رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار مدينة «الصوم والعبادة» بدير أبو الليف في قنا (فيديو وصور)

فيتو
18 حجم الخط

تعد مدينة نقادة في قنا من أقدس المدن في العصور المسيحية الأولى لاتصال شعبها بالرب، وكان بها العديد من القديسين وصل عبق رائحة صلواتهم أرجاء المدينة بالكامل، وعرفت أيضًا أنها مدينة الصوم والعبادة وقديمًا كانت إيبارشية حتى القرن السابع عشر.


والمدينة ذات طابع حضاري مسيحي وتمتد إلى نحو 15 كيلو مترا حتى "قامولا" جنوبًا وزخرت بالأديرة القديمة والكنائس المتقاربة، ويوجد بصحرائها 8 أديرة هذا بخلاف الأديرة الموجودة في بطن الجبل وغيرها التي تهدمت، وهذه الأديرة تظل خالدة لتأخذ بوجدان الزائرين وتعيد إلى أذهانهم أيام الآباء الأولين ويَشتم فيها رائحة الطيب الفائق ونسيم الطهارة والقداسة، وبقيت الأديرة قائمة تتحدث عن أمجادها صامدة ضد الاضطهاد منتصرة على العدا.

حياة الآباء
وعاش ببرية الأساس بنقادة العديد من الآباء ومن بينهم صاحب دير القديس العظيم الأنبا إندراس أو كما يطلق عليه "أبو الليف"، وكان من آباء الجيل السابع وتلميذ الأنبا بيسنتئاوس اللابس الروح أسقف قفط، وقد ولد بقرية شنهور التابعة لمركز قوص، كان والده فلاحا بسيطًا فرباه تربية مسيحية، وكان هذا القديس معروفا بحبه للفقراء والمحتاجين وكان يوزع طعامه عليهم ويصوم لفترات طويلة من اليوم، وكان ينتهز فرصة رعايته للأغنام للاختلاء والصلاة والحديث مع الله.

وفي سن مبكرة اشتاق لحياة الرهبنة وفي سن العشرين مضى إلى دير الأنبا صموئيل النقادي بجبل الأساس وترهبن هناك وأجهد نفسه في عبادات كثيرة، ونسك الشيطان وظل يحاربه بكل قوة، ورفض الوظائف قائلًا "هذا العالم زائل.. ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" وكان دائم التحصين، وعندما سمع القديس اللابس الروح به اتخذه تلميذًا ورسمه قمص ورئيس دير الصليب المقدس ووهبه الله نعمة شفاء المرضى بحسب الروايات المسيحية، وبعد أن أكمل جهاده توفي في الدير الذي يحمل اسمه.

وصف الدير
في منطقة سكنية يعيش فيها الكثير من المسلمين والمسيحيين، يتوسطهم عدد من الأديرة لا تفرق بينهم سوى أمتار، حيث يوجد بوابة حديدية تحمل اسم القديس الأنبا إندارس ذلك القديس الذي توفي قبيل ظهور الإسلام بنحو 10 سنوات بحسب الروايات المذكورة، ووسط ساحة الدير الشجرة المباركة التي تطرح ثمار الشفاء، كما يقبل عليها قبط مصر بل والمسلمين قبيل المسيحيين لنيل بركات الشفاء.

سبب التسمية
قال المهندس هاني طلعت، أحد أبناء الدير، إن هذا القديس كان دائم الارتداء للملابس من ليف الأشجار، وكانت هناك شجرة تطرح نبات يسمى بالألوب يشبه البلح إلا أن مذاقه مر جدًا قريب إلى الحنظل ويشفي من أمراض عدة منها السكر والكحة وغيرها، وبعد أن اشتهر في هذا القطر أطلق عليه القديس أبو الليف، منوهًا إلى أن الشجرة ثمارها لا تطرح في مصر كلها سوى بهذا الدير والأخريات موجودة في السودان.

وأشار إلى أن هذا الدير يبعد عن دير الصليب نحو 70 متر تقريبًا وكانت لهذا القديس وصية عند نياحته "وفاته" يوضع جسده على عربة تجرها الخيول، وأن يكون كنفه من الليف، وبعد أن صعد إلى السماء لبي الآباء وصيته، ومضت العربة تسير دون قائد حتى توقفت شرق دير الصليب ودفن في هذا المكان بعد أن وجدوا قبرا جاهزًا "مغارة تحت الأرض" وبنيت فيما بعد كنيسة على قبره في نهاية القرن السابع أو منتصف القرن الثامن الميلادي، وجسده موجود أسفل المذبح الخاص به.

أيقونة الدير الأثرية
وبمدخل الدير يوجد أيقونة أثرية للقديس، ومذبح باسمه مدفون تحته، ولم تأتِ الفرصة بعد لظهور رفاته كما حدث بمقبرة اللابس الروح، عندما هبطت الأرض بالعاملين فوجدوا مقبرته التي حملت رفاته وكرسيه.

كما يوجد أيقونة أسفلها مكان لإيقاد الشموع عند الدخول لنيل البركة لجميع الزائرين، وتأتي الزيارات إليه من مختلف أنحاء العالم.
الجريدة الرسمية