رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هديب خليفة المستشار السابق بوزارة الزراعة: الاقتصاد المصري قد ينهار خلال عام أو عامين

فيتو


>> العاصمة الإدارية ليست مدينة إنتاجية بل «مجموعة منتجعات»
>> يمكن حل أزمة الموازنة بدون رفع الأسعار والضرائب والرسوم أو اللجوء إلى الاقتراض

>> لدى خطة لإنشاء 45 محافظة جديدة تضم 45 شركة تعمير
>> القطاع العام في عهد الرئيس عبد الناصر لم يكن ناجحا
>> هناك طبقة طفيلية جديدة من البقالين وأصحاب المتاجر والمصانع ممن يُطلق عليهم “أغنياء الحرب”
>> زيادة الأسعار ستؤدى إلى كساد ثم إغلاق لعدد من المصانع والمتاجر وزيادة البطالة
>> تم اختيار الطريق الذي سيؤثر بالسلب على الشعب بالكامل حتى وإن حصلنا على شهادة صندوق النقد بسلامة اقتصادنا
>> صممت وصنعت وحدات متنقلة موفرة لمياه الري.. وجيش التعمير قادر على تغيير وجه مصر ولم يستفيدوا منها
>> لدى مقترح بإنشاء فيلا بتكلفة 250 ألف جنيه



بدأ المستشار السابق بوزارة الزراعة المهندس هديب خليفة حياته في مصر مهندسا للطيران، قبل أن يغادرها ليصبح رحالًا في بلاد العالم، يتجول فيها عاملًا في عشرات المجالات، ما بين صناعة السيارات والرى والزراعة وحفر الآبار البترولية وتصنيع الفيلات المعدنية واستصلاح الأراضى الزراعية.

بعد رحلة طويلة ومسيرة حافلة في عدة دول أوروبية، قرر هديب العودة إلى أرض الوطن، محملًا بخبرات كبيرة، راغبًا في استغلالها للصالح العام ولبناء مصر، فأعد ملفات عدة بها مقترحات يحاول إرسال محتواها في شكل رسالة إلى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتمنى أن ينظر لها بعين الاهتمام، لعل ما يحويه مقترحه من أفكار يكون له فائدة للمصلحة العامة للبلاد. “فيتو” حاورت خليفة للتعرف على أفكاره ومقترحاته لتطوير الاقتصاد، وكيف يمكن استغلال اختراعاته في مجال الرى للاستفادة منها في توسيع الرقعة الزراعية.. وإلى نص الحوار:


> حدثنا عن مقترحك لرئيس الجمهورية الخاص بـ”بناء مصر”.

مقترحى الخاص ببناء مصر قائم في الأساس على حل أزمة الموازنة بدون الاعتماد على رفع الأسعار والضرائب والرسوم أو اللجوء إلى الاقتراض، فالموازنة في الأساس قائمة على معادلة من طرفين النفقات والموارد، بالنسبة للنفقات أو المصروفات تتمثل في الرواتب والمعاشات وغيرها بالإضافة إلى الدعم على الخدمات وبعض السلع، والموارد تتمثل في الضرائب والجمارك والرسوم وبعض القروض، وفى مصر النفقات أكثر من الموارد، لذا لجأت الحكومة إلى تخفيض النفقات حتى تتساوى كفتها مع الموارد، وذلك برفع كثير من الأسعار ورفع الدعم، وفى المقابل رفع أسعار بعض الموارد كالرسوم والضرائب والجمارك، وتعويض المتبقى من الفارق بين النفقات والموارد بالقروض، بحيث تتساوى الكفتان، وهذا ما ألقى بظلاله على الشعب الذي تلقى ضربتين على أربع مرات، أولاها بزيادة الأسعار بشكل مباشر من الحكومة، والثانية زيادة غير مباشرة من بعض التجار وأصحاب المصانع الذين انتهزوا الفرصة، حتى أصبح كثير من المصريين تحت خط الفقر جراء هذه السياسات، بينما ظهرت طبقة طفيلية جديدة تمثل 1% من الشعب، وهم من البقالين وأصحاب المتاجر والمصانع ممن يُطلق عليهم “أغنياء الحرب”، وللأسف زيادة الأسعار ستؤدى إلى كساد يأتى من بعده إغلاق لعدد من المصانع والمتاجر، وهو ما سيؤدى إلى زيادة البطالة، وهو ما يؤدى خلال عام أو اثنين إلى انهيار الاقتصاد، وأرى أنه كان هناك طرق عدة لحل أزمة الموازنة والاقتصاد، ولكن للأسف تم اختيار الطريق الذي سيؤثر بالسلب على الاقتصاد والشعب بالكامل، حتى وإن حصلت مصر على شهادة من صندوق النقد الدولى بسلامة اقتصادها.

> وما الحل الذي تمتلكه ويمكنه حل أزمة الموازنة بدون رفع الأسعار والدعم والضرائب والرسوم أو حتى الاقتراض؟
الحل في التعمير، فمصر تعيش حاليًا على نحو 7% من مساحة أرضها، أي أقل من 20 مليون فدان، مع العلم أن مساحة مصر الكلية نحو 240 مليون فدان، وهو ما يعنى أن هناك نحو 220 مليون فدان غير مأهولة، وفى مقترحى أرى أنه لابد من تعمير مصر واستغلال أجزاء من هذه المساحة الشاسعة غير المأهولة لحل كثير من الأزمات، وعلى رأسها أزمة الموازنة، فهذه الأخيرة حلها التعمير وليس التدمير.

> وكيف يمكن تعمير مصر وفقًا لمقترحك؟
سنستلهم فكرة من أحد أصحاب شركات القطاع الخاص، حينما قام أحدهم ببناء مدينة سكنية كبيرة في الصحراء على امتداد ثمانية آلاف فدان، وبلغ سعر هذا الفدان نحو ألف جنيه أي إنه حصل عليه “ببلاش”، وبقروض من البنك بلغت نحو 20 مليار جنيه قام بتعمير هذه الأفدنة الصحراوية بالكامل بأموال لا يملكها، وأنفق عليها من أموال ومقدمات الحاجزين أيضًا، وباع المدينة بنحو 300 مليار جنيه، وهذا يعنى أن الفدان كلفه 7 ملايين جنيه لتعميره، وباعه بنحو 37 مليون جنيه، أي إن المكسب في الفدان الواحد نحو 30 مليون جنيه، مع العلم أن هذه الأسعار كانت منذ سنوات، وهذه الفكرة تؤكد أنه إذا اتبعناها وقمنا بتعمير 100 ألف فدان سنويًا سنحصل على مكاسب ضخمة وفقًا للأرقام السابق ذكرها، وقد تصل إلى نحو ثلاثة آلاف مليار جنيه.

> ومن وفقًا لمقترحك سيكون هو المسئول عن تمويل التعمير؟
القطاع العام المساهم الجديد، وهو الذي سيقوم بتعمير مصر بالطريقة ذاتها التي اتبعها رجل الأعمال.

> وماذا تقصد بالقطاع العام المساهم الجديد؟

أقصد به شركات مساهمة تكون خاضعة لإشراف ومراقبة الحكومة، والشعب بأكمله له أسهم بها، وسيتم توظيف أموال الشعب في مشروعات تنموية وخدمية وزراعية وصناعية، وفى هذا القطاع سنلغى مبدأ شهادات الاستثمار وسندات الخزانة والقروض، وسيكون له مميزات عدة على رأسها أنه يسمح للشعب باستثمار أمواله من خلاله، ويوفر فرص عمل عدة، فضلًا عن حصول الشعب على عائد حقيقى من خلاله، كما أن الشعب يتدخل في إدارته ويتحكم به ويراقبه، وللعلم كان طلعت حرب أول من فكر في هذه الفكرة، وكل الشركات القديمة التي أنشأها كانت قائمة على هذه الفكرة، مثل بنك مصر، وشركة مصر للطيران، واستوديو مصر، وشركة بيع المصنوعات، والقطاع العام المساهم الجديد الذي أتحدث عنه هو نفس فكرة طلعت حرب ولكن مع تطبيقها على مستوى الدولة ككل، ولا يوجد أي وجه تشابه بينه وبين القطاع العام في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، فهذا الأخير من وجهة نظرى غير نافع، وأنا عملت به وأعرفه جيدًا، أما القطاع العام المساهم الجديد الذي أتحدث عنه نافع ومجدٍ وكل الشعب المصرى سيكون له به أسهم.

> وما المميزات التي ستعود على مصر من التعمير؟
أولًا سيدر التعمير على الدولة موارد تكون بديلة عن رفع الأسعار والضرائب والرسوم ورفع الدعم والاقتراض، وبالتالى سيتم علاج أزمة الموازنة، وسيساهم في تحقيق الإصلاح الاقتصادى، بالإضافة إلى تعمير المساحات الشاسعة في البلاد، ونقل نحو 50 مليون مصرى إلى تلك المساحات الجديدة بعد تعميرها، و”جيش التعمير” هو من سيقوم بإنجاز مهمة التعمير.

> ما المقصود بـ”جيش التعمير”؟
جيش التعمير يقصد به الشباب الذين سيقومون بتعمير مصر، وهم سيعملون في القطاع العام المساهم الجديد، وسيتم تسكين كل واحد منهم في وظيفة تناسب مؤهلاته الدراسية وبمرتبات عالمية، وسيكون الجيش مكونا من 45 فرقة تعمير يضم كل منها 5000 شاب، فرقة تعمير لكل محافظة جديدة، وهؤلاء سيقومون بالعمل لدى شركات التعمير بعد تأهيلهم سريعا في مراكز تدريب تابعة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة مع الاستعانة بمدربين أجانب في كل التخصصات، قيادة وصيانة وإصلاح الشاحنات والمعدات الثقيلة والأوناش، حفر الآبار، مد شبكات المرافق، أعمال السباكة، الأعمال الكهروميكانيكية، الإلكترونيات، تشغيل وصيانة معدات الرى الحديث، التعامل مع محطات الطاقة الشمسية، وبأيدى هؤلاء ستختلف مصر كليًا، وسيتغير مستقبل كثير من الشباب.

> وما خطتك لتنفيذ “التعمير”؟
الخطة تستهدف “قلب” البلد بالكامل، من خلال تعمير ساحل البحر الأحمر والبحر المتوسط ونهر توشكى الجديد من بحيرة ناصر وحتى منخفض القطارة وسيناء ومنطقة نهر العوينات، بإنشاء 45 محافظة جديدة تضم 45 شركة تعمير، وأموال إنشاء هذه المحافظات ستأتى من أكثر من مصدر، من بينهم راغبو شراء الأسهم من المصريين، والمستثمرين من العرب والأجانب، ومدخرات المصريين، وحجوزات راغبى السكن في المحافظات الجديدة.

> نريد تفاصيل أكثر عن المصانع التي ستضمها المحافظات الجديدة؟
سيتم إنشاء عدة مصانع في الـ45 محافظة في كل المجالات، منها مصانع الحديد والصلب، ومصانع للسيارات، والبلاستيكات والأدوات المنزلية والمراتب والمعدات المكتبية، والملابس الجاهزة، والمواد الغذائية وغيرها من المصانع، وذلك عن طريق شراء مصانع جاهزة، فعلى سبيل المثال، يتم طلب من شركة سيارات شهيرة إنشاء مصنع للسيارات في مصر، وسيتم تعليم المصريين على النظم الحديثة للتصنيع، وفى هذا الأمر مكاسب عدة، أولًا حل أزمة البطالة وتصبح بفضله البلد منتجة بالفعل، وبتعميم هذا الأمر على كل الصناعات، فإن مصر ستكون في حالة مختلفة تمامًا، خاصة أن هذه المصانع يصعب إنشاؤها وإدارتها من المصريين بمفردهم.

> وكيف سيتم الاهتمام بالزراعة وبالثروة الحيوانية في هذه المحافظات؟
القطاع العام المساهم الزراعى سيقوم بتعمير أفدنة لاستصلاحها وتربية المواشى والدواجن، كما سيكون هناك اهتمام بزيادة كميات الأسماك التي يتم صيدها بالسفن الحديثة من البحر الأحمر والأبيض والنيل وبحيرة ناصر وبحيرة القطارة الجديدة ومزارع قناة السويس بحيث يتم الاستغناء تماما عن استيرادها.

> هل تعتبر العاصمة الإدارية الجديدة نموذجا للتعمير؟
لا.. لأنها ليست مدينة إنتاجية، لا يوجد بها مصانع، بل هي منتجعات من وجهة نظرى.

> ما الموارد الأخرى التي يمكن أن تعتمد عليها بخلاف التعمير لحل الأزمة الاقتصادية للبلاد؟
هناك عدة موارد على رأسها محاسبة رجال الأعمال عن الأراضى التي سبق أن حصلوا عليها بدون أي مقابل، وكذلك على القروض التي لم يسددوها وكذلك الضرائب، ومحاسبة أصحاب الجامعات والمدارس الخاصة وكذلك أصحاب المستشفيات الخاصة عن حصولهم على الإعفاءات وعن الأراضى مجانًا، فضلًا عن بيع الآثار المكررة مع منح شاريها شهادة ووثيقة أنها أصلية، والتي ستدر المليارات، بدلًا من بيعها بطرق غير شرعية من قبل الكثيرين.

> وما مميزات ماكينتك الخاصة بالرى؟
الماكينة يمكنها تحويل الأراضى الزراعية من الرى بالغمر إلى الرى بالرش، بتكلفة في حدود 5000 جنيه للوحدة الواحدة، التي يمكن تخصيصها لرى 10 أفدنة مقارنة بنحو 100 ألف جنيه في حالة إقامة شبكة رى بالرش لهذه المساحة، وبالتالى تكون التكلفة صغيرة للفلاح، كما تؤدى هذه الوحدات أيضا إلى الاستغناء عن مقطورات الرى بالغمر المستخدمة حاليا لرفع المياه من الترع إلى قنوات الري، ويمكن تحويل معظمها إلى ماكينات رى بالرش على نفس نمط الماكينة الخاصة بى، بعد تعديلها وتغيير مضختها، كما أن ماكينتى ستجعل من الممكن أيضا ردم قنوات الرى الحالية مما سيزيد من مساحة الأرض المنزرعة في الدلتا والصعيد بنسبة قد تصل إلى 10%.

> وما مصير الماكينة الخاصة بك بعد محاولاتك تعميمها؟
لقد حاولت كثيرًا عرض الماكينة أمام المسئولين حتى إننى وضعتها بالقرب من وزارة الزراعة لكى يلتفت إليها الوزير وعرضتها على هيئات وجهات عدة، ووضعتها في ميدان التحرير، وفى كل المرات لفتت الماكينة الانتباه وأثبتت نجاحها، وكان أقصى رد فعل هو التشجيع، والمطالبة بأن أدخل بالماكينة في عالم الـ”بيزنس” وأن يتم التعامل معى كمقاول يمكن الحصول عليها من خلالي، ولكننى رفضت لانشغالي، ومع ذلك أرى أن الماكينة لابد من تنفيذها وتعميمها، ولكننى لن أخوض عالم “البيزنس” في مصر.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
Advertisements
الجريدة الرسمية