رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ليس حلا!


يخطئ من يتوقع أن رفع أسعار الصحف كفيل بحل المشكلات المزمنة التي تواجه الصحافة الورقية، بل على العكس سيضاعف من تفاقمها بعد أن أصبح توزيع جميع الصحف الصادرة في مصر، سواء كانت رسمية أو خاصة لا يصل إلى حجم توزيع إحداهما منذ سنوات محدودة.


والذي يحير أن التصريح الصادر عن رئيس الهيئة الوطنية للصحافة بأن هناك دراسة ستجري لتطبيق الزيادة بدأ من الشهر القادم، جاء عقب اجتماع موسع تشاوري للهيئة ورؤساء مجالس إدارات الصحف الرسمية والخاصة، وهؤلاء لا يخفى عليهم الأسباب الحقيقية التي تقف وراء انحسار التوزيع إلى درجة كبيرة ومفزعة، أيضا بدليل أن عددا من الصحف المستقلة والحزبية تفكر في وقف إصداراتها، بعد أن عجزت على تحمل تكلفة الإصدار، بينما التوزيع يكاد يكون في شديد المحدودية ولا يساعد على سداد تلك التكلفة، ولولا أن الصحف الرسمية تحظى ببعض الرعاية من الدولة لما اختلف موقفها عن المستقلة والحزبية.

ولا أدري كيف ستكون أوضاعها لو تم رفع الأسعار، بينما المواطن يعاني من غلاء مختلف السلع الأساسية التي لا تستطيع أن يستغني عن الحصول عليها، بينما بمقدوره إلا يستعرض الصحف طالما أنها ستزيد من الأعباء على ميزانية أسرته.

وكان المتوقع من هذا الاجتماع الذي يضم كبار المسئولين عن المؤسسات الصحفية أن يناقش أسباب عزوف القراء عن شراء الصحف وفي مقدمتها.. إنها لم تعد تعبر عن همومه ومشاكله الحقيقية بل كثيرا ما تتجاهل تلك القضايا بحجة عدم إثارة الرأي العام وكأن موجات الغضب لن تحدث لو تجاهلت الصحف، لمشكلات التي يعانيها المواطن كل يوم.. بل كل ساعة سواء في الغلاء الذي أصبح يلتهم ميزانيات الأسرة، أو المعاناة مع الأجهزة البيروقراطية للدولة.

ولا يخفي على أحد.. التنافس بين المسئولين عن الصحافة الورقية في عرض الإنجازات التي يحققها الدولة في مختلف المجالات.. ولا عيب في الحديث عن الإنجازات.. ولكن العيب كله أن تعرض بطريق إعلانية تنفر القارئ وتحول الصحيفة إلى نشره كالتي تصدر عن إدارات العلاقات العامة في الوزارات والمؤسسات، وتمنعه من مواصلة القراءة وربما تدفعه إلى مقاطعة الصحيفة.

لذلك إذا أرادت الحكومة أن تستمر الصحافة في أداء هذا الدور عليها ألا تتوقف عن تمويلها وألا تحاسبها على ضعف التوزيع خاصة أن الحكومات المتعاقبة تجاهلت المطلب الشعبي بإقامة مصنع للورق يعطي احتياجات السوق المحلي، وفضلت الاستيراد من الخارج بالزيادة الكبيرة وغير المسبوقة في أسعار أوراق الصحف.

وأعتقد أن المهمة الصعبة أمام مجالس إدارات الصحف حاليا البحث عن سياسة جديدة تساعد على زيادة التوزيع وتعيد القارئ المصري إلى صحيفته الورقية، وتجذب المزيد من الإعلانات التي تساعد في تغطية التكلفة الباهظة.

هذه السياسة تعتمد على إجراء مصالحة بين القارئ والصحيفة بتناول قضاياه الحقيقية وإتاحة الفرصة للرأي الآخر للتعبير دون خوف.. طالما أن تلك الآراء المتباينة تستهدف الصالح العام.

حان الوقت لكي تدرك الحكومة والمسئولين عن الصحف أن تجاهل المشكلات لا يعني أنها غير موجودة بل إن تجاهلها يدفع غالبا إلى اتساع فجوة عدم الثقة بين الصحافة والقراء..
Advertisements
الجريدة الرسمية