار الأول، مع ذكر أسماء المعترضين دون ذكر الأسباب.

ويكشف مستند آخر أن الشركة القابضة دعمت "الحديد والصلب" بمبلغ مليار ونصف المليار جنيه، بتاريخ 12/ 10/ 2017، خلال فترة تولي المهندس سيد عبد الوهاب زمام الأمور في القابضة، بهدف انتهاج إستراتيجية جديدة لمعالجة أوضاع الشركة ووضع حلول جذرية لإنهاء نزيف الخسائر، وزيادة رأسمال الشركة المصدر بنسبة 100% خلال العام المالي 2016/ 2017، علما بأن رأسمال "الحديد والصلب"، بالبورصة لا يتعدى الـ970 مليون جنيه.

والمثير هنا أن رئيس الشركة السابق المهندس سامي عبد الرحمن الذي تولى مقاليد الأمور بالشركة في نوفمبر 2017 أكد أن هذا المبلغ لم يتم إنفاقه في أي أعمال تذكر بالشركة، ما يضع علامة استفهام كبيرة حول آلية إنفاق المبلغ.

وعودة إلى قرار إلغاء عملية التطوير باستخدام فزاعة فحم الكوك، وتعمد شركة الكوك ما بين الحين والآخر لاستخدام سياسة «لي ذراع» شركة الحديد والصلب، وتهديدها المستمر بعدم توريد كمية الفحم المطلوب للشركة، تشير المستندات، إلى أنه طبقا للبروتوكول التصميمي لشركة الحديد والصلب، والجانب الروسي والقرار الجمهوري، رقم 2283 بتاريخ 26/12/ 1960، تعتبر شركة الكوك جزا لا يتجزأ من دورة الإنتاج بشركة الحديد والصلب المصرية، ورغم البروتوكول هذا، إلا أن شركة الكوك التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية اتخذت قرارا منذ عامين بتصدير إنتاجها دون الرجوع للحديد والصلب، بزعم عدم سداد المديونيات المتأخرة، ما أدى لخسائر فادحة لشركة الحديد.

وكشف خطاب موجه من قطاع التخطيط والمتابعة للحديد والصلب، لشركة الكوك، يوضح حجم الخسائر بسبب عدم تنفيذ العقد المبرم بين الشركتين، حيث أحجمت «الكوك» عن توريد الكمية المطلوبة والمقدرة بـ 16523 طن فحم خشن، ما تسبب في توقف الإنتاج بالفرن العالي الرابع لمدة 15 يوما عن العمل، وخسارة الشركة 120 مليونا و144 ألف جنيه، بالإضافة إلى خسائر العملاء لعدم تلبية طلباتهم في الأوقات المحددة.

ورغم تعنت شركة الكوك مع «الحديد والصلب»، الذي تدور شكوك حول أنه يتم عن قصد، يوضح خطاب موجه من شركة الحديد لـ«الكوك»، يؤكد موافقة الأخيرة على توريد 700 طن من الفحم الخشن يوميا لشركة الحديد حتى انتهاء العام المالي 2017/ 2018، طبقا للعقد الموقع بينهما، لكن دون مقدمات وبشكل مباغت امتنعت شركة الكوك عن توريد الكمية المطلوبة رغم التزام «الحديد والصلب» بسداد 20 مليون جنيه دفعات أسبوعية طبقا للمادة السادسة من العقد المبرم.

وإمعانا في تعنت شركة الكوك تجاه «الحديد والصلب»، أرسل رئيس شركة الكوك خطابا يهدد فيه بحجز الكمية الأسبوعية من الفحم حال عدم سداد 35 مليون جنيه أسبوعيا مقابل توريد 700 طن فحم يوميا، مخالفًا بذلك بنود العقد التي كانت تنص على سداد 20 مليون جنيه.

وكشف مستند آخر أن «الحديد والصلب» سددت لشركة الكوك خلال العام المالي 1/ 7/ 2017 حتى 30/ 6/ 2018 مليارا و300 جنيه ولم يتبق منها غير مديونية قديمة تقدر قيمتها بـ 360 مليون جنيه، والغريب أن مسئولي شركة الكوك رفضوا تقسيط هذه المديونية على 4 سنوات، حيث يضاف فيه القسط على مبلغ الـ20 مليون جنيه والمسدد أسبوعيا.

أراض مستباحة
واللافت للنظر أن رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية الدكتور مدحت نافع، بدأ في الظهور الإعلامي المكثف، متباكيًا على حال شركة الحديد والصلب وعدم المقدرة على عملية التطوير، في حين أن هناك -بحسب المستندات- أصولا للشركة غير مستغلة يقدر ثمنها بالمليارات، فهناك أرض معتدى عليها بجوار مخزن الشوبك الشرقي مساحتها 36 ألف متر وتقدر قيمتها بـ 72 مليون جنيه، وأرض مستغلة بواسطة معهد التبين للدراسات المعدنية مساحتها 50 ألف متر، تقدر بـ 100 مليون جنيه، بخلاف أرض عليها محطة مياه التبين بقيمة 682.5 مليون جنيه، رغم أن شركة مياه القاهرة دائمة المطالبة بسداد متأخراتها لدى شركة الحديد والصلب.

كما أنه هناك أرض فضاء ومتخللات مساحتها فدان بجوار نادي الشركة معتدى عليها تقدر قيمتها بـ 16 مليون جنيه، وأرض مساحتها 7 آلاف متر بجوار معهد التبين قيمتها 14 مليون جنيه، ومساحة أرض أخرى فضاء بالشوبك الشرقي مساحتها 281 ألفا و400 متر تقدر قيمتها بـ 844.2 مليون جنيه، بخلاف 107 أفدنة تم تحريرها في أبريل الماضي من أيدي العربان المتواجدين بالمنطقة.

وهذه الأرض رغم مساحتها الشاسعة تراخى المسئولين بعد تحريرها عام 2014 وتم الاستيلاء عليها من قبل العربان، وأقيم عليها 50 منزلا و50 مقبرة، كانت المقبرة الواحدة تباع بـ 50 ألف جنيه، حتى تولى المهندس سامي عبد الرحمن، والذي أصر على استردادها، ونسق بالفعل مع الجهات الأمنية لتنفيذ عملية التحرير، وتم تحرير الأرض أبريل الماضي، وتم تسويرها بسور خارجي مع وجود خطة لبناء سور داخلي لعدم الاعتداء عليها مرة أخرى، لكن الإطاحة برئيس الشركة السابق أحالت دون بناء سور داخلي الأمر الذي يجعل 107 أفدنة في مهب الريح، وتعد فريسة سهلة للاستيلاء عليها مرة أخرى.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية