رئيس التحرير
عصام كامل

صراع الأخوة.. الأعداء!


سئل الرئيس الأسبق حسني مبارك: لماذا لا تكرم البكباشي يوسف صديق بعد أن اتضح دوره في إنقاذ ثورة يوليو. رد مبارك بطريقته العفوية على الفور إذا كان زملاؤه الذين حكموا مصر من قبلي، لم يكرموه.. فلماذا تطالبونني بتكريمه. أراد مبارك أن يبتعد بنفسه عن خلافات الضباط الأحرار الذين لم يتفقوا حول دور صديق في إنقاذ الثورة.


الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر لم ينصف يوسف صديق إلا بعد مرور عشر سنوات على ثورة يوليو، وفي تلك المناسبة أعلن أن صديق هو الذي اقتحم مقر الجيش.. وقبض على القيادات التي كانت مجتمعة لبحث إفشال الثورة.. ومحاكمة الضباط الأحرار بالمحاكم العسكرية.

الرئيس الأسبق أنور السادات كان لا يخفى عداءه للبكباشي صديق، حتى وصل الأمر أنه تجاهل دوره ليلة الثورة، ونسب دوره إلى المشير عبد الحكيم عامر، وروى في مذكراته قصة غريبة عن اقتحام عامر لمبنى قيادة الجيش، وهو لا يحمل سوى «طبنجة» واستطاع أن يقبض على جميع الضباط.

أما الرئيس الأسبق محمد نجيب فقد كتب في مذكراته: كان يوسف صديق شيوعيا لكنه دستوري، يرفض الاعتقالات ويدعو لانتخابات برلمانية.

وأضاف قائلا: أذكر أن جمال عبد الناصر عندما كان مديرا لمكتبي كان يحذرني منه.. ويقول خذ حذرك يوسف صديق شيوعي كبير وأكثر من واحد من مجلس القيادة قالوا لي يوسف شيوعي يريد أن ينحرف بالثورة للاتجاه الآخر.

ويواصل نجيب في مذكراته: إن هذا الكلام لم يكن يؤثر على.. وكنت أداعب يوسف وأقول له كلما رأيته «أهلا بالرفيق يوسف ستاليني!!»

والحقيقة أن تلك المداعبات «الثقيلة» كانت بغرض إثارة مخاوف الآخرين من أعضاء مجلس قيادة الثورة، واللعب على وتر الخلافات فيما بينهم، بحيث يستطيع السيطرة على الموقف.

إصرار نجيب على أن يعرف اسم يوسف بستاليني في كل اجتماعات مجلس الثورة، وهو يعلم أن كل الأعضاء ما عدا خالد محيي الدين يعتبرون الشيوعية جريمة لا تغتفر، وتترجم لديهم بأنها تعني الكفر بالأديان، وهو يعلم أيضا أن معظم هؤلاء الضباط يعجبون بالرأسمالية.. قدر كرههم للاشتراكية التي تحرمهم من تحقيق طموحاتهم، وقد استخدموا التخويف من الشيوعية في الهجوم على يوسف صديق، خاصة أن الرجل لم يكن ينفي انحيازه الطبقي للفئات المحرومة، رغم أنه سليل أسرة من الباشوات.

وللأمانة.. حاول خالد محيي الدين أن يتصدى للحملة الشرسة ضد صديق، ويذكر أن كل محاولات تجاهل دوره في الثورة.. هي محاولات فاشلة، وكان للواء جمال حماد أحد الضباط الأحرار، ومؤرخ الثورة الدور الأكبر في إنصاف الرجل، والكشف عن المؤامرة التي دبرت ضده، من الأخوة الأعداء.
الجريدة الرسمية