رئيس التحرير
عصام كامل

أرض الأهلي «بفلوس» ولكن !


في هذا المكان كتبت أمس مقالا بعنوان الأرض للأهلي "ببلاش" وللمصانع "بفلوس"، وتلقيت اتصالا من الكاتب الصحفي الأستاذ أسامة عبدالعزيز المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء، الذي نفي الواقعة جملة وتفصيلا، وأكد أن مجلس الوزراء لم يهدي النادي الأهلي أي أرض مجانا، والخبر الذي تناقلته بعض الصحف والمواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي عار تماما من الصحة، كما أكد ذلك الزميل والصديق شريف فؤاد المتحدث الرسمي للنادي الأهلي، وقال إن النادي لم يحصل على أراض مجانا وفروعه يدفع ثمنها، أما بالنسبة للاستاد فهو أمر استثماري بين الحكومة والمستثمرين العرب، وسوف تُمنح الأرض طبقا للضوابط الحاكمة للتصرف في أراضي الدولة.


رغم أنني سعيد بالاهتمام والرد وتوضيح الحقائق أمام الرأي العام، حتى لا نترك الفرصة للشائعات وإثارة البلبلة في المجتمع، خاصة في ظل هذه الظروف التي تخوض فيها قواتنا المسلحة حربا شرسا لتطهير البلد من الإرهاب، لكنني حزين لأنني فشلت في توصيل الرسالة من المقال السابق أو لأن كلامي فُهم خطأ.

ولذلك سأحاول طرحه مرة أخرى وبصورة موجزة:
أولا: أنا أكدت أنه لا مانع من منح الأرض مجانا سواء للأهلي أو غيره من الأندية، فليس لدينا أزمة في الأراضي، ومصر 90 % منها وأكثر صحراء جرداء، كما أن بناء ناد رياضي يُسهم في تنمية وتعمير المنطقة المحيطة به ويجعل لها قيمة وسعرا.

ثانيا: كان هدفي هو تسليط الضوء على مشكلة المدينة الصناعية المُعرضة للانهيار، بسبب تعنت صغار الموظفين، وما يُصاحب ذلك من خسارة كبيرة في إفشال مشروع يُسهم في توظيف 5 آلاف عاطل عن العمل، وأيضا إنتاج سلعة إستراتيجية مصر في أشد الحاجة إليها، كما يُوفر عملة صعبة كانت تُستنزف في الاستيراد، فالقضيةأابدا لم تكن النادي الأهلي، ولكنه جاء في جملة مفيدة في المقال حتى يُعطى للموضوع أهمية، وقد كان..

لذلك أتمنى من المسئولين الاهتمام بالمشكلة الرئيسية وهي أزمة أرض المدينة الصناعية، وأصحابها المُطالبون بسداد 8 ملايين جنيه خلال أسبوع، وإلا سوف يتم سحب الأرض وإلغاء المشروع (113 مصنعا)، فالرئيس يُوجه وزير الصناعة بإنشاء 4 آلاف مصنع صغير خلال هذا العام، ولدينا جهاز إداري قد يتسبب في إفشال مدينة صناعية بالكامل.

أما القضية الأهم التي أثرتها في المقال، فهي كيفية تعامل صغار الموظفين مع المستثمرين والصناع، بأسلوب يُفشل جهود كل قيادات الدولة العليا، التي تسعى لتهيئة مناخ الاستثمار وجذب مستثمرين جدد مصريين وأجانب.

ما زالت هناك نظرة ريبة وشك في رجال الصناعة والاستثمار سواء من الجهاز الإداري أو من وسائل الإعلام، وهذا تأثيره خطير جدا على البلد، وأدى إلى هروب كثير من رجال الأعمال بأموالهم للاستثمار في أوروبا ودبي والمغرب..

الدولة مشكورة أنشأت مراكز لخدمة المستثمرين في وزارة الاستثمار، وتتوسع فيه حاليا على مستوى الجمهورية، هدفه خدمة رجال الأعمال الجادين وصغار المستثمرين، وإنهاء إجراءاتهم بسهولة وسرعة من مكان واحد حتى تنقذهم من فساد بعض صغار الموظفين، وأتوقع أن يكون لهذا المركز مردود إيجابي على مناخ الاستثمار في مصر، ولكن سوف تظل الأرض هي المشكلة الأساسية أمام المستثمرين، ويجب الاستفادة من تجارب البلاد الناجحة في هذا المجال.

قيمة الأرض تمثل أكثر من نصف تكلفة المشروع، وبدلا من الاستفادة بقيمتها في زيادة إنتاجية المشروع وخلق فرص توظيف أكثر يدفعها المستثمر في الأرض، والحل الأفضل هو منحها مجانا بحق الانتفاع على أن يتحمل المستثمر قيمة المرافق، وبهذا نضمن الاحتفاظ بملكيتها وعدم التجارة فيها وتسقيعها وأيضا تشجيع الاستثمار.

إذا تعاملت الدولة مع الأرض على أنها وسيلة للتنمية وليست سلعة للتجارة سوف تنتهي مشاكلنا في الصناعة والزراعة والإسكان والإنتاج.
الجريدة الرسمية