رئيس التحرير
عصام كامل

الشهداء في سيناء.. وقتل «مريم» في لندن!


أكاد أحيانا أشعر بضيق في التنفس، كلما حاولت التأمل في المشهد العام في مصرنا، وهذا كتبته مرات كثيرة، فهذه ليست المرة الأولى، مصر تحارب قوى الإرهاب في أعنف مواجهة مع أعداء الإنسانية الذين يلتحفون بالدين، مصر تستعد لانتخابات الرئاسة لابد أن تكون نتيجتها رسالة للعالم عامة وأعدائها خاصة أننا مصرون على مواصلة الطريق لإعادة البناء في كل المجالات، مصر تواجه المؤامرات الدائمة عليها من الداخل والخارج، من أعداء الوطن تارة والفاشلين تارة أخرى، مصر تمر بأصعب المراحل لتخرج من عنق الزجاجة إلى عالم أرحب وأفضل..


وسط كل هذه التحديات، نجد عبثا إعلاميا غريبا، أسوأ واخطر من إعلام الأعداء، وكأن هؤلاء ليسوا في مصر لا يشعرون بما يجرى عليها، بل في عالم آخر، كل يوم تقدم مصر شهداء يروون رمال سيناء بدمائهم، وإعلامنا أصبح مجندا ليس لخلق الحماسة والروح والانتماء في الشارع ليكون خير سند لأبنائهم الذين يدافعون عن تراب مصر، الذين بدمائهم يطهرون مصر من دنس أعداء الإنسانية وأعضاء الحياة، ولكن الإعلام مجند على مدى الأربع وعشرين ساعة يتابع مشكلة اللاعب عبدالله السعيد، وأصبحت قضية مصر الأولى، جميع القنوات التليفزيونية، وجميع شبكات الإذاعة، وجميع الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية، ليس عندها أهم من توقيع عبد الله السعيد، وهل يا ترى سيوقع للأحمر أم وقع للأبيض!!؟

هل المحاولات المستميتة لاخضاعه للتوقيع للأحمر ستنجح أم أنه سيتم ارتداء فانلة غير الأهلي سواء الأبيض أو أي لون آخر؟ أصبح لا حديث في الشارع تأثرا بالإعلام الفاشل لا يعنيه سوى توقيع اللاعب، ولكن يموت من يموت في الحرب على الإرهاب فليس هناك شيء أهم من سلامة توقيع السعيد!؟

للذكرى ربما نتعلم من تاريخنا، بعد نكسة يونيو 67، هل كانت الحياة وردية في الشارع أو الأسعار أو أي شىء؟ إطلاقا كان اليأس يسيطر على قطاعات كثيرة، وللأسف خاصة قطاع ليس صغيرا من المثقفين، وظهرت الطوابير أمام المجمعات الاستهلاكية، ولكن أدرك الجميع أن مصر تمر بأصعب مأزق، فلم يتحدث أحد عن مساحات للحريات والديمقراطية، وشعارات حقوق الإنسان المضللة.

فلم نمر بمرحلة أصعب وأقسى من تلك المرحلة، ورغم ذلك حاول الجميع أن يشارك في مواجهة العدو الصهيونى حتى ولو بالمشاعر، البعض الآن يولول كالنساء، مدعيا انهم حاولوا أن يكونوا طرفا من مشهد الانتخابات الرئاسية، أو حتى جزءا لاعبا بشكل أو بآخر، ولكن ضيق عليهم السبل، الغريب أن هؤلاء لا تاريخ ولا دور لهم في الحياة العامة أو السياسية، ولا أحد يعرفهم من الشارع، ولكنهم يولولون موجهين تصريحاتهم للجهات الخارجية التي تتلقف تصريحاتهم لاستغلالها لتشويه الحالة المصرية!

مؤكد الخدمات متراجعة نتيجة تراكمات الفساد الذي عشناه منذ 1974، عندما تم الإعلان عن الانفتاح الاقتصادى ومحاولات التخلص من كل مظاهر الفترة الناصرية الاشتراكية، وليتهم نفذوا الانفتاح بعلم وتخطيط، ولكنه كان سداحا مداحا كما كتب الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، للأسف بذور الفساد غرست في عهد السادات، وترعرعت في عهد حسنى مبارك، ومما لا شك فيه أن السيسي لا يواجه هذا الفساد فقط، ولكن هناك مشكلة كبرى في الاختيارات التي تؤكد أن قدراتها محدودة للغاية، ولا تصلح لتولى المسئولية، على سبيل المثال عن التعليم وتطويره وإخراجه من مستنقع المتردى الذي يغرق فيه؟ عن الخدمات في المستشفيات؟ عن البطالة؟ الارتفاع في الأسعار؟ متوسطى الدخل؟ بمعنى أدق كل ما يهم المواطن البسيط؟

أعود للإعلام الذي يخرب في الحالة المصرية ويتجاهل الحرب التي يخوضها خير أجناد الأرض، وقضية قتل الإنجليز "مريم عبد السلام" غدرا.. الطالبة المصرية في بريطانيا، قُتلت على يد 10 فتيات قمن بسحلها أمام المارة في مدينة "نوتنجهام" البريطانية منذ 10 أيام، تم صرفها من المستشفى بعد الكشف الظاهري عليها، ليتم اكتشاف نزيف داخلي بعد فترة، لم تنجح 13 عملية جراحية في إسعافها.

وتكشفت حقائق أن هناك أوامر من الأمن البريطانى بعدم إسعاف مريم، ومدير المستشفى يتلكأ في علاجها، ثم يأمر أطباءه متأخرا بإجراء جراحة فاشلة لتجهز على روح الفتاة المصرية، الإنجليز قتلوا مريم غدرا، مريم المصرية التي تبلغ (١٨ سنة) طالبة الهندسة المقيمة نوتنجهام بإنجلترا، قتلتها بنات الإنجليز الأقل من عشرين عاما حتى لا يتم محاكمتهن بالقانون الإنجليزي، وملائكة الرحمة رفض المستشفى الذي ذهبت اليه مريم إعطاء شهادة بتوصيف إصاباتها أو قتلها..

وهو ما يعد قتلا عمدا من قبل النظام البريطانى ضد ابنة مصر مريم؟.. أين إعلامنا من هذه الجريمة ضد كل الإنسانية؟ الصحافة الإنجليزية تجاهلت الجريمة، الطريف أن السفير الإنجليزي في القاهرة كل يوم في صور في الشارع والمطاعم المصرية، وله صداقات عديدة ويقيم حفلات لهم وهو سعيد بالتأكيد بحالة الدجل الذي يمارسه على الشعب المصرى! أين إعلامنا من هذه الجريمة؟ ولماذا لا تتصدر كل أخبارنا وتفضح الفاشية الإنجليزية؟

أين المدلسين الذي وقفوا ضد مصر، وأشاعوا بأقلامهم وتصريحاتهم من اتهامات لمصر بأنها قتلت ريجينى؟! أين هؤلاء؟ إنهم تم تكريمهم من جهات مشبوهة تعمل ضد مصر! أين حقوق الإنسان ورقة قلبهم على أي إنسان إلا المصريين!؟ وعلى رأى من كتب من الشباب البسيط الثائر.. أين هؤلاء الذين أشعلوا الشموع أمام السفارة الإيطالية وعلى سلالم نقابة الصحفيين!؟.. لابد أن نعترف أن إعلامنا الذي كان سلاحا مؤثرا تجاه أعداء مصر، أصبح موجها لصدر مصر!

الحالة المصرية الآن دقيقة وخطيرة، مؤكد تعبئة الشارع لمساندة خير أجناد الأرض أهم بكثير الآن من متابعات أخبار لاعب كرة مهما كانت مكانته، فليس من المنطقى دماء الشهداء تروى سيناء.. ونتحدث عن عشرات الملايين تتناثر تحت أقدام اللاعبين وسط حالة التخلف والجهل التي تعيشها الرياضة المصرية!
الجريدة الرسمية