رئيس التحرير
عصام كامل

سناء البيسى تكتب: على أمين.. أيقونة الأمل والتفاؤل

سناء البيسى
سناء البيسى

في مجلة نصف الدنيا عام 2002 كتبت سناء البيسى مقالا في ذكرى عملاق الصحافة على أمين مقالا تقول فيه:

كنت أناوله المثلث والمسطرة وأنا جالسة أمامه بالمستشفى ليقيس من فوق فراش المرض مقاس الصورة والمساحات المقدرة التي يزمع نشرها في مجلته الجديدة.. التي كان سينوى إصدارها وأوكل الىّ فيها منصب نائب رئيس التحرير.


لم يتخل على أمين وسط الآلام والمسكنات عن كتابة العناوين ورسم الصفحات حتى بعد الالتزام بالرقاد على ظهره.

كنا نحن المحيطين به على علم مسبق بتسابق خطى المحنة القادمة، فالمرض قاس والأيام الباقيات معدودات ــ كما أطلعنا توأمه مصطفى أمين ـــ الذي أوصانا بمجاراة الشقيق بشأن المجلة الوليدة وكأنها ستصدر جديا.

كتب أستاذى ووالدى كلماته الأخيرة، وكانت كلمات عموده "فكرة" اليومية وناولها لى كى يرى تأثيرها على وجهى باعتبارى من القراء، وما أن لمح ملمحا لدموع أحاول أن أخفيها وأخنقها حتى أمر باستدعاء الممرضة طلبا لمزيد من المسكن.

ومضى ومضيت لأعاود قراءة الكلمات التي كتبها والتي نشرت وكانت آخر مقالة تنشر له راح بعدها في قسوة المرض في 22 مارس 1976.

واذا كان أستاذنا على أمين قد رشحنى لمجلة لم يكتب لها الصدور، فقد كانت مجاراتى له بعملى الجاد في اعدادها مجرد نقطة عرفان في بحر عطائه وتشجيعه لى منذ سنوات الجامعة.

حيث عهد إلى ولم أول في الثامنة عشر برئاسة قسم المرأة وتحرير صفحة كاملة في أخبار اليوم بمفردى، وحين عرضت عليه يوما بعض من رسومى الكاريكاتيرية لشخصيات اخبار اليوم فوجئت به وقد كتب إشارة في اليوم التالى بالصفحة الأولى تقول: سناء البيسى غدا في ملاعب الكورة.. وهى صاحبة أول ريشة نسائية في عالم الكاريكاتير.

لم تكن يده الحانية تمتد لى في ميدان العمل فقط لكنه كان السند والملاذ عندما يضيق بى الأفق في البيت والحياة، وكان بعد كل أزمة أسرية تجمعنا انا وزوجى يقول لنا (صافى يا لبن.. حليب يا قشطة).

وحدث أن غضب منى مرة واحدة في حياتى حين قمت بعمل عدة رسوم مذيلة بإمضائى لتنشر في الأهرام.. بينما انا اعمل في أخبار اليوم.

يومها استدعانى مصطفى بك في مكتبه ليحذرنى من غضبة على بك الذي يعتبر ما فعلته ذنبا لا يغتفر، بل يعد في أعداد الخيانة العظمى لعملى مع الأعداء وأنه اقسم أن يقذف بلا من الشباك.

ذهبت اليه معترفة بذنبى كاشفة له عن مكافأة ضخمة قدمت لى مقابل الرسومات فما كان منه إلا أن كتب لى مذكرة بزيادة فورية في راتبى تعادل ضعف تلك المكافأة.

وحدث أن اضطرب حال الصحافة في أخبار اليوم بعد التأميم واستيلاء اليسار عليها فلجأت الأهرام، حيث الأستاذ محمد حسنين هيكل عام 1964، وما هي إلا شهور حتى أتى على أمين نفسه للعمل في الأهرام.

وبعد غيبة تسع سنوات بالخارج طلب منه السادات بعد انتصار اكتوبر العودة إلى القاهرة وأصدر قرارا لتعيينه رئيسا لتحرير الأهرام فيصدر بدوره قرارا لتعيينى رئيسا لقسم المرأة.

على أمين أيقونة من التفاؤل والأمل في الصحافة المصرية رغم ما عانى من آلام الغربة والمرض، وكانت مقولته الشهيرة (ساعة ظلم واحدة طولها ألف سنة).
الجريدة الرسمية