رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«سمير أمين» المفكر الذي رحل في صمت!!


بعد الحرب العالمية الثانية وتدمير اليابان واستسلامها، أصبحت اليابان أشبه بالأرض المدمرة المحروقة تماما، وليس لديها الموارد الطبيعية التي تجعلها تقف على قدميها مرة أخرى، في ظل إحباط شديد بين أفراد الشعب، وتنازل الإمبراطور عن قداسته، عندما رفض أن يسجد أمامه أفراد الشعب بعد الاستسلام قائلا: "لم أعد أستحق فأنا إمبراطور مهزوم مستسلم أمام العدو"، قال هذا في تجمع طالب فيه التبرع بالذهب والأشياء الثمينة من أجل إنقاذ اليابان، وكان أول المتبرعين هو بإخراج كل ما تملكه الأسرة الحاكمة من أموال ومجوهرات..


الأهم من هذا انطلق الشباب اليابانى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها الدولة الوحيدة التي لم تدمر في الحرب العالمية الثانية، وكان البحث العلمى فيها واضحا ومتقدما، ذهب الشباب اليابانى ليتعلم ثم يعود سريعا لخدمة بلده، وهكذا استطاع نقل أحدث الاختراعات الأمريكية إلى بلادهم بل تم تطويرها بالعقول اليابانية.

هذا الأمر لم يكن سهلا أو بسيطا، فقد قاوم الشباب الفشل كثيرا في أمريكا أو عند تطبيق ما تعلموه، ولكنهم كانوا يعتبرون الهزيمة رقم 16 أي لليابانى أن يحاول ويفشل 15 مرة، ولا يعد فاشلا إلا بعد فشله في المرة السادسة عشر، وأصبحت اليابان أحد أبرز الدول في العالم في كل مجالات الحياة.

تذكرت هذه القصة عند سماعى خبر رحيل المفكر الاقتصادى العالمى د.سمير أمين (87 سنة)، نعم هو مفكر اقتصادى عالمى، أفكاره وكتبه تدرس في الجامعات العالمية، الدول الأفريقية استفادت من أفكاره، خاصة جنوب أفريقيا، هو د. سمير أمين حامل الدكتوراه في الاقتصاد من السربون بلا شك..

هو مفكر استثنائى، أفكاره تناقشها كل الدوريات الاقتصادية في العالم، كما أن كل الكتب الاقتصادية خاصة "في‭ ‬اقتصاديات‭ ‬التنمية‭ ‬والتبعية‭..!‬تاريخ‭ ‬مشرف لكل مصرى ولكن أصبح فكره واسمه ملكا للعالم، العالم يأخذ أفكاره للحوار والتعلم منها في مواجهة أفكار أخرى، وفى مصر لم نستفد منه مثله مثل الكثير من أبنائنا النابهين، فكانت حياته حول العالم، أينما كان الحوار، وأينما كان هناك اهتمام بأفكار ضد العولمة والتبعية للنظام الاستعمارى الجديد المسمى بالعولمة، ولكن الواقع يؤكد أنها أمركة وهيمنة بل وعسكرة لصالح أمريكا ومن يسير ورائها من الغرب!.

وفى توصيفه للحالة المصرية التي اتفق معه تماما، أن مصر الحديثة بدأت مع تجربة محمد على، وتجربة جمال عبدالناصر وكلاهما كانت تجارب للصعود والتحدى، وما حدث  من تعثر فيهما كان بسبب أعداء القوى الإمبريالية -الاستعمار- لمصر ومنعها من الصعود..!

كان يرى د.سمير أمين أن عهد جمال عبدالناصر رسخ نظاما اقتصاديا واجتماعيا، وجهت له أعنف الانتقادات ولكنه كان نظاما وطنيا متسقا، راهن على التصنيع، واهتم بتوزيع الدخل  لصالح الطبقات المتوسطة والشعبية، غير أن السادات ومن بعده مبارك حتى مرسي سمحوا لمشروع العولمة الاستعمارية الفجة -حسب وصفه - بتفكيك هذه المنظومة الإنتاجية، وتوقفت مصر عن فاعليتها السياسية والإقليمية والعالمية..

وكان من جراء هذا نزع السياسة من المجتمعات الإسلامية، وأصبح هناك خطابان مسموح بهما، الأول خطاب المسجد (الدينى) والثانى السلطة، وقد ازدادت كثافة هذين الخطابين في عهود السادات ومبارك ومرسي، وبهذين الخطابين تم وقف أي محاولة للصعود والطموح اشتراكيا، وبل سمح فقط بالخطاب الدينى الذي ساهم انتشاره واقترانه بتدهور الظروف المعيشية، ولذلك فان الإسلام السياسي لا ينتمى لكتلة معارضة- كما زعم الإخوان المجرمين - وإنما هو جزء عضوى من بنية السلطة! أما كيف يمكن الخروج من هذه التنمية الرثة فهو ممكن!

انتهى كلام د.سمير أمين الذي صرح به منذ 5 سنوات تقريبا، واستعين بعالم آخر عاش معظم حياته في فرنسا د.أنور عبدالملك ليكمل على رؤية د.سمير أمين ليقول: قدموا للأجيال السابقة والحالية أن أمريكا ا تمتلك 99 % من أوراق اللعبة، مع العلم أن الصين هي محور العالم والقوى الجبارة الصاعدة.. أجيال تتشرب روح الفرد وتركتم روح الجماعة، مع العلم أن «جوهر الشرق» الذي نحن منه قامت نهضته عبر العصور بروح الجماعة، روح الجماعة التي تحافظ على وحدة وتكامل وتماسك الوطن.
أخيرا.. متى نعرف الاستفادة من أبنائنا النابهين!؟ العالم استفاد منهم ونحن نجهل قيمتهم للأسف!
وعيد أضحى على المصريين والإنسانية بخير.. وتحيا مصر!

Advertisements
الجريدة الرسمية