رئيس التحرير
عصام كامل

ما لا تعرفه عن إعلام «داعش»؟


قد يسمع الناس الكثير عن العمليات الإرهابية التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن هناك القليل من المعلومات عن بنية هذا التنظيم وعن إعلامه.. في مواكبة للحملة التي تشنها مصر لمحاربة "بتنظيم الدولة الإسلامية" في سيناء، أود أعرض على القارئ نتائج أحدث دراساتي في هذا المجال والتي سبق أن عرضتها في المؤتمر الدولي الثالث والعشرين لكلية الإعلام، جامعة القاهرة، والذي كان بعنوان "الإعلام وقضايا الصراع".


المعلومات التي سأقوم بعرض بعضها هي معلومات علمية استغرقت في جمعها ودراستها ما يقارب عامًا كاملًا، الذي قمت فيه بدراسة مجلتي "دابق" و"رومية"، والتي كانت داعش تصدرهما حتى يونيو الماضي، المجلتان كانتا ناطقتين باللغة الإنجليزية.

في البداية أصدرت "داعش" مجلة دابق خلال عامي ٢٠١٤-٢٠١٥، وما أن توقفت المجلة بسبب سقوط منطقة دابق في سوريا، حتى أسرع التنظيم بإصدار مجلة "رومية"، والتي استمرت خلال عام ٢٠١٦، وتوقفت في صيف ٢٠١٧ نسبة إلى روما.

أظهر التحليل الخاص بالمصادر الفقهية التي يتركز عليها تنظيم الدولة الإسلامية إلى اعتماد التنظيم، كتب الحديث (صحيح البخاري %48.42 – صحيح مسلم 29.47%)، بينما كان أحمد بن حنبل (52.51%) وابن تيمية (29.76%) أكثر من استشهد بهم تنظيم الدولة الإسلامية.

فيما يتعلق بالصورة الصحفية التي يظهر فيها الفاعل، أظهر تحليل قواعد قراءة الصورة الصحفية على تركيز مجلتي "دابق" و"رومية" على إظهار جنود تنظيم الدولة الإسلامية وهم ينفذون الإعدام في ضحاياهم بطرق مختلفة، فيما ركزت الصورة التي تعرض الأنشطة الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية على عرض المعارك والاشتباكات، فيما ركزت مجلة رومية على عرض المناطق التي تعرضت للعمليات الإرهابية من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.

كشف تحليل العناصر البصرية وغير البصرية للمجلتين عن اعتماد المجلتين على أربع ركائز للترويج للنظام الفكري والعقائدي لتنظيم الدولة الإسلامية: رؤية تنظيم الدولة الإسلامية للإسلام، الهجرة والجهاد، الطاعة للإمام، وعلى أعداء تنظيم الدولة الإسلامية.

وانطلق التنظيم من رؤية ثابتة للإسلام على أنه "دين السيف وليس دين الإسلام".

وفقًا للتحليل السيميولوجي (تحليل العلامات) كانت علامة التوحيد أكثر العلامات استخدامًا في الصورة الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية، وركزت المجلتين على إظهار جميع قتلاهم مبتسمين، تركز مجلتا "دابق" و"رومية" على استغلال الأطفال، فظهر الأطفال وهم يعدمون أعداء تنظيم الدولة الإسلامية، وهم يستخدمون السلاح، وهم يقرءون القرآن.

تستخدم مجلتا "دابق ورومية" جنود تنظيم الدولة الإسلامية لتجسيد هويتها، فجنودها "فرسان الشهادة"، المؤمنون بأن الإسلام يقوم على السيف، دائمًا يبتسمون وينظرون إلى من يطالع الصورة، لديهم حس فكاهي، وهم مع ذلك الجنود الذي ينثرون الرعب ويخلفون الموت بين أعدائهم، وهم لا يخافون الموت.

تستنتج الدراسة أن الخطاب في مجلتي "دابق" و"رومية" يتوافق ونظريتين للخطاب المرتبط بالإرهاب: النظرية التقليدية للإرهاب Orthodox Theory of Terrorism ونظرية "الدين كفلسفة نظرية للإرهاب" Religion as Political Philosophy of Terrorism Theory"، ويعتبر الخطاب في مجلتي "دابق" و"رومية" من أدوات تجنيد المتعاطفين مع تنظيم الدولة، حيث يبعث برسائل متعددة "لجمهورها المُتخيل" Imagined Audience.

إعلام ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية يحتاج المزيد من الدراسة، حتى وإن التنظيم اندحر في سوريا والعراق، فمقاتلوه موجودون في سوريا حسب التقريرات الأخيرة، وحتى وإن تم القضاء عليهم، فإن الطفرة التي حققها "داعش" في مجال استغلال الإعلام تستحق اهتمام الباحثين الإعلاميين.
الجريدة الرسمية