رئيس التحرير
عصام كامل

الكاميرات تنهي أكاذيب الأب قاتل طفليه في ميت سلسيل.. الجاني اختلق رواية مكذوبة للأمن.. حاول الانتحار قبل ضبطه.. يعترف أمام النيابة من مسرح الجريمة.. ويبرر: الشيطان أقنعني

فيتو

جريمة بشعة هزت أرجاء مصر، أدارها أب ربما تفوق على الشيطان نفسه رغم ادعائه بأن "الشيطان هو من خطط له إثمه" إذ تجرد من مشاعر الأبوة ومن إنسانيته.. ليخطط لأشنع ذنب كان ضحيته فلذتي كبده كما زعم، والغريب أنه ألف رواية بوليسية لعرضها على أجهزة الأمن منعا لافتضاح أمره، لكن يبدو أن عدالة السماء كانت أسرع إليه من مخططه الشيطاني فأبت إلا فضحه.


رواية محكمة
الرواية التي ساقها الأب القاتل أمام أجهزة الأمن بالدقهلية لا يمكن أن تصدر إلا من محترف تأليف أو كاتب سيناريو.. إذ اصطحب الأب ولديه "محمد وريان" إلى إحدى الحدائق العامة في مدينة ميت سلسيل، وفور اختمار فكرة الجريمة الآثمة في عقله ادعى اختفاءهما وحرر محضرا بذلك، وما أسهل دموع التماسيح حينما تحترف القتل، ظلت رواية الأب الكاذب التي تداولتها وسائل الإعلام أنه الطفلين تم خطفهما من الحديقة، من خلال شخص غافل الأب مدعيا صداقته القديمة به، هكذا زعم القاتل بل زاد الحبكة بإعلان مكافأة 60 ألف جنيه لم يدل بمعلومات عن طفليه، إلى أن تم العثور على جثتي الطفلين في بحر فارسكور بدمياط.

كاميرات المراقبة
بدأ رجال المباحث وضع أياديهم على خيوط الجريمة، فالأب في أقواله تارة يقول أمام جهات التحقيق إنه كان على خلاف مع تجار آثار وأخرى يقول إن أحدا أراد الانتقام منه بخطف طفليه لمساومته ثم قتلهما، فيما وضعت فرق البحث الجنائي على طاولتها كل الاحتمالات إلى أن بدأت تحليل ما سجلته كاميرات المراقبة بالمنطقة المحيطة بمنافذ الحديقة والطرق القريبة منها.. وهنا تكشفت ألغاز الكارثة إذ تم جمع مقاطع فيديو تم تفريغها بدقة من كاميرات مراقبة على طريق ميت سلسيل وحتى كوبرى فارسكور بدمياط (موقع العثور على جثمانى طفلى الدقهلية محمد وريان)، يظهر محتواها سيارة والد الطفلين وصحبته لهما داخل السيارة.

اللحظات الأخيرة
هنا بدأ الأمر يتكشف أمام رجال البحث الجنائي، إذ بدا واضحا أن الأب نسج في بلاغه عن اختفاء طفليه رواية مكذوبة.. وبعد انتشال جثتي الطفلين من المياه تأكد أن شخصا ألقى بهما من أعلي، فيما أظهرتهما كاميرات المراقبة يلوحان للمارة عبر الزجاج الخلفى للسيارة أثناء مرافقتهما لوالدهما، وأمام الأدلة الدامغة، هرب والد الطفلين من المواجهة أمام النيابة، مما دعم الشكوك بشأنه، وبعد التواصل إليه ومواجهته بمقاطع الفيديو والتحريات اعترف بقتلهما وإلقائهما في المياه

النيابة تحقق
باشرت نيابة المنصورة الكلية في محافظة الدقهلية، التحقيقات مع والد طفلي ميت سلسيل اللذان تم اختطافهما وقتلهما، وعثر عليهما في ترعة فارسكور بمحافظة دمياط.

وأكد مصدر أمني بمديرية أمن الدقهلية أن والد الطفلين اعترف بقتله لولديه بعد قيامه بصرف مبالغ مالية طائلة قاربت المليون جنيه، خلال شهر، مؤكدا خوفه على أبنائه من الضياع بعد فقده كل أملاكه، فقام بالتخلص منهما واختلق قصة اختطافهما لإلهاء الأمن وتغيير مجرى القضية، مشيرا إلى نقل التحقيقات لنيابة المنصورة الكلية بدلا عن نيابة ميت سلسيل لتداعيات أمنية.

كما أضاف أحمد جمال محامى المتهم: إنه يقول ما أملى عليه، فيتحدث عن سيناريو واحد دون تغيير ولو تم سؤاله بسؤال آخر لا يجيب عنه، مشيرا إلى أن المتهم يروى في اعترافاته قصصا مرتبة محفوظة بقوله "أنا قتلتهما لأنهما لا يستحقان أن يكونا أبنائي لعدم قدرتي على تلبية احتياجاتهما، أنا قتلتهما لأن الجنة أفضل لهما من هذا الزمن".

وتابع المحامي أن المتهم قال في اعترافاته: "لدى هاجس منذ 10 أيام والشيطان يقنعنى بقتلهما، وحاولت الانتحار قبل معرفة الأمن مكاني".

استكمال التحقيقات
تم إحضار المتهم إلى مسرح الجريمة ليمثل الجريمة أمام النيابة فيما انسحب فريق الدفاع عنه بعد رفضه حضور المحامين من المقربين له، بينما أكد محام مطلع على التحقيقات أن المتهم ناقض نفسه فتاة يقول إنه قتل طفليه ليخلصهما من هم الدنيا وإن الجنة لهما أفضل، خاصة أنه يخشى تكاليف الحياة، وبعدها عاد يتحدث عن ادخاره مبلغ مليون جنيه.

رحل الطفلان تاركين جدهما وقد فقد النطق وأمهما رهن العلاج بعد تعرضها لأقسى صدمة بفقد فلذتي كبدها على يد من ظنته أكثر الناس أمانة للحفاظ عليهما.. وعاد القاتل يتحدث كما لو كان مريضا نفسيا بينما لن تتعامل النيابة معه خلال التحقيقات بحسن نية. 
الجريدة الرسمية