رئيس التحرير
عصام كامل

«مذكرات مسافر».. تكشف جريمة قتل عمرها 18 عاما.. الشك يدفع الأب لقتل ابنه.. «الدفتر» كلمة السر.. الزوجة تتقدم ببلاغ للقصاص من القاتل.. والنيابة تقرر ضبط وإحضار المتهم

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

اتسعت عينا نوال واضطربت ملامح وجهها، وتسارعت دقات قلبها، عندما وقعت عيناها على عدة سطور كتبها زوجها المسافر في مذكراته الخاصة، تحمل اعترافا صريحا منه بقتل ابنهما الرضيع منذ سنوات طويلة.. عادت الأم الثكلى لقراءة السطور مرة أخرى لتكتشف أن زوجها يصفها بالخائنة، ويتهمها بإنجاب صغيرهما المتوفى سفاحا من صديق مقرب له.. دارت الدنيا من حولها، وكادت أن تفقد الوعي، ولكنها تماسكت وخلال دقائق معدودة بدلت ملابسها، وانطلقت إلى قسم الشرطة، حاملة مذكرات زوجها المسافر، وقدمت بلاغا تتهمه فيه بقتل طفلهما قبل 18 عاما.


قطار العمر
أمام ضابط المباحث جلست الزوجة الأربعينية تروى تفاصيل حكايتها قائلة: «مثل كل الفتيات كنت أحلم بالزواج من رجل أحبه ويحبنى وأعيش سعيدة في منزل مستقر، إلا أن قطار العمر جرى بى وتقدمت في السن، ولم يطرق فارس الأحلام بابى.. وقبل أن أفقد الأمل تقدم لى "ياسر"، وهو موظف في الحكومة يكبرني بنحو 7 سنوات.. وافقت على الفور نظرا لكبر سني، الذي تجاوز الثلاثين بشهور قليلة.. ليلة الزفاف رفض الاقتراب مني، وطلب التأكد من عذريتي عن طريق طبيبة نساء وتوليد، فوافقته حرصا على سمعتي.. في اليوم التالي أحضر لي الطبيبة، وبعد أن وقعت الكشف علي أخبرته بأننى عذراء، ولم يمسسني رجل قط، ورغم ذلك ظل شهرا كاملا لا يقترب مني، ولا يتكلم معي إلا قليلا».

الحمل

صمتت نوال قليلا قبل أن تستطرد: «بعد عدة محاولات انتظمت العلاقة الزوجية بيننا حتى ظهرت علىّ أعراض الحمل.. أبلغت زوجي بالخبر السعيد، ولكنه استقبله بفتور شديد، ولم تظهر على ملامحه أي علامات للفرحة، وعندما حان وقت الولادة لم يحضر معى إلى المستشفى، وتحجج بوجود عمل كثير لديه.. أطلقت على المولود اسم "أمين"، ولاحظت أن والده لا يلاعبه ولا يلاطفه مثل كل الآباء، بل على العكس كان يتعامل معه بلا مبالاة وكأنه ليس ابنه من صلبه.. وفجأة تبدل الحال، وأصبح أكثر إقبالا على الصغير، وأحضر له ملابس كثيرة، وألعابا مختلفة، وكان يقضي وقتا طويلا معه، وعرفت السعادة أخيرا طريقها إلى بيتى الصغير».

تنهدت الزوجة في ضيق وأضافت: «فجأة توقف ياسر عن ممارسة العلاقة الزوجية معي دون أسباب، وكان ينفر منى بشدة، ولا يطيق الجلوس بجواري.. حاولت أن أعرف السبب، ولكنه لم يقل شيئا.. تعايشت مع الأمر الواقع وقررت أن أشغل نفسى بابنى "أمين"».

صراخ الطفل
عادت "نوال" لصمتها مرة أخرى، وكفكفت دموعا غزيرة انهمرت من عينيها، ثم قالت بصوت متهدج: «ذات ليلة استيقظنا على صراخ أمين وكان عمره عامين تقريبا.. ذهبنا به إلى عدد من الأطباء، وأكدوا أنه يعاني من مرض خطير في القلب، وبعد أسبوعين فقط استيقظت في الصباح لأجده جثة هامدة بجواري.. أفقدتنى الصدمة القدرة على التفكير، بينما كان والده رابط الجأش، ولا تبدو عليه أي علامات حزن أو انهيار لفقدان ولده الوحيد».

وتابعت: «المهم تحولت حياتي إلى جحيم لا يطاق، وازدادت الفجوة بينى وبين زوجى، وأصبحنا لا نتكلم إلا نادرا.. طلبت منه أن نعود إلى حياتنا الزوجية الطبيعية لعل الله يرزقنا بطفل يعوضنا عن أمين، فأخبرني بمعاناته من الضعف الجنسي، ولن يتمكن من القيام بواجباته الزوجية.. مرت السنوات سريعا، حتى تجاوزت الـ"18 عاما"، وقرر زوجي السفر إلى شقيقته لقضاء بعض الوقت كنوع من "تغيير الجو".. بقيت وحيدة في المنزل وقررت أن أعيد ترتيب الأثاث به وتنظيفه، وبالصدفة وجدت صندوقا به أوراق كثيرة ولفتت نظرى "محفظة جلدية" بنية اللون، بداخلها بعض الأوراق القديمة، فاكتشفت أنها مذكرات لزوجي "ياسر" أقر فيها بأنه كان يخون صديقه المقرب مع زوجته، وبعد أن تزوجني كان صديقه هذا يزورنا باستمرار، فتخيل ياسر أنه يمارس الرذيلة معي، كما يفعل هو مع زوجته».

«وكتب يقول: "خايف اللي عملته يحصل مع مراتي.. وأكيد بيحصل.. مراتي الخاينة"، وكرر لفظ الخائنة كثيرا، ثم كتب في ورقة أخرى: "كنت عارف أن أمين مش ابني.. أنا ملمستهاش غير مرتين علشان تحمل مني.. كل ما أشوف الطفل بفكر في الانتحار.. عاوز أثبت خيانتها بس مش عارف".. ويوم اكتشاف مرض الطفل كتب في مذكراته: "دي علامة من ربنا علشان أقتل ابن الخاينة"، وبعد وفاة الصغير كتب: "كتمت نفسه مصعبش عليا.. يبقى أكيد مش ابنى.. لو ابنى كان قلبى حس بيه"».

بعد أن أنهت نوال حديثها، طالبت بالقصاص من زوجها القاتل، وقدمت المذكرات التي كتبها بخط يده، وقرر أحمد شلبى وكيل أول نيابة المرج، ضبط وإحضار المتهم، والتأكد من شركة مصر للطيران عن موعد وصوله للقاهرة، ومراجعة الأسماء.
الجريدة الرسمية